هل تنجح الوديعة السعودية في انعاش الاقتصاد اليمني؟
السعودية وعدت بوضع وديعة بـ2 مليار دولار لانعاش الاقتصاد اليمني ووقف انحدار قيمة العملة المحلية. يمن مونيتور/ خاص/ من متولي محمود
ربما يكون الخبر الأهم في اليمن، خلال اسبوع مضى، هو حديث الرئيس عبدربه منصور هادي عن اعتزام السعودية وضع وديعة ماليه قدرها 2 مليار دولار لصالح البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، من أجل دعم استقرار العملة وتأمين وقود واحتياجات الكهرباء من الديزل والمازوت وبصورة منتظمة لمدة عام.
هادي أضاف، لدى ترأسه اجتماعا بمستشاريه والحكومة، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكد بأن بلاده خصصت أيضا مبالغ لإعادة الإعمار وإصلاح البنى التحتية والطرقات والكهرباء والمياه والتعليم والصحة ابتداء من يناير 2018م.
وعقد الرجلان اجتماعا مؤخراً، دحضا من خلاله شائعات رددها الإعلام عن وضع “هادي” وبعض وزراء حكومته تحت الإقامة الجبرية بالرياض، خرج بعده إعلام مكتب الرئاسة ليقول إن ولي العهد الشاب يعتزم عمل إصلاحات اقتصادية ورفد البنك المركزي اليمني.
ولأهمية الملف الاقتصادي ووعود “بن سلمان”، قرر هادي تشكيل لجنة تنسيق ومتابعة لتنفيذ مخرجات اجتماعهما، والتنسيق مع الجانب السعودي، لبدء مشروع لإعادة الإعمار وتوفير الخدمات في المحافظات المحررة، مطلع العام 2018.
الوديعة ستساعد على استقرار الريال
وكيل البنك المركزي اليمني، خالد العبادي قال “إن الوديعة 2 مليار دولار التي ستقدمها المملكة ستساعد البنك المركزي على استقرار العملة وتمويل التجارة وتوفير غطاء للالتزامات الحكومية، خصوصا المشتقات النفطية وتوفير الكهرباء وغيرها من الخدمات المدنية”.
وأضاف “العبادي” في تصريحات صحفية سابقة، إنه “منذ عقود والرياض تدعم وتساعد مؤسسات الجمهورية اليمنية من قبل الأزمة وحتى الآن، ومن أبرز ما قدمته المملكة لـ(المركزي اليمني) وديعة بمليار دولار في عام 2012”.
وواصل الريال اليمني، خلال الفترة القليلة الماضية، تراجعه مقابل العملات الأجنبية، في ظل توقف رواتب القطاعات الحكومية لأكثر من عام، الأمر الذي ضاعف الحالة الإنسانية إلى أبعد مدى.
وتعاني اليمن أوضاع إنسانية صعبة، ضاعفها قرار التحالف إغلاق الموانئ الجوية والبرية والبحرية “مؤقتاً”، ورغم إعادة فتحها إلا أن ذلك لم يلجم جشع التجار الذين أخفوا المحروقات والمواد الغذائية لترتفع أسعارها بشكل جنوني في السوق السوداء.
ويرى محللون ماليون أن الوديعة السعودية في حال تأكدت، فإن ذلك من شأنه إيقاف تدهور العملة المحلية، بل وإعادتها إلى ما قبل أشهر، شريطة استغلالها بشكل أمثل عبر تفعيل دور البنك المركزي وضبط الإيرادات، فضلا عن تشكيل كفاءات اقتصادية لإدارتها.
تفعيل البنك المركزي أولاً
الصحفي الاقتصادي “فاروق الكمالي” يرى أنه في حال قدمت السعودية وديعة بملياري دولار توضع في البنك المركزي لدعم العملة المحلية، فإنها بالتأكيد سستاعد على استقرار الريال اليمني عند السعر الرسمي المحدد من البنك المركزي عقب قرار تحرير سعر الصرف وهو 380 ريالا للدولار.
وأضاف “الكمالي” في حديث لـ”يمن مونيتور”، “في اعتقادي ينبغي أولاً تفعيل البنك المركزي اليمني من مقره الرئيس في عدن، والذي لا يزال معطلا رغم مرور أكثر من عام على نقله من العاصمة صنعاء، كما ينبغي العمل على تفعيل الحسابات الخارجية للبنك والتي لا تزال بعضها مجمدة ومنها أموال لدى صندوق النقد الدولي وفي البنك الفيدرالي الأمريكي.
وتابع بالقول: “أيضا على الحكومة رفد الاحتياطي النقدي الأجنبي بالخارج والذي تم استنزافه خلال الحرب وتراجع من 4.2 مليار دولار نهاية 2014 إلى 600 مليون دولار في ديسمبر 2016”.
وأشار في ختام حديثه إلى أن تفعيل البنك المركزي، في حال تم ذلك، فإن وديعة نقدية بملياري دولار ستساعد في استعادة البنك لمهامه في ضبط سوق الصرف، ووضع معالجات لمشكلة محال الصرافة الغير مرخصة والتي انتشرت بكثرة خلال الحرب.
تشكيل فريق اقتصادي كفؤ
ويتفق “مصطفى نصر”، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مع ما قاله “الكمالي”، وبدا أنهما متفقان في وجود قصور في إدارة البنك المركزي، أو هكذا يراد لها.
يقول “نصر”: “قبل الحديث عن وديعة بملياري دولار لدعم العملة في البنك المركزي، وتقديم الدعم لإعادة الإعمار في اليمن، لا بد من بناء فريق اقتصادي كفؤ يتولى إدارة البنك المركزي والمالية، والمؤسسات الإيرادية الهامة”.
يذكر أن البنك المركزي ومنذ نقله إلى عدن قبل نحو عام، لم يستطع تفعيل العمل المالي وضبط الإيرادات، نظرا لازدواجية القرارات في عدن، ولقصور في الإدارة، حسب خبراء ماليين.
ومنذ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014، عانت اليمن، وهي البلد العربي الأشد فقرا، من أزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل، أدت إلى تشريد ما يقرب من ثلاثة ملايين يمني داخليا، وقتلت أكثر من 12،000 شخص، وأصابت 42،000.
ووفقاً للأمم المتحدة فإن اليمن يواجه أكبر مجاعة في العالم منذ عقود “ستخلف ملايين الضحايا” ما لم تُستأنف المساعدات له.
وسبق أن حذّرت الأمم المتحدة والصليب الأحمر من أن “وضعا كارثيا” يهدد ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية المنقذة للأرواح.