ما حدث لصالح وحزبه، نهاية طبيعية لمسار اختاروه لـ33 عاما من عسكرة الدولة وهشاشة مؤسساتها، من العنف كوسيلة لإخضاع الخصوم والسلاح كأداة تلويح لفرض أمر واقع.
ما حدث لصالح وحزبه، نهاية طبيعية لمسار اختاروه لـ33 عاما من عسكرة الدولة وهشاشة مؤسساتها، من العنف كوسيلة لإخضاع الخصوم والسلاح كأداة تلويح لفرض أمر واقع.
كم من اكتوى بما زرعوه من حزن في كل محافظة ومدينة وقرية وعزلة على أرضنا الطيبة، اليمن السعيد، والتعيس في زمن حكمهم، بموهبتهم الفذة في توزيع طغيانه بالتساوي على جهات أفقية بهذا التنوع البشري والمناخي الرائع.
سبحان من ابتلانا بمنحهم مهمة إعاقة حركة مجرى الحياة السياسية والانتقال الطبيعي لمجريات الأمور، بمقدرتهم في تفكيك الكيان الوحدوي وشرخ النسيج الوطني والاجتماعي، وإفراغ الديمقراطية من جوهرها كقيمه لمجرد وسيلة.
ابتكارهم في تعديل الدستور لتصفير العداد، قدرتهم الفائقة في صد كل متغير للأفضل سياسيا وحضاريا، وتمكنهم من تعطيل عدالة السماء على الأرض، العدالة الاجتماعية، والصمود في وجه غضب البسطاء في ثورة شعب.
كانوا معا مبدعين، بفسادهم مبدعين، بنهبهم للثروة والحقوق مبدعين، في حشدهم لبعضنا ضد طموحنا وآمالنا مبدعين، في إعلامهم لتشويه الصورة وتلميع الزعيم مبدعين.
تفوق إبداعهم لينقلبوا على مخرجات حوار وطني يلبي شيئا من طموح وآمال الناس، بتحالف شيطاني مع كهنوت سلالي، لتكتمل الدائرة سيد وزعيم.
إبداع قدم صورة مزورة للحقيقة المرة التي اكتشفها البعض اليوم، عن هيلمان حشود السبعين والحرس الجمهوري والأمن المركزي، عن الكذبة الكبرى بالروح بالدم نفديك يا علي، وقبائل طوق صنعاء، والمركز المقدس، كم كان البعض مغفلا ومهووسا بالزعيم.
وحين اكتملت الدائرة لم تسعهم، فنقلب الزعيم وبطش به السيد، وكانت النهاية، الفخ الذي نحن فيه اليوم، جزء عزيز من الوطن يرزح تحت سلطة الكهنوت، ويطال أهلنا وذوينا ويلات القتل والتشريد واستباحت الأعراض وتفجير المساكن ودور العبادة، وكأنهم من بني صهيون، ليسوا من بني جلدتنا، جعلوا صنعاء وما حولها أراضا موحشة، جوع وعطش ومرض، لا راتب ولا كهرباء ولا صحافة ولا إعلام، ولا انترنت ولا شبكات تواصل اجتماعي بالعالم، تسيد الجهل.
صنعاء مدينة مكبلة بالسلاسل والقيود، مهانة يدوسها تلامذة المجوس.
كل قطرة دم تزهق من نفس ضحية لم تكن غير قربانا للسيد الكهنوت، للقضاء على الثورة والجمهورية والوحدة ورموزها، وكل ما يعبر عنها، صورة تعيد بالذاكرة لمشهد الثورة الخمينية، التي اجتثت كل رموز من يعارضها، وكل متنوع مختلف عنها، لتفرض العنف والبندقية بل المدفعية لتعزز حكمها، وترضي شهواتها، وتشبع جنونها، إنهم تلاميذها.
هل يدركون أن دوام الحال من المحال، وإنها لو دامت لغيرهم لما وصلت لهم، وإن عجلة الزمن دوارة، تضعف القوي، وتقوّي الضعيف، وإن الله مثل ما سخرهم لهزيمة الزعيم قادر أن يسخر الشرعية أو غيرها لهزيمتهم، وأننا سنظل في دوامة العنف والعنف المضاد، مهزوم اليوم ينتصر غدا، وهكذا ننتقل من مربع لمربع اشد خراب ودمار.
ننشغل بالحروب عن البناء والتنمية والنهضة والتقدم، لنقتل بعض ونزينه بشعارات وطنية وطائفية ودينية وأيديولوجية، ليتحول القاتل إلى قائد، والمجرم إلى بطل، والفاسد لزعيم، والسيد لثوري، والإمام لجمهوري.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.