مما لا شك فيه أن حزب التجمع اليمني للإصلاح يتعرض لعملية اجتثاث ممنهجة تشترك فيها أطراف عديدة بعضها محلية والبعض الآخر إقليمية ودولية.
مما لا شك فيه أن حزب التجمع اليمني للإصلاح يتعرض لعملية اجتثاث ممنهجة تشترك فيها أطراف عديدة بعضها محلية والبعض الآخر إقليمية ودولية.
ومن الواضح أيضاً أن “الإصلاح” في اليمن يدفع ضريبة باهظة الثمن نتيجة لمواقف حركة الاخوان المسلمين في بلدان اخرى مثل حركة حماس وموقفها السلبي من عملية السلام مع إسرائيل التي أجمع العرب في قمة بيروت على تبنيها استراتيجيا مع أبناء العم سام، حيث كان يجدر بحركة حماس التعاطي الإيجابي مع مبادرة السلام العربية وليس الوقوف ضدها أو رفضها كما هو حاصل الآن.
إن عملية الاجتثاث التي يتعرض لها حزب الإصلاح في اليمن حاليا مع الأسف الشديد عملية ظالمة وجائرة لأنها تأتي في سياقات غير قانونية بل وغير منطقية، فعلى سبيل المثال عندما قرر الأمريكان اجتثاث حزب البعث في العراق بعد الغزو، أصدر الحاكم الأمريكي بريمر آنذاك قانونا اسماه قانون “اجتثاث البعث”، وتمت عملية الاجتثاث ضمن اطر قانونية واضحة وضمن سياقات منطقية وحجج معقولة كون حزب البعث كان حزبا استبداديا يستند إلى أيديولوجية الحزب الواحد القائد للدولة والمجتمع، وهذا ما لا ينطبق على حزب الإصلاح في اليمن، الذي يؤمن بالديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وهو ما أثبته الإصلاح عمليا في نضاله السياسي السلمي ضمن ائتلاف أحزاب اللقاء المشترك الذي جمع أحزاب المعارضة اليمنية وكان الإصلاح هو الحزب الرائد في ذلك التكتل السياسي المعارض.
قد نختلف مع حزب الإصلاح في كثير من الرؤى والقضايا والأولويات وأساليب العمل، وقد نتنافس مع الإصلاح ونتشاجر على المكاسب والمناصب وما إلى ذلك من اعتبارات، لكن لا يجوز بأي حال من الأحوال اللجوء إلى الاجتثاث والتصفية الجسدية أو الاقصاء والتهميش أو حتى مجرد التفكير بانتهاج مثل هذا الخيار الجنوني أو ما اعتبره، أنا شخصيا، بأنه انتحاراً سياسياً، وليس مجرد اجتثاث لحزب الإصلاح، لأن الإصلاح أكبر وأعمق من أن يتم اجتثاثه، فهو حزب سياسي له جماهيره الواسعة على امتداد خارطة الجمهورية اليمنية في المدن والقرى والأرياف وفي الجبال والصحاري والجزر، مما يجعل من المستحيل اجتثاثه او تهميشه أو اقصاءه من الحياة السياسية.
حزب الإصلاح هو من أشعل الربيع العربي في اليمن وهو من فجر ثورة 11 فبراير عام 2011م، ولولاه لما أصبح علي عبد الله صالح رئيسا سابقا، فلماذا يتم اجتثاثه؟ حزب الإصلاح هو من تصدى للحوثيين في حاشد وعمران ووقف بشرف وحيد في وجه الانقلاب الحوثي في مشارف صنعاء، فهل نجازيه بالاجتثاث؟ حزب الإصلاح هو من يخوض المعركة الوطنية الكبرى مناصرا للشرعية ورافضا لهمجية الانقلاب، فهل يجازى بالاجتثاث؟ حزب الإصلاح هو من يخوض معركة شرف الدفاع عن الجمهورية ودحر الإمامة الرجعية المتخلفة القادمة من كهوف مران، فهل نجازيه بالاجتثاث؟ حزب الإصلاح هو من يقدم التضحيات والشهداء من خيرة شبابه وقياداته، فهل نجازيه بالاجتثاث؟
لقد تعرض حزب الإصلاح لمحاولات تصفية كبرى شملت ضرب الوحدات العسكرية المقربة منه واستهدفت المحاولات قتل كبار القيادات العسكرية الموالية له مثل الشهيد البطل حميد القشيبي قائد اللواء 310 وغيره من القيادات العسكرية العملاقة، كما تم نهب واغلاق مؤسساته التعليمية والثقافية وخاصة في المناطق التي يسطر عليها الحوثيون، فضلا عن اغلاق الصحف والمطبوعات ومصادرة المساجد والمكتبات التابعة للإصلاح في عملية اجتثاث كبرى هي الأعنف والأشد ضراوة في تاريخ اليمن الحديث، ومع ذلك بقي الإصلاح يقاوم في كافة الميادين إعلاميا وسياسيا وقتاليا في كافة الجبهات ضد الانقلاب، ولولا الإصلاح ودماء أعضائه المتجددة والمتدفقة لانتهت المعركة مع الانقلاب منذ وقت مبكر ولكان الحوثي قد أعلن ولايته المطلقة على اليمن.
هذا لا يعني باي حال من الأحوال انكار دور القوى الأخرى المشاركة في معركة الحرية والكرامة ضد الانقلاب الامامي الكهنوتي كما لا يعني الانتقاص أو التقليل من دورها الحيوي والفعال في محاربة الانقلاب، وانما أردنا ان نسلط الضوء فقط على جانب من تضحيات ونضالات حزب الإصلاح الذي يتعرض لعملية اجتثاث ظالمة.
إن محاولات اجتثاث الإصلاح في الوقت الراهن أو على الأقل محاولات استفزازه لن تخدم الحكومة الشرعية ولن تخدم المعركة التي يخوضها شعبنا ضد الانقلاب الامامي عملاء إيران بقدر ما تخدم الحوثيين أنفسهم والإيرانيين من بعدهم، ولذلك يجب على الأطراف التي تمارس التضييق على الإصلاحيين وتحرق مقراتهم الحزبية وتختطف قياداتهم السياسية أن تتنبه لخطورة مثل هذه التصرفات غير المحسوبة، ومنها بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الذي دعا إلى حظر حزب الإصلاح على غرار ما فعله السيسي في مصر، وكذلك التخاذل في دعم ورفد بعض الجبهات بالسلاح والمؤمن بحجة انها محسوبة على حزب الإصلاح، ذلك لأن إدارة المعركة والأخذ بأسباب النصر تتطلب تجاوز الحسابات الضيقة والنظر إلى ما هو أبعد من الولاءات لأن العدو عدو الجميع والمعركة معركة الجميع والنصر هدف للجميع.
—————————————–
*المواقف الواردة في المقال تمثل رأي الكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.