غموض يكتنف مستقبل حزب “المؤتمر” بعد مقتل زعيمه على أيدي الحوثيين
بعد تحالف دام 3 سنوات، أجهز المسلحون الحوثيون على حليفهم في الحرب والسياسة علي عبدالله صالح. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
قُتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وترك حزبه “المؤتمر الشعبي العام” يتلاشى في دوامة الصدمة، خشية انتقام الحوثيين، وتفكك الحزب وانخراطه في صفوف الجماعة المسلحة التي اغتالت رئيسه.
وقال عضو بحزب المؤتمر في صنعاء إن حالة حزن وإحباط كبيرين في أوساط أعضاء وقيادات الحزب في صنعاء والمحافظات اليمنية الاخرى بعد مقتل الرئيس صالح من قبل جماعة الحوثي المسلحة.
وأضاف العضو لـ”يمن مونيتور”، مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، “إن الكثير من القيادات والأعضاء في حزب المؤتمر يخشون من الاختطاف والملاحقات من قبل جماعة الحوثي الذين يستقوون بانفرادهم بالهيمنة على صنعاء بقوة السلاح، بعد التخلص من اللاعب الأقوى، صالح”.
وحمل حزب المؤتمر اليمني في صنعاء، بُعيد مقتل زعيمه، ما أسماها الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة وقيادة “الحوثيين”، مسؤولية سلامة وأمن قيادات وكوادر المؤتمر في العاصمة، والمحافظات والمديريات والدوائر، وأعلنت قيادة المؤتمر أنها ستظل في حالة انعقاد دائم بالعاصمة صنعاء.
وقُتل “صالح” وعدد من قيادات حزبه، أمس الاثنين، جنوبي العاصمة صنعاء في كمين على الطريق بعد أحاديث فُسرت على أن الرجل بدل ولاءه في الحرب من حلفائه الحوثيين إلى التحالف الذي تقوده السعودية منذ الـ21 من مارس 2015.
وخلال الثلاث السنوات الماضية، نجح الرئيس السابق صالح، في إبقاء قطاع كبير من أعضاء حزبه ضمن دائرة المؤيدين له، غير المعترفين بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، عوضاً عن شبكة تحالفات صالح القبليّة التي مكنته من البقاء طرفا رئيسا في اليمن قبل أن يلقى حتفه على أيدي حلفائه الحوثيين.
وبمقتله، يكون الحزب أمام تحدٍ بالغ الصعوبة، وخيارات محدودة للغاية، فيما يكتنف الغموض مستقبله السياسي بعد أن خسر أبرز قياداته الذين قتلوا إلى جانب زعيمه.
التهام الحزب
مستشار وزير الإعلام اليمني، مختار الرحبي، يرى أنه من المبكر الحديث عن مستقبل حزب المؤتمر الشعبي العام، خصوصاً أن الحزب كان منقسم بين الشرعية بقيادة عبدربه منصور هادي، وآخرين يدينون بالولاء لـ”صالح”.
وقال في تصريح لـ”يمن مونيتور”: “بعد الغدر بصالح من جماعة الحوثي، فإن الحوثيين لديهم قيادات في الحزب يحاولون استمرار التحالف بينهم لكي يكون غطاء لبقائهم في قيادة مؤسسات الدولة المنهوبة، وهذا سيشكل خطراً على الحزب، حيث سيتم التهام الحزب من قبل الحوثيين”.
ورجح “الرحبي” أن تعلن قيادات في حزب المؤتمر انضمامها للمؤتمر الشعبي العام التابع للشرعية اليمنية بقيادة الرئيس هادي، وهذا سيجعل الحزب ينجو من مؤامرات الحوثي، داعياً كل قيادات المؤتمر إلى إعلان انضمامهم للشرعية ليتوحد الجميع ضد العدو المشترك “الحوثيين”، وهناك فرصة لبقاء الحزب كتلة واحدة بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، حسب تعبيره.
اختراق الحزب
يقول الكاتب والمحلل العسكري علي الذهب، إن حزب المؤتمر الشعبي العام يمر بظرف استثنائي، لافتاً إلى أنه بات مخترقاً من قبل الحوثيين أو على الأصح من قبل الموالين لهم، لكن هذا الوضع لن يدوم، وهو مرتبط بمجريات الحرب، فضلا عن كون الحزب منقسم بين طرف يقف إلى جانب الحوثيين في مواجهة التحالف، وطرف آخر يقف من الشرعية تحت مظلة التحالف العربي.
ورأى “الذهب” أن مستقبل الحزب مرهون بنتائج الحرب، ويعتقد أنه في وضعه الحالي فقد الكثير من مقومات بقائه، لكن في الأساس اعتمد على نفوذ الرئيس الراحل علي صالح، وقواته العسكرية والإعلامية، وهذا ما لم يعد قائماً الآن.
وحول سؤال “يمن مونيتور” عن مصير القوات العسكرية التي كانت تدين بالولاء للحزب وقياداته، أكد المحلل العسكري أن “قوات الحرس الجمهوري اليوم، تخضع لقادتها، وهؤلاء القادة هم من يحدد اتجاهها، لكنها، كذلك، خاضعة لعدد من القيود، تتعلق بالانتماء المذهبي، والمناطقي، والحزبي، وما فرض على قادتها من هيمنة حوثية، عن طريق المشرفين والمراقبين الحوثيين، الذين يحدون من حركة قادتها الأساسيين”.
وتابع: “في الغالب لم يعد هناك قادة سابقين، كما أن معظم منتسبي الحرس انقسموا على أنفسهم، فمنهم من التحق بالشرعية، ومنهم من لزم بيته، وأعتقد انه قد ينضم البعض منهم إلى صفوف الجيش الوطني، أو يجري ترتيب الحرس في إطار كيان جديد، يقوده ضباط من صفوفه لكن ذلك لم يتضح بعد”.
صفحة جديدة
الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، دعا أمس الاثنين، قواعد وقيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، إلى التوحد خلف قيادات الشرعية الدستورية التي كانت وستظل خيمة وطنية لكل أبناء الوطن من المهرة إلى صعدة، مشددا على ثقته في انتصار الشعب اليمنى في المعركة التي يخوضها، مطالبا “بفتح صفحة جديدة والوقوف جميعا ضد عصابات الحوثي. حسب قوله.
وقال هادي إن اليمن تمرُّ بمنعطف مصيري وحاسم يتطلب منا جميعاً مزيداً من التماسك والصلابة ومواجهة تلك المليشيات الطائفية السلالية”، في إشارة إلى الحوثيين.
وفي تغريدة مقتضبة على موقع التدوين المصغر “تويتر” حمل رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، جماعة الحوثي المسؤولية عن حياة المعتقلين من أعضاء المؤتمر، مطالباً جامعة الدول العربية ومجلس الأمن بالتدخل لوقف الاعتقالات والإفراج عن المعتقلين، كما طالب من المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان إدانة الاعتقالات وما يرافقها من إهانات وتعذيب للمعتقلين أعضاء المؤتمر في سجون الحوثيين.
أحمد.. أبرز المرشحين
ويبدو أن الكثيرين، بمن فيهم التحالف العربي، يعولون على العميد “أحمد علي صالح”، النجل الأكبر للرئيس الراحل، لملء الفراغ الذي تركه رحيل والده في هرم الحزب، لكن كثيرين يعتقدون أن أحمد شخصية عسكرية لا تميل للعمل السياسي، وهذه معضلة اخرى تواجه مستقبل الحزب، إذْ بات جسماً كبيراً بلا رأس.
بن دغر دعا في وقت سابق أمس، نجل الرئيس اليمني السابق العميد “أحمد علي عبدالله صالح” إلى التسليم بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، بعد يومين من مقتل والده.
وقال “بن دغر” في برقية عزاء لـ”آل صالح”: “نحن جميعاً أمام مسؤولية وطنية وتاريخية مصيرية، تحتم علينا أن نوحد جهودنا وتلاحمنا وتماسكنا لمواصلة دربه (يعني صالح).. إنها فرصة تاريخية لن تتكرر إذا أهدرت، وليس هناك من قيادة شرعية تحوز تخويلاً وطنياً، ودعماً إقليماً، ودولياً سوى شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي. إنني أدعوكم (مخاطباً أحمد صالح) بصراحة أن تفكروا جيداً فيما آلت اليه الأمور، وأتمنى من الله أن يلهمكم التوفيق في قراركم”.
والاثنين الماضي، أعلن المسلحون الحوثيون مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حليفهم على مدى ثلاث سنوات في الحرب والسياسة، مبررين هذه الجريمة بأنها “وأد للفتنة ومشاريع التخريب”.
وفي أواخر أيامه، أبدى صالح عداوة واضحة لحلفائه الحوثيين وميولاً نحو التحالف العربي بقيادة السعودية، طالباً الأخيرين بفتح صفحة جديدة، وهو الأمر الذي أزعج الحوثيين وشعروا معه أنهم المستهدفين رقم (1) من هذه التحركات.