(ستراتفور) دوافع الإمارات الخفية في اليمن واستهداف “الإصلاح” ستفشل في نهاية المطاف
خلص إلى أن من الممكن أن تظهر حكومة في صنعاء إذا ما تم التوصل إلى حل سياسي ليست صديقة لأبوظبي يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
سلطت دراسة جديدة لمعهد ستراتفور الأمريكي المعني بالشؤون المخابراتية والدولية إلى دوافع ومخاوف الدور الإماراتي في اليمن.
وتخلص الدراسة إلى أنَّ الإمارات ستواصل استهداف حزب الإصلاح، بتهمة كونه فرع الإخوان المسلمين في اليمن، كجزء من حملة أوسع ضد الجماعة وفكرتها. مشيرةً إلى أنَّ الحملة ستقوض حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وتُعَقد أي تسوية سلمية وتزيد من خطر ردود الفعل على الإمارات وحلفائها في التحالف العربي الذي تقوده السعودية. وعلاوة على ذلك، فإن الجهد الإماراتي سيُمَكّن في نهاية المطاف أعضاء الإصلاح – وربما يمكن أيضاً تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية – بدلا من إضعافهم.
وحسب ترجمة لـ”يمن مونيتور” فمنذ خوض الحرب الأهلية في اليمن منذ أكثر من عامين، كافحت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها لاستعادة سلطة الرئيس المحاصر عبد ربه منصور هادي. ولم يثبت المتمردون الحوثيون اليمنيون أنهم خصوم عنيدون، لكن أيضاً الإمارات – الشريك العسكري الأكثر نشاطا مع المملكة العربية السعودية – كشفت أيضا عن أولويات استراتيجية في اليمن غالبا ما تختلف عن الرياض. ومن أبرزها حملة أبو ظبي المتصاعدة ضد التجمع اليمني للإصلاح.
وحذر المعهد من أنه وبينما تكثف الإمارات جهودها الرامية إلى إسقاط “الإصلاح”، فإنها تقوض أي تسوية سلمية يؤيده التحالف، في وقت سمحت لنفسها بدعم الجماعات المسلحة في جميع أنحاء البلد الذي مزقته الحرب.
القضاء على التهديد الوجودي
وتابع المعهد الأمريكي أن: من المناسب الإشارة إلى اسم الحزب الذي يعني “الإصلاح” بكونه “تجمع” يجمع تشكيلة واسعة من القبائل ورجال الأعمال المحليين والقادة السياسيين الذين يسعون إلى “إضفاء طابع إسلامي” على الحياة العامة في اليمن. ومنذ تشكيله بعد توحيد البلاد عام 1990 كان الحزب عرضة للاستهداف والمنازعة ما دفعه إلى التبديل بشكل منتظم داخل البيئة السياسية المعقدة في اليمن. وهذت الاتجاه واضح في علاقات الإصلاح مع الإدارات الأخيرة في صنعاء: وبمجرد أن كان مؤيدا للرئيس السابق علي عبد الله صالح، سرعان ما انقلب الحزب ضده في عام 2011 خلال الربيع العربي.
وأشار المعهد بالقول: “وفي نفس الأحداث وموجة الاحتجاجات، بدأ الفرع الإماراتي بالتحرك داخل الأجزاء الصلبة في دولة الإمارات. فما كان من ولي عهد أبوظبي إلا استعراض غير مسبوق للقوة، وأمر بالقبض على عشرات المواطنين الإماراتيين؛ بما في ذلك أحد أعضاء العائلة الحاكمة. موجهاً لهم اتهامات التعاطف مع “جمعية الإصلاح” والإخوان المسلمين؛ إلا أنَّ إجراءات القمع التي طالت واستهدفت الكثير كانت مجرد مؤشر على بدء حملة أضخم بكثير ضد جماعة الإخوان المسلمين ومنتسبي هذه المدرسة الفكرية التي تعتبرها الإمارات نمطاً شعبياً من الإسلام السياسي الذي يعتبر تهديد وجودي للسلطات. سرعان ما بدأت الإمارات بعد ذلك في توفير الدعم لخصوم الإخوان في كل من مصر وليبيا وقطر وتونس”.
ولفت إلى أنه وبعد سنوات قليلة، كان من الواضح أنَّ المملكة العربية السعودية انساقت وراء الإمارات وتبنت نفس أسلوبها في التفكير. حتى أن الملك عبد الله بادر في عام 2014 بإعلان التجمع اليمني للإصلاح في اليمن منظمة إرهابية. إلا أن تغلب الحوثيين وتمكنهم من الاستيلاء على مقاليد الأمور في اليمن في العام التالي فرض على الرياض تليين موقفها تجاه الإصلاح، وخاصة بعد وفاة العاهل السعودي في عام 2015. ونظراً لأنه بات يواجه تهديداً وجودياً وعقائدياً من الحوثيين الزيدية، حول التجمع اليمني للإصلاح ولاءه نحو حكومة هادي وباتجاه التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية – الذي تدخل في الصراع الدائر في اليمن في إبريل 2015 عاقداً العزم على تمكين الرئيس من الاحتفاظ بموقعه في السلطة.
حلفاء اختلفوا في الأعداء
وقال المعهد إنه “ومن السطح يبدو أنَّ السعودية والإمارات تسعيان إلى تحقيق نفس الأهداف في اليمن، فكلاهما يأملان في تنصيب حكومة موالية في صنعاء تكون مواقفها ودية تجاه مجلس التعاون الخليجي. وكلاهما يريدان إلحاق الهزيمة بالحوثيين، وتقليص النفوذ الإيراني، وإطفاء جذوة المتشددين المحليين بما ذلك منتسبي تنظيم القاعدة ومنتسبي تنظيم الدولة الإسلامية التي بدأت براعمها تتشكل داخل البلاد. ولكن، فيما وراء ذلك تبدأ أهداف البلدين بالذهاب في اتجاهات متباينة”.
وبشكل دائم دأبت الإمارات على تزعم الدعوة الى نمط من الإسلام أكثر اعتدالاً من ذلك الذي تتبناه السعودية. العديد من العائلات الحاكمة بما في ذلك آل نهيان في أبوظبي وآل مكتوم من دبي هم من أتباع المذهب المالكي وهؤلاء ما فتئوا تاريخياً يشتبهون في التيارات الأخرى التي تمثلها السعودية بما في ذلك الإخوان المسلمون والسلفيين الوهابيين. أيضاً هناك من يشير إلى أن آل نهيان يعملون على توجيه ولي عهد المملكة العربية السعودية الطامح الأمير محمد بن سلمان بعيداً عن السلفية المحافظة التي طالما هيمنت في الرياض والتي ما لبثت أن أفرزت نتوءات أيديولوجية في مختلف أرجاء المنطقة وتمخضت عنها تنظيمات مثل القاعدة والدولة الإسلامية.
وقال: يعكس النهج الذي تنتهجه الإمارات في اليمن إلى انعكاس لهذه الخطة الدقيقة. فبينما تهدف السعودية استعادة الأمر الواقع السياسي الذي كان قائماً في اليمن قبل استيلاء الحوثيين على صنعاء، تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى تغيير المشهد السياسي في البلاد حتى يصبح طوعاً لمصالحها ومنسجماً مع رؤيتها. ولتحقيق هذه الغاية، عملت الإمارات العربية المتحدة – التي ترقد بأمان بعيداً عن التماس المباشر مع اليمن وقد فصلتها عنه كل من السعودية وعمان – على حرمان خصمها الأيديولوجي، أي جماعة الإخوان المسلمين، من الغطاء السياسي الذي تتمتع به هنا، ألا وهو التجمع اليمني للإصلاح.
الحملة ضد حزب الإصلاح
وتابعت الدراسة القول: فعلى مدى العامين الماضين شنت الإمارات حرباً صامته ضد التجمع اليمني للإصلاح، وركزت جهودها للسيطرة على مدن وموانئ جنوب اليمن وفي نفس الوقت تدعم المقاتلين الانفصاليين في المنطقة لتمكينهم من كسب التأييد محلياً. ثم عمدت أبو ظبي إلى استخدام هذه القوات، التي أطلقت عليها اسم “الحزام الأمني”، لإلقاء القبض على المئات من المواطنين اليمنيين ممن تربطهم صلات بالتجمع اليمني للإصلاح أو غير ذلك من أشكال الإسلام السياسي واعتقالهم في شبكة لا تقل عن ثمانية عشر سجناً موزعة في أرجاء المناطق الجنوبية من البلاد.
وفي بعض أجزاء الحزام الأمني ركزت الإمارات على محاربة تنظيمي القاعدة “والدولة الإسلامية” التي يجول مقاتلوهما بشكل متزايد في الصحاري والتلال الواقعة خارج مدن الجنوب اليمني. إلا أن الإمارات وحلفاءها في الميدان لا يرون فرقاً كبيراً بين هذه المجموعات والتجمع اليمني للإصلاح – على الرغم من أن الأخير فاز بما يزيد عن عشرين بالمائة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 2003.
وقال: “ونتيجة لذلك تركز اهتمام معظم قوات الحزام الأمني على التجمع اليمني للإصلاح، الذي تعرضت مقراته في عدن للاقتحام من قبل قوات الحزام الأمني التي ألقت القبض على أحد عشر من أعضائه على الأقل ووضعتهم رهن الاعتقال. وكان ذلك التحرك هو الذي سلط الأضواء على العمليات التي تجري ضد الإصلاح، الذي اتهمه مسؤول في الحزام الأمني بعد الهجوم مباشرة بأنه يتلقى المساعدة المالية من قطر، والتي ماتزال بدورها محاصرة من قبل السعودية والإمارات بسبب مزاعم متعددة منها الادعاء بأنها تدعم جماعة الإخوان المسلمين”.
سباق مع الزمن
وأضاف الموقع أنَّ الإطاحة بحزب الإصلاح لن يكون أمراً سهلاً، فهو منغرس في تكوين المجتمع والسياسية في البلاد، وهو واحد من مكونات التحالف الذي يرأسه هادي، ويحظى في أرض المعركة بمساندة قبيلة الأحمر القوية. بالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الإمارات بعد بديلاً أيديولوجياً واضحاً عن الإخوان المسلمين في اليمن، بل كل ما تفعله هو أنها تتعامل مع الإصلاح، الفرع اليمني للإخوان، كما تعاملت مع فرع الإخوان لديها – عبر الحل الأمني بدلاً من التسوية السياسية أو الاحتواء.
وبطبيعة الحال، لا تتوفر لدى أبو ظبي على الأرض في اليمن لا القوة النارية ولا البشرية اللازمة لتحقيق هذه الغاية. وكلما ضغط الإماراتيون على الإصلاح كلما زادت احتمالات انشقاق حكومة هادي تارة أخرى. بل ثمة خطورة في أن يدفع ذلك أتباع الحزب الحانقين باتجاه نفس القوى التي لجأ إليها أهل السنة المستضعفين في أماكن أخرى، أي القاعدة والدولة الإسلامية. ولعل مصر تقدم النموذج الأوضح في هذا المجال. فبعد أن أطاح الجيش المصري بإدارة الإخوان المسلمين في عام 2013، ولد القمع والاضطهاد الذي تعرضت له الجماعة سخطاً غذى الانتفاضات الجهادية في سيناء وتجلى في عدد من التفجيرات التي نفذت في المدن الكبرى في مختلف أرجاء البلاد.
وهناك احتمال آخر ربما يتوجب على الإمارات أن تأخذه بالاعتبار. كلما طالت مدة تدخل التحالف الخليجي في اليمن كلما زاد احتمال أن يحاول المجتمع الدولي التوصل إلى صفقة سلام عبر التفاوض، وحينها لا مفر من أن تتوقف العملية التي تقودها الإمارات ضد الإصلاح. في هذه الأثناء تستمر الكارثة الإنسانية الناجمة عن الصراع ويستمر عدد الضحايا في الارتفاع، ولهذا بدأت السعودية في البحث عن سبيل للخروج من الحرب. وحينها، إذا ما توقفت جهود الإمارات قبل أوانها فإن التجمع اليمني للإصلاح – رغم ما ناله من ضعف – سوف تتاح له الفرصة لكي يتعافى وقد تصبح لديه القدرة على مجابهة كل المكاسب التي حققتها أبوظبي في اليمن.
واختتم المعهد بالقول: إنه إذا تمكن الإصلاح من استعادة شعبيته فسوف تبدأ الردود العكسية لما فعلته الإمارات في اليمن، وربما تصعد إلى رأس هرم السلطة في صنعاء حكومة ليست صديقة للإمارات العربية المتحدة.
المصدر الرئيس
The UAEs Ulterior Motives in Yemen