اليوم، هناك مشروعان، وهناك اختياران لا ثالث لهما، من مع التغيير والتحول ومخرجات الحوار الوطني للحفاظ على الجمهورية والثورة والديمقراطية والسيادة ووحدة الوطن ومشروع الكهنوت والإمامة والاستبداد والاضطهاد والارتهان لمشاريع الموت والاقتتال.
قُتل صالح اللاعب البارع على التناقضات، الصانع الماهر للمنعطفات، قُتل وهو الذي تمنى ثوار الربيع العربي وأحرار الجمهورية والثورة والديمقراطية موته لثلاثة عقود من الزمن، وعندما رأى البعض فيه أمل للخلاص من الكهنوت والجهل والتخلف لثلاثة أيام فقط قُتل، وكان الأمل في اليمن محكوماً عليه بالموت.
قُتل وهو قاتل كل بادرة خير تشع لتضيء حياة أرضنا الطيبة من الشهيد إبراهيم الحمدي لقوافل من شهداء التغيير والديمقراطية ورفض الوصاية والتوريث والثورة الشبابية والمقاومة الشعبية للانقلاب والمقاومة الجنوبية لاجتياح الجنوب.
قتل لنطوي حقبة من حكمه المثيرة للجدل، الأشد استبدادا وهيمنة، حكم بلد بماض عريق في حضارته، أغرقه بالثارات والأحقاد والفجور في الخصومة، مزق نسيجه الوطني والاجتماعي، حقنه بالجهل والتخلف والمرض المطلي بشعارات وطنية زائفة وثقافة هشة وفكر سلبي متناقض مع الواقع والمرحلة وعقلية تنظر للخلف وتستعيد حكايات ماضيها الأليم وارثها البالي العقيم.
اذكروا محاسن موتاكم، قتل بعد أن قرر تصحيح وضع الانقلاب الذي هندسة مع الكهنوت، كما قال البعض؛ قرر أن يختم حياته بشيء جميل يذكر يشفع له ماضية، وقتل ونحن نتمنى أن لا يقتل قبل أن يفكك معنا كهنوته ونستكمل معا انتفاضة صنعاء، وقتل وأخلاقنا تحكم أن تنتهي هنا معه خلافاتنا، ونقول: يرحمه الله، حسابه لم يعد بأيدينا، ولكن بات بيد أرحم الراحمين، ونبدأ نعدّ لمرحلة ما بعد صالح والزعيم.
قتل في لحظة عصيبة، لانتفاضة شعب ضد كهنوتي وظلامي وعفن في فكره وثقافته وسلوكه، توغل في مؤسسات الدولة، استولى على كل مقدرات البلد عسكرية ومدنية، خصم عنيد مكشر أنيابه ومخالبه، محتمي بالطائفة وجزءا من القبيلة، أطماعه لا حدود جغرافية لها، يهدف لابتلاع الكل، خصم بمقتله تصدر المشهد وتحرر من تحالفات وبؤر الاختراق، ليتسيد الموقف والمواجهة مع الثورة والحرية والديمقراطية والجمهورية.
وفي المقابل، تقف الشرعية اليوم في تحديات كبيرة، لتتحمل مسئولية دعم وانتصار الانتفاضة الشعبية، اليمن لا يحتمل تعدد الشرعيات، ولا يحتمل تمزيق القوى الوطنية قوى الثورة والجمهورية، لا شرعية اليوم غير مواجهة عدو واضح المعالم والفكر والمشروع، مواجهة الإمامة والكهنوت بفكرها وسمومها، مواجهة إخراج اليمن عن حضنها العربي، ونظامها الجمهوري، وتنوعها الثقافي والفكري والطائفي والسياسي، لتصبغ بلون وفكر واحد، وتعود لعهد بائد، أنها شرعية التحدي التاريخي للحفاظ على الديمقراطية والثورة والجمهورية ومخرجات الحوار الوطني والدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة.
لم يعد لأحرار اليمن وثوارها غير شرعية الرئيس عبدربة منصور هادي، ليكونوا فيها، تصحيح مسارها ودعمها، كمظلة للقضاء على شرعية الأمر الواقع الكهنوتية، الشرعية مؤسسة تحمل مبدأ وقيم في مشروع وطن، ليست أفراد، الأفراد زائلون في أول صندوق انتخاب نزيه وأمين، العداء للشريعة هو عداء لمشروعية التحول والتغيير، التي تعطينا الحق القانوني والدستوري والدعم الإقليمي والعربي والأممي لنكون أو لا نكون.
اليوم، هناك مشروعان، وهناك اختياران لا ثالث لهما، من مع التغيير والتحول ومخرجات الحوار الوطني للحفاظ على الجمهورية والثورة والديمقراطية والسيادة ووحدة الوطن بما يرتضيه الشعب، صاحب الحق في الفصل، ومن ضد كل ذلك مع الكهنوت والإمامة والاستبداد والاضطهاد والارتهان لمشاريع الموت والاقتتال بالنيابة عن صراع إقليمي يهدف لتدمير الأمة العربية والإسلامية.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.