اخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقاريرغير مصنف

اليمن 2017 طريقٌ مسدود للسلام و2018 مزيد من المعارك والقليل من حلحلة الأمور

يرصد هذا التقرير أبرز التحولات السياسية للأطراف وتأثيرها على ملف السلام، والمجاعة. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
كان 2017 عاماً قاسياً على اليمنيين، فالبلاد انجرفت إلى أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، كما أن الحرب لم تتوقف واستمر طريق الأمم المتحدة بشأن السلام مسدوداً؛ وفيما اشتدت الغارات الجوية التابعة للتحالف، تضاعفت الغارات الأمريكية التي تحارب تنظيمي القاعدة وما يسمى “الدولة الإسلامية” عشرات الأضعاف مع وصول رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية إلى السلطة.
يرصد هذا التقرير أبرز التحولات  السياسية للأطراف وتأثيرها على ملف السلام، والمجاعة.
 
الحكومة والمجلس الانتقالي
 وفيما انتهى عام 2016 بعودة شبه كاملة للحكومة اليمنية إلى العاصمة المؤقتة عدن، شهد عام 2017 غيباً لهذه الحكومة، مع تفاقم التوترات بين الرئيس اليمني وحكومته والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، بعد أنَّ أقال عبدربه منصور هادي، محافظ عدن السابق عيدروس الزُبيدي ووزير الدولة “هاني بن بريك” من مناصبهم، والذي اتبعه حتى نهاية العام بتغيير معظم المحافظين للمحافظات الجنوبية.
تمكن الزُبيدي من حشد أنصار الانفصال وتوعد الحكومة بالإسقاط خلال خطاب للجماهير في “مايو/أيار” معلناً عن تدشين المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال المحافظات الجنوبية، معتمداً على “تفويض” تظاهرة أقيمت مطلع الشهر لـ”عيدروس الزُبيدي” في عدن، من أجل “الاستقلال”. وأثار هذا المجلس سخطاً حكومياً ودولياً، وانتقل الزُبيدي وقيادة المجلس الذين يمثلون معظم المحافظات الجنوبية والشرقية إلى السعودية ثمَّ إلى الإمارات، لكنهم عادوا في يونيو/ حزيران إلى عدن. وهدد الزُبيدي بإدارة المحافظات الجنوبية، متهما حكومة أحمد عبيد بن دغر بما وصفه بالعبث بحياة المواطنين وحرمانهم من الخدمات الأساسية. وفشل المجلس في كسب أي اعتراف إقليمي بما في ذلك الإمارات -كإعلان رسمي- وهو ما فاقم وضعه. ودفع الزُبيدي في أكتوبر/تشرين الأول إلى الإعلان عن عزم المجلس تنفيذ استفتاء وإعلان جمعية وطنية (برلمان) من 303 عضواً، وفيما تراجع عن فكرة الاستفتاء، أًعلن في ديسمبر/كانون الأول جلسة “البرلمان الخاص بالمجلس” وعيّن الزُبيدي قيادته.
ظل الرئيس اليمني بشكل شبه دائم في المملكة العربية السعودية، خلال 2017، في وقت زادت زيارات نائبه علي محسن الأحمر وهو جنرال قوي في البلاد إلى مناطق التماس مع الحوثيين. وشهدت جبهات القتال مع بداية العام تحركاً نحو المخا وتحريرها لكن العمليات العسكرية ضلت في تلك المنطقة على الساحل الغربي دون دخول مناطق جديدة حتى نهاية العام عندما تقدمت القوات باتجاه بلدة “الخوخة” المجاورة كأول مديريات محافظة الحديدة. ومع نهاية العام أيضاً تقدمت القوات الحكومية وحررت مناطق عسيلان وبيحان آخر معاقل الحوثيين في محافظة شبوة، كما شهدت جبهة نهم تقدماً شرق صنعاء، وفي الجوف عانت المعارك من شد وجذب في ماتبقى من بلدة خب والشعف.
تتهم الحكومة اليمنية، طرفاً في التحالف فيما يعتقد أنها الإمارات، بمحاولات إفشالها مراراً وتكراراً، وقال البنك المركزي اليمني (أغسطس/آب) إن ما أسماها «خلية التحالف العربي» تقوم بعرقلة عمله بمنع طائرة تحمل رواتب الموظفين من الهبوط في مطار عدن الدولي 13 مرة، في إشارة إلى الإمارات التي تدير عدن أمنيا. ووسع الحزام الأمني (الموالِ للإمارات) من سيطرته على المدينة كما عززت القوات الأخرى الموالية للدولة الخليجية من هيمنتها في شبوة وحضرموت وأبين ولحج.
 
مقتل صالح وفقدان الحوثيين للغطاء السياسي
كما شهدت جبهة الحكومة الشرعية تفككاً مع الاتهامات للإمارات العربية المتحدة بمحاولة استهداف السلطة وتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي. فقد عانى الحوثيون وحلفاءهم في حزب المؤتمر الشعبي العام من تفكك أشد وطأة انتهى بمقتل زعيم الحزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في (4 ديسمبر/كانون الأول)، بعد تصاعد موجة الخلافات بين شركاء الحرب الداخلية منذ بداية العام وتبادل الطرفان الاتهامات بتبديد المال العام والسيطرة على السلطة وإقصاء الآخر. واندلعت أولى الاشتباكات في أغسطس/آب عندما حشد حزب المؤتمر التابع لـ”صالح” في صنعاء للاحتفال بذكرى تأسيس الحزب واعتبره الحوثيون محاولة للانقلاب عليهم، وقتل أحد المقربين من “صالح” إلى جانب حوثيين في اشتباكات ليلية، وبفضل لجنة وساطة خف التوتر في صنعاء لكنه ظل في الزوايا الخلفية.
وحتى ديسمبر كان الحوثيون والقوات الموالية لـ”صالح” على موعد جديد مع الانفجار مع محاولة الحوثيين الاحتفال بالمولد النبوي الشريف نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وبعدها تجددت الاشتباكات بعد أن أعلن “صالح” نيته تحويل ولاءه للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، وفتح “صفحة جديدة”، وهو ما أثار سخط الحوثيين. وتمكن الحوثيون من حصر المواجهات في نطاق ضيق داخل المربعات السكنية للقوات الموالية لـ”صالح” ومنزله ومنازل أشقاءه وأبناءه وأبناء أشقاءه. وانتهت الاشتباكات خلال أربعة أيام بمقتل “صالح” وكبار معاونيه، وفي وقت لاحق من الشهر تمكنت عائلة صالح من الفرار إلى عدن ثم سلطنة عمان. كما تمكن عدد من قيادات الحزب من الفرار خارج صنعاء ووصلوا إما السعودية أو الإمارات أو القاهرة، أو مأرب.
وقال عادل الشجاع وهو قيادي في الحزب لـ”نيويورك تايمز” إن قرابة 50 قيادياً ما يزالون في صنعاء، 15 منهم يخضعون للإقامة الجبرية. وشن الحوثيون حملة شرسة على “صالح” وأنصاره في صنعاء واعتقلت وقتلت المئات من أنصار الحزب، حسب ما تقول منظمات حقوقية وإنسانية ومصادر في الحزب تحدثت لـ”يمن مونيتور” في أوقات سابقة.
فقدَ الحوثيون غطاءً سياسياً مع نهاية العام، وما يجعلهم يعانون في حال تطلب الأمر مفاوضات، وغادرت البعثة الدبلوماسية الروسية من صنعاء بعد مقتل “صالح” وهو ما أصاب الحوثيين بتوتر، لكن رغماً من ذلك تمكن الحوثيون من فرض سيطرتهم على العاصمة والمحافظات الخاضعة لسيطرتهم بالقوة.
 
الأمم المتحدة والمجتمع الدولي
انتهى عام 2017، مع جهود أممية بسيطة، وجلسات لمجلس الأمن أكثر توجساً من المستقبل مقابل القليل من حلحلة الأمور المُعقدة بالفعل. وتنقل المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد بين الرياض وأبوظبي وعدن وصنعاء (قبل أنَّ يعلن الحوثيون أنه غير مرحب به) كما زار طهران وموسكو ودول أخرى من أجل الملف؛ وقَدم مقترحاً من أجل ميناء الحديدة وتحييده بإدارة منفصلة وفيما وافقت الحكومة اليمنية على إدارة الميناء من قِبل سلطة ثالثة رفض الحوثيون.
عقدت الرباعية الدّولية (وزراء خارجية الإمارات والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة) عِد اجتماعات في لندن وفي الرياض، وكان اللافت هو إضافة سلطنة عُمان إلى الاجتماعات ويحضر “ولد الشيخ” تلك الاجتماعات.
تدخل الاتحاد الأوروبي كعامل في الصراع اليمني، وقادت ألمانيا مُدة من الوقت محاولات تقريب وجهات النظر، كما فعلت إيطاليا وبريطانيا، لكن لا يبدو أن كثيراً من التوافقات حدثت رغم جريان ماء كثيرة وما زالت.
وعززت روسيا والصين من دورهما في دعم الحكومة اليمنية التي يقودها عبدربه منصور هادي وقَبلت موسكو للمرة الأولى تعيين سفير لليمن منذ 2011 ما يعتبر تحولاً للانخراط في الأزمة، كما تمكنت أن الصين تقف خلف مبادرة ميناء الحديدة، وأرسلت أكثر من مرة مساعدات غذائية للمناطق المحررة، وأيضاً لمناطق سيطرة الحوثيين.
ومع دخول عام 2018 يعاني الحوثيون من العزلة، كما أنَّ الكثير من الدبلوماسية تبدو أقل الخيارات المتاحة منذ مقتل صالح.
 
أزمة إنسانية هائلة
أدت الحرب حتى نهاية 2017 إلى تشريد ما يقرب من ثلاثة ملايين يمني داخليا، وقتلت أكثر من 12 ألف شخص، وأصابت قرابة 50 ألفاً. تقول الأمم المتحدة إنَّ معظمهم من المدنيين، وعلاوة على الدمار الذي لحق بالبنية التحتية فقد فشلت الجهود الدولية من أجل إعادة صرف مرتبات الموظفين الحكوميين (مليون و200 ألف موظف) فمنذ أكتوبر2016 لم يستلم الموظفون رواتبهم في مناطق سيطرة الحوثيين.
وشهد 2017 تفاقماً للأزمة الصحية في البلاد فقد بدأت الأوبئة باجتياح السكان وأعلن مع نهاية العام عن إصابة أكثر من مليون يمني بوباء الكوليرا منذ ابريل/نيسان نفس العام أدى إلى وفاة أكثر من ألفي شخص معظمهم من النساء والأطفال، ومع جهود لمكافحة هذا الوباء انتشر وباء “الخناق” الدفتيريا مع نهاية العام وخلال الأسابيع الماضية قتل 35 شخصاً بالوباء.
وفيما يحتاج ثلثي السكان البالغ عددهم قرابة 30 مليون نسمة، للمساعدات الإنسانية العاجلة فإن أكثر من 30 في المئة من الناس يعانون من سوء التغذية الحاد “ويتوفى اثنان من كل عشرة آلاف شخص من المجاعة”. وبحسب تصنيفات الأمن الغذائي فإن المجاعة هي المرحلة الخامسة، وفي وقت سابق من هذا العام، وصلت سبع محافظات من أصل 22 محافظة في اليمن إلى المرحلة الرابعة. وأعلنت منظمة أوكسفام في نيسان / أبريل أن “العديد من المناطق في اليمن على شفا المجاعة”. وبالفعل، فإن تدھور الأزمة الإنسانیة المتدهورة أصلاً في اليمن ھو نتیجة للحسابات التي أجریت من قبل مجموعة معقدة من الجھات الفاعلة والضالعة في النزاع.
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى