حرب وصقيع.. لعنة الجغرافيا تطارد مديرية “جبل حبشي” وسط اليمن
تعيش قرى مديرية جبل حبشي غرب محافظة تعز اليمنية بين لهيب الحرب والصقيع في شتاء قارس.
يمن مونيتور/ تقرير خاص/ من متولي محمود
شهدت قرى مديرية جبل حبشي غرب تعز موجات نزوح كبيرة، جراء اشتداد المعارك بين مسلحي الحوثي والقوات الحكومية في منطقة الأشروح وبني بكاري.
وتقول إحصائيات محلية إن أكثر من 500 عائلة نزحت خلال المواجهات الأخيرة، بعد سيطرة الحوثيين على منطقة الأشروح وتهجير أبنائها قسرا، فضلا عن تلغيم المنطقة.
وتضيف الإحصائيات أن قرابة 800 عائلة هي عدد العائلات التي نزحت من منطقة الكدحة التابعة للمديرية خلال الفترة الماضية، وإنه في حال تواصلت المواجهات، فإن قرابة 20 ألف شخص مهددون بالنزوح من مساكنهم على تخوم بني بكاري، كبرى قرى المديرية.
وتعيش المديرية أوضاعاً معيشية صعبة في ظل غياب ملفت لمنظمات المجتمع المدني والسلطة المحلية، فيما يفترش النازحون الخيام وسط موجات الصقيع خصوصا مع حلول فصل الشتاء.
ويشكو أبناء جبل حبشي تقاعس السلطة المحلية عن القيام بدورها تجاه المديرية التي قدمت فلذات أكبادها دفاعا عن الشرعية ضد الانقلاب، سواء في الجانب الإنساني أو الجانب العسكري.
يقول أبناء جبل حبشي إنها لم تكن لعنة الجغرافيا لوحدها التي أصابتها، بل إن لعنة السياسة هي الأخرى أصابتها في مقتل؛ فقد ظلت المديرية حسب أبنائها ضحية لمكايدات سياسية وعسكرية، وسعت نطاق رقعة الحرب، وشردت المزيد من الأسر.
ويضيفون أن على القوات الحكومية إبداء قليل من التكاتف، ليس لاستعادة ما تم فقده، بل لمنع وقوع مزيد من الجغرافيا تحت طائلة الحرب والنزوح القسري، كون ذلك سيكون باهضا.
ثلاثة أعوام من لعنة الجغرافيا
الصحفي “عصام السفياني” ابن جبل حبشي يقول: منذ تدشين المليشيات الانقلابية حربها المسعورة على تعز، قبل ثلاثة أعوام، أصابت مديرية جبل حبشي لعنة الجغرافيا، حيث وضعها موقعها ضمن خارطة المحافظة في مواجهة حرب قذرة شنتها وما زالت المليشيات على هذه المديرية من كل الاتجاهات، لتدفع بذلك جبل حبشي فاتورة باهضة من الخسائر وسط تراخي من قبل الحكومة الشرعية تجاه الوضع الكارثي في المديرية إنسانيا وعسكريا.
وأضاف “السفياني” في حديث خاص لـ”يمن مونيتور”: فتحت المليشيات أكثر من 11 جبهة قتال على مناطق مديرية جبل حبشي بداية بالضباب والمسراخ والتعزية والكدحة، وصولا إلى الأشروح والرحبة حاليا، لتتحول جغرافيا المديرية إلى مسرح لعمليات المليشيات الانقلابية والجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وبينهما تطحن عزل وقرى المديرية وتعاني مرارة التهجير والنزوح والتشريد والحصار.
وأضاف، تتواصل حاليا موجة نزوج وتشريد لنحو 500 أسرة في مناطق الأشروح، بينما هناك أكثر من 20 ألف شخص في المديرية يواجهون خطر النزوح في حال واصلت المليشيات الانقلابية زحفها نحو مناطق عزلتي الشراجة وبني بكاري، حيث تعد الشراجة أكبر عزلة في المديرية وترتبط بحدود مع 3 مديريات.
وأشار السفياني إلى أنه في مناطق جبهة الكدحة ما تزال أكثر من 800 أسرة مشردة في مناطق ومحافظات اليمن من قرى العفيرة والنويهة والمكازمة، وقرابة 400 أسرة من مناطق الرحبة والقطنة، وهي مناطق العمليات العسكرية للمليشيات حاليا، وقبل ذلك تهجير وحصار قشيبة وتبيشعة ومناطق أخرى متفرقة من المديرية.
إهمال وغياب للسلطة المحلية
ويواصل “السفياني” سرد الأحداث في بلاده بالقول: إلى جانب كل هذه الجرائم التي ترتكب بحق أبناء المديرية، يغيب دور الجهات المختصة ممثلة بالسلطة المحلية والحكومة الشرعية، ومعهما الجيش الوطني الذي لم يعمل ما يجب عليه لتجنيب المديرية خسائر إضافية، وليس بالضرورة رفع الضرر القائم كون ذلك يتعدى إمكانات الجيش في الفترة الحالية.
وأردف، يتوجب على قيادة محور تعز والتحالف العربي التعامل مع جبهات المديرية المشتعلة بمهنية أكبر، وتجاوز الحسابات الضيقة والتصدي لزحف المليشيات واختراقاتها بجبهة موحدة، لأن التساهل في تحرك بسيط للمليشيات له فاتورة إنسانية كبيرة، وآخر هذه الاختراقات ما حصل في مناطق الاشروح وتساهل قيادة المحور وكتائب أبي العباس مع عملية تقدم للمليشيات دفع ثمنها سكان المنطقه نزوحا وضحايا وحقول من الألغام في مناطقهم، ستبقى توزع الموت والإعاقه عليهم سنين طويلة مستقبلا.
واستطرد عصام في مجمل تصريحه: نتمنى أن تتجاوز جبل حبشي لعنة السياسة بعد أن أصابتها لعنة الجغرافيا، وأن تتحرك كل الجهات لوقف الجرائم التي ترتكب بحق مديرية قدمت قائمة طويلة من الشهداء دفاعا عن تعز وعن الشرعية في كل جبهات اليمن ضد مليشيات الانقلاب الحوثية وحليفها المخلوع صالح.
نزوح مئات العائلات بلا مأوى
“هذه جدتي حسناء، نازحة، مهمومة ، تركت نصف منزلها بعد أن دمر الحوثيون النصف الآخر بقذيفة كادت أن تودي بحياتها”. الناشط رمزي الشارحي، معلقا على صورة جدته النازحة جراء الحرب.
وتساءل “الشارحي” على صفحته في فيسبوك، حول تخاذل السلطة المحلية إزاء وضع المديرية: كيف لقائد المحور أن يعقد اجتماعاً مع مشائخ من مناطق بعيدة عن المواجهات ويتناسى تماما المنطقة والجبهة الأكثر اشتعالا في المديرية؟!
وعن الوضع الإنساني يقول الشارحي: آخر تقرير حصلت عليه يؤكد أن أكثر من ٦٧٨ أسرة بين نازح ومتضرر من الحرب في قرى الأشروح والمناطق المجاورة.
وتابع: كنا ننتظر من قائد المحور النزول إلى جبهة الأشروح ومعرفة الوضع العسكري عن قرب، وتوفير احتياجات الجبهة وتعيين قيادة عسكرية حيث وأن المنطقة تعتبر من أكثر المناطق سكانيا في المديرية، ولكن للأسف أكتفى بلقاء مشائخ من بني بكاري ومناطق أخرى بعيدة للتمترس بها.
واجتاح المسلحون الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح العاصمة اليمنية صنعاء أواخر سبتمبر/ أيلول 2014، وأخضعوا العديد من مدن الشمال اليمني لسيطرتهم، ما أدى إلى مغادرة الرئاسة والحكومة إلى خارج البلاد.
ومنذ الـ21 مارس/ آذار 2015، تقود السعودية تحالفاً عسكرياً عربياً تقول العواصم الخليجية (عدا مسقط) إنه جاء “بطلب من الرئيس اليمني الشرعي عبدربه منصور هادي لانهاء الانقلاب واستعادة الشرعية”.