آراء ومواقف

بين كتالونيا وجنوب اليمن

عبدالإله هزاع الحريبي

جرت تطورات دراماتيكية في إسبانيا التي كادت أن تفقد أحد أقاليمها، موقف داخلي قوي وموقف أوروبي أكثر قوة أطاح أحلام الكتالونيين في الإنفصال والاستقلال عن إسبانيا.

جرت تطورات دراماتيكية في إسبانيا التي كادت أن تفقد أحد أقاليمها، موقف داخلي قوي وموقف أوروبي أكثر قوة أطاح أحلام الكتالونيين في الإنفصال والاستقلال عن إسبانيا.

على الرغم من كلّ ما يقال عن المواثيق والمعاهدات الدولية بخصوص حق تقرير المصير، إلا أنّ أوروبا أجمعت على رفض الإنفصال، وعندما لجأ رئيس إقليم كتالونيا إلى بروكسل مع معاونيه تمّ القبض عليه، ولم توّفر له الحماية والدعم.
لفتت انتباهي وحدة الموقف الأوروبي الذي ينساق مع مصالحهم في بقاء أوروبا موحدة، وهي ذات العرقيات المتعددة والطوائف الأكثر عددا، إذ كان تحقيق أحلام الكتالونيين في الانفصال، وفك ارتباطهم مع مملكة إسبانيا مدخلا لتحقيق عدة أحلام لقوميات أخرى، وفي المقدمة إقليم الباسك الإسباني، وأقاليم أخرى في دول أوروبية كإيطاليا، وهو ما يعني في المحصلة تفتت أوروبا، وهذا وعي أوروبي يفتقده العرب للأسف الشديد.
في جنوب اليمن، وعلى الأقل ظاهريا، يعمل التحالف العربي على إضعاف السلطة الشرعية التي منحتهم صك التدخل لإزاحة الخطر الإيراني الذي يمثله ذراعها داخل اليمن، عبد الملك الحوثي وعلي عبدالله صالح، إذ تكمن مأساتنا في اليمن أنّ التحالف العربي يدعم مليشيات في الجنوب على حساب الدولة، وكأنه يعمل على نسخ تجربة الحركة الحوثية، وإن على نحو مغاير، بدلا من العمل على تطويع قوى الإنفصال وفك الإرتباط، ليعملوا في إطار الشرعية أمنيا وعسكريا، بل نجد العكس، إذ يستقبل قادة هذه المليشيات المدعومة من التحالف في عواصم مدنهم، ويعودون إلى عدن، ليقوموا بأعمال تقوّض الأمن والإستقرار وتضعف هيبة الدولة والتحالف، والنتيجة ما رأيناه قبل أيام من عملية إرهابية ضخمة، كادت تودي بكل القيادات الأمنية هناك، وبكل سجلات البحث الجنائي التي يقال أنها كانت مستهدفة.
أوروبا متعاضدة تعمل من أجل مصالحها الإستراتيجية، في حين أرى عربا لا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم، بعيدين عن الخطط الإستراتيجية، ولا ينظرون إلى أنّ تفتيت اليمن بدعم انفصال جنوبه عن شماله سيعني، في المستقبل، انفصال جنوب المملكة عن شمالها، وسيعني تفكك الإمارات إلى دول.
قد يقول القارئ إنني أهول هذا الأمر، لكنني أتحدث بكل أسف بواقعية شديدة جداً، وذلك بحساب النظرة الإستراتيجية والمتغيرات المتسارعة التي تجعل المستحيلات ممكنة التحقيق.
نقلا عن العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى