المقاومة في تعز، تجترح بطولة نادرة وتتحمل عبء الخذلان الذي تتعرض له هذه المحافظة من أطراف عديدة في الداخل والخارج، إلى حد لم تعد تحتمل عاصمتها على وجه التحديد هذا القدر من اللامبالاة، وهذا التوظيف السياسي والعسكري لمعركة أعباؤها كثيرة، خصوصاً بعد أن عجز آخر مستشفيات المدينة عن العمل. المقاومة في تعز، تجترح بطولة نادرة وتتحمل عبء الخذلان الذي تتعرض له هذه المحافظة من أطراف عديدة في الداخل والخارج، إلى حد لم تعد تحتمل عاصمتها على وجه التحديد هذا القدر من اللامبالاة، وهذا التوظيف السياسي والعسكري لمعركة أعباؤها كثيرة، خصوصاً بعد أن عجز آخر مستشفيات المدينة عن العمل.
منظمة الصحة العالمية أطلقت تحذيراً بشأن الوضع الكارثي للقطاع الصحي في مدينة تعز، وهذا هو وجه من أوجه المأساة التي تعانيها المدينة، وهي كثيرة من بينها شحة المياه تراكم المخلفات وانقطاع التيار الكهربائي والعديد من الخدمات الأخرى، بالإضافة إلى شحة في السلع الغذائية الأساسية نتيجة الحصار المطبق الذي يفرضه متمردو الجيش السابق ومليشيا الحوثي.
المنظمة طالبت بفتح ممرات آمنة دون أن تظهر قدراً من العزم على إنقاذ المدينة، عبر قيادة جهد دولي واسع ومتعدد المهام، لتدارك ما يمكن تداركه من الوضع الصحي الخطير، والوضع الإنساني الذي يعاني من تدهور حاد وغير مسبوق.
ليست منظمة الصحة العالمية هي التي تخذل تعز، بل منظمات كثيرة تتبع الأمم المتحدة، بقيت حتى اللحظة بعيدة جداً عن تأدية دورها ومسئولياتها الأخلاقية وواجبها الإنساني في محافظة تعز طيلة الفترة المنصرمة من الحرب، أو أن حضورها لا يتمتع بالقدر المطلوب من التأثير.
هذه المنظمات أظهرت القدر ذاته من الخذلان تجاه الانتهاكات والجرائم بحق الإنسانية التي تمارسها المليشيا وأجهزة الدولة القديمة للمخلوع صالح ضد السياسيين والناشطين في تعز وفي العاصمة صنعاء، وفي غيرها من المحافظات.
إنه ضرب من النفاق والمواربة غير المحتملين من جانب المنظمات الدولية التي تستأثر بجزء كبير من المساعدات الدولية ولا تقوم بإيصالها إلى مستحقيها في اليمن، حيث ينفق جزء مهم من الأموال على خبراء يقيمون في فنادق فارهة في عواصم مجاورة لليمن.
تبدو مدينة تعز اليوم، وبكل صراحة، شاهداً مأساوياً على نذالة القتلة وطغيانهم ووضاعتهم، وشاهدةً أيضاً على وقاحة الذين دفعت بهم الأقدار في لحظة انكسار فارقة لهذا البلد، إلى لعب أدوار أساسية في تقرير مصير اليمن من دول وساسة ومؤثرين، الذين يستثيرون -للأسف- أعداء كثراً على خط المعركة وهي تمضي باتجاه الحسم في اليمن مروراً بتعز.
لا يمكن تفسير لماذا يتعمد هؤلاء، إثارة خلافات جانية يستفزون بها المقاتلين بشرف في ميدان المعركة دفاعاً عن العرض والكرامة والحرية، الباذلين بلا حدود أغلى ما لديهم وهي الدماء.
في الماضي القريب جداً، ننَفَذَ أعداءُ التغيير، من بوابة التناقضات غير الجوهرية بين المكونات السياسية بألوانها المحافظة والقومية واليسارية، ليجهضوا حلم التغيير، ويفتحون المجال واسعاً لعودة النظام القديم متسلحاً هذه المرة بأدوات طائفية أكثر شراسة وقذارة، عابرة للأحزاب والأقاليم، لا تؤمن بالشراكة ولا بقيم العيش المشترك ولا المواطنة المتساوية.
ينصب الجزء الأهم من المعركة الجانبية العبثية على الإصلاح ودوره ورجاله وقياداته، ولا أدري إلى متى سيستمر الجميع في الحديث عن نزعة هذا الحزب الاستئثارية، ولا أراه إلا مستأثراً بالتضحية في بلد منكوب بالمجرمين من أمثال علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي، وبالمؤامرات الإقليمية والدولية.
نحن اليوم بصدد التخلص من النتائج السيئة التي خلفتها الأخطاء الكارثية السابقة، حينما حاول قطاع واسع من السياسيين صرف الأنظار عن المفسدين الحقيقين والمتربصين بحاضر ومستقبل اليمن، حتى حلت الكارثة باليمن.
ومع الأسف لم يستوعب هؤلاء الدرس، فهاهم ينخرطون مجدداً في المعركة الخاسرة ذاتها، فيما لا تزال الدماء تنزف والمدافع تدك البيوت والأحلام.
لذلك تبدو معركة تعز أكثر من ساحة مواجهة، إنها فضاءٌ واسعٌ لاختبار الإرادات والنوايا، مع يقيني أن تعز أحياناً لديها القدرة على الاستفزاز، ولكن دون قصد لأولئك الذين يعتقدون أن وجودهم مرهون بموت تعز وأهلها، وتضاؤل نفوذهم وانطفاء شعلة إبداعهم، وهذا لن يحدث أبداً.. إنه رهان خاسر بالتأكيد.