(معهد واشنطن) روابط إيرانية وراء صاروخ الحوثيين الذي استهدف “أبوظبي”
يشبه الصاروخ الحوثي الذي أطلق صاروخ إيراني نوع “سومار” يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة:
قال معهد واشنطن الأمريكي لدراسات الشرق الأدنى إنَّ هناك روابط إيرانية وراء الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون باتجاه العاصمة الإماراتي أبوظبي الأحد الماضي.
وأشار المعهد في تحليل نشره على موقعه الإلكتروني إلى أنه وفي الثالث من كانون الأول/ديسمبر، أعلن المتمردون الحوثيون عن إطلاق “صاروخ كروز مجنّح جوال” على موقع بناء لمحطة براكة للطاقة النووية التي تقع على بعد 230 كيلومتراً جنوب غرب أبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد نفت السلطات العسكرية الإماراتية هذا الادعاء مؤكدةً أنها لم تتعرض لأي ضربة وأن منظومتها الدفاعية كانت لتعترض أي صاروخ يخرق الأجواء الإماراتية.
وأشار إلى أنَّ قناة “المسيرة” التلفزيونية التابعة للحوثيين بثّت لاحقاً شريطاً مصوراً يستعرض إطلاق صاروخ شبيه بالسيجار رُبط به محرك نفاث ومعزز صواريخ، انطلاقاً مّما بدا وكأنه منصةً متحركة. وعلى الرغم من أن محطة براكة كانت هدفه المزعوم، يبدو أن الهجوم باء بالفشل وفق ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابع القول: أنَّ طبيعة السلاح نفسها تثير أسئلةً مهمة حول علاقة إيران بالحوثيين. وكان هذا الصاروخ يشبه بشكل لا لبس فيه صاروخ “سومار” الجوال الذي يشكل نسخةً إيرانيةً من صاروخ “Kh-55” الروسي (ووفقاً لقاعدة البيانات الخاصة بعمليات نقل السلاح لدى “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام”، تم تهريب عدة صواريخ من نوع “Kh-55” عبر أوكرانيا إلى إيران منذ ستة عشر عاماً). ويشير الشريط المصور الذي عرضته قناة “المسيرة” إلى أن إيران ربما تكون قد زوّدت الحوثيين بهذا الصاروخ، علماً أنه لا يمكن التغاضي عن إمكانية حصول اليمن في الماضي على صواريخ “Kh-55” من السوق السوداء وأن يكون المتمردون قد استولوا على بعضها خلال الحرب.
وأشارت المعهد إلى أنَّ وزير الدفاع الإيراني كان قد افتتح إنتاج صواريخ “سومار” في ربيع عام 2015. وقد أفادت صحيفة “دي فيلت” الألمانية إلى أنه تم إجراء التجربة الميدانية الأولى للصاروخ في كانون الثاني/يناير 2017، وقد حلّق الصاروخ خلالها مسافة 600 كلم. أما المدى الأقصى لصاروخ “Kh-55” المنقول عنه صاروخ “سومار” فهو 2500 كلم ويمكن أن تصل سرعته إلى 860 كلم في الساعة. وتبعد محطة “براكة” الإماراتية نحو 1100 كلم عن أقرب موقع ممكن تم منه إطلاق الصاروخ في اليمن، مما يعني أن أي صاروخ “Kh-55” موجّه بسرعة تناهز سرعته القصوى يحتاج إلى حوالي الساعة والعشرين دقيقة لبلوغ هدفه، علماً أن رحلته بمعظمها تمر فوق المملكة العربية السعودية – الحليف الرئيسي للإمارات في التحالف الخليجي ضد الحوثيين المدعومين من إيران.
ولفت إلى أن الصواريخ الجوالة تحلّق عادةً على علوّ منخفض (قرابة المائة متر فوق سطح الأرض بالنسبة إلى صواريخ “Kh-55”) ويصعب كشفها، ويعتمد ذلك على نظام التوجيه الخاص بها. ومن غير المعروف ما هو نوع نظام التوجيه الخاص بالصاروخ الظاهر في شريط قناة “المسيرة”.
وتابع القول: “إذا كان الصاروخ الحوثي المزعوم إطلاقه هو من نوع “سومار”، فمن المفترض أن يكون قد تم تهريبه إلى الحوثيين في إطار مخطط غير معروف بعد. ونظراً إلى ميزة الصواريخ الجوالة من حيث المدى الذي تتمتع به بالنسبة إلى حجمها وتفوّقها بالتالي على الصواريخ البالستية، سيكون من الأسهل على «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني أو قوات البحرية الإيرانية نقل الصواريخ الجوالة. وعلى أي حال، فإن تأكيد مسألة تهريب الصواريخ الجوالة سيشكل تصعيداً كبيراً في المساعدة التي تقدمها إيران للحوثيين”.
وقال: أما بالنسبة لما آلت إليه ضربة الثالث من كانون الأول/ديسمبر، فتُظهر الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي شظايا صاروخية لا تتعدى محافظة الجوف شمالي اليمن، مما يدل على أن الصاروخ مُني بالفشل في بداية رحلته المزعومة. ومن المثير للاهتمام أن إحدى تلك الصور تُظهر رأساً حربياً متشظّياً غير منفجر – ويعتبر هذا النوع من الرؤوس الحربية خياراً غريباً في صاروخ موجّه على مفاعل نووي، على الرغم من أن الحوثيين ليسوا في وضع يخوّلهم طلب رؤوس حربية مخصصة لأهداف محددة.
وعلى الرغم من أن الضربة المزعومة باءت بالفشل – مع احتمال أن تكون مجرد خبر ملفّق بالكامل من قبل الحوثيين، لاسيّما وأن لهم سوابق في تضخيم المعلومات حول منظومات الأسلحة وتعظيمها – إلّا أنّه لا يجدر التغاضي عن خطر وقوع هجمات مستقبلية بالصواريخ الجوالة طويلة الأمد من اليمن. فالتصدي لهذه الأسلحة أكثر صعوبة من التصدي للصواريخ الباليستية، وإطلاق مثل هذه الصواريخ على دولة الإمارات قد يُرغم الشركاء الخليجيين على اعتماد منظومات صاروخية دفاعية أكثر كلفة وتعقيداً من أجل التصدي لأي تهديد متعدد الجبهات.
ومن شأن هذه الحادثة أيضاً أن تزيد المراقبة على برنامج إيران الصاروخي، مع أن النظام الإيراني سيواصل على الأرجح وبشراسة مساعيه الهادفة إلى إعادة التسلح وخطاباته الرادعة بصرف النظر عن الضغوط الدبلوماسية. وقد برز هذا الموقف في 25 تشرين الثاني/نوفمبر حينما وجّه نائب قائد «الحرس الثوري الإسلامي» حسين سلامة تهديداً مباشراً باستهداف أوروبا بصواريخ باليستية طويلة المدى إذا ما واصل القادة الأوروبيون دعوتهم للتفاوض بشأن الجهود التطويرية التي تبذلها طهران على هذا الصعيد.
واختتم بالقول: إن أي دليل على أن إيران قد أعطت الحوثيين صاروخاً من نوع “سومار” – وهو من أحدث أسلحتها وأكثرها تطوراً – سيشير على الأرجح إلى أن طهران تسعى إلى إقامة شراكة استراتيجية مع المتمردين من أجل الرد على كل من التحالف الذي تقوده السعودية وعلى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وإذ تفيد بعض التقارير حالياً أن جبهة الراحل علي عبدالله صالح – التي تسيطر على غالبية منظومات الصواريخ – تبتعد شيئاً فشيئا عن الحوثيين، إلّا أنّه يمكن توقع ازدياد الدعم الإيراني المباشر لهم خلال الأشهر المقبلة.