علي عبدالله صالح.. نهاية حقبة “الراقص على رؤوس الثعابين” في اليمن
استمر في رقصته الأخيرة حتى قُتل على يد حلفاءه خارج صنعاء وهو يحاول الفرار إلى مسقط رأسه. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص
لطالما ردد الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، الذي أعدمه الحوثيون اليوم الاثنين، هذه العبارة، أنَّ الحكم في اليمن أشبه بالرقص على رؤوس الثعابين؛ واستمر في رقصته الأخيرة حتى قُتل على يد حلفاءه خارج صنعاء وهو يحاول الفرار إلى مسقط رأسه.
رقص “صالح” على رؤوس “حنشان الظمأ” حتى سقط صريعاً على يد مسلحيهم، وأربعة من كبار معاونيه. وقال مصدر في المشفى العسكري بصنعاء إنَّ جثة “صالح” ونجل شقيقه “طارق” واثنين من قادة حزبه “ياسر العواضي” و “محمد القوسي” وصلت إلى ثلاجات المشفى.
إنه يومٌ مظلم وكثير من الآلام تراود أنصاره ومحبيّ الرجل الذي حكم اليمن 33 عاماً وهي أفقر بلدان الشرق الأوسط؛ حتى أسقطته ثورة شعبية في فبراير/شباط 2011م خرج منها مرُغماً موقعاً اتفاقاً يفضي إلى تنازله عن السلطة لنائبه “الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي” لكن الرجل سرعان ما بقيّ داخل اليمن رغم وجود حصانة من ملاحقته القضائية. وعمل جاهداً على إسقاط حكم “هادي” واستهداف ثورة التغيير السلمي في البلاد. وتحالف صالح من أجل ذلك مع ألد أعداءه جماعة الحوثي المسلحة التي حاربها 6حروب (2004-2010).
تمكن “صالح” من خلال شبكة تحالفات معقدة مع شيوخ القبائل ورجال الأعمال من تسريع دخول الحوثيين إلى صنعاء، فهدم قبيلة حاشد واستوطنوا منازل “آل الأحمر” التي فُجر منزل كبيرها الشيخ الراحل عبدالله الأحمر، وتقدم جحافل الحوثيين إلى عمران حيث قُتل قائد اللواء 310 (الشهيد حميد القشيبي) الذي حذر مراراً من أنَّ تجاوز الحوثيين عمران معناه سقوط كل اليمن؛ وبالفعل حدث ذلك فبعد عِدة أشهر كان الحوثيون سيطرون على صنعاء وكل اليمن معها.
عُرف “صالح” بخداعة إذ تحالف وحارب الجميع: تحالف مع السعوديين وغدر بهم وتحالف مع الناصريين وقتلهم، وتحالف مع الإصلاح وشرد بهم، وتحالف مع الحوثيين حتى أعلن انقلابه عليهم فقتلوه “متحملاً لما سولت له الرياض وأبوظبي” كما جاء في بيان مجلسهم السياسي بعد أيام من اشتباكات طاحنة وسط العاصمة.
تمكن الحوثيون قَبل مقتله، من السيطرة على الألوية العسكرية الموالية لـ”صالح”، وعبثوا بسلطاته وسيطروا على قيادات في حزبه، فأصبح مُسيراً لا مخيراً وعندما قرر الابتعاد عنهم والتحالف مع أعدائه وأعدائهم أعلن حرباً ضدهم فبطشوا به وأنصارهم فقتل العشرات واُعتقل المئات، كما حدث أيضاً مع الحوثيين في صنعاء، خلال خمس ليالٍ جنوب المدينة المضطربة التي مثلت مركزاً لتحالفهم الهش خلال ثلاث سنوات.
خلال فترات حكمه الـ33 عاماً قالت الأمم المتحدة أنه جمع ثروة تقدر قيمتها ب65 مليار دولار، أنكر صالح ذلك، لكن بعد مقتله ستبدأ الحقائق بالاتضاح، تتواجد معظم ثروته كاستثمارات في الخارج كما تتواجد عائلته بين بيروت وأبوظبي ودبي وباريس؛ عندما خرج الشباب في الربيع اليمني في 2011م اتهم صالح بقتل الآلاف من المتظاهرين السلميين، كما اُتهم بتعذيب المئات في السجون؛ وتمكن صالح عبر المبادرة الخليجية التي قدمت له الحصانة من الملاحقة القانونية من الإفلات من كل تلك الاتهامات؛ ويبدو أنَّه لن يتمكن من الوقوف أمام محكمة في الأرض فقد نفذ الحوثيون حكمهم عليه وكانوا مستعدين منذ أعوام لجعل ذلك يتحقق.
ترك صالح اليمن في النفق المظلم الذي أدخلها إليه، لرغبته بالانتقام من خصومه التقليديين الذين دعموا ثورة الشباب وهم لفيف من الأحزاب والقبائل والقادة العسكريين. يزداد هذا النفق ظلاماً ووحشة مع انعدام وجود أي أمل “اتفاق سياسي” ينقذ الحالة الإنسانية المتفاقمة مع 7 ملايين جائع وقرابة مليون أصيبوا بالكوليرا وأكثر من 23 مليون نسمة بحاجة للغذاء حسب تقارير منظمة الأمم المتحدة.