محاربة الإرهاب بحاجة لمؤسسات دولة تجمع كل الجهود والقوى لصفها في خلق واقع صحي مستقر، وانتعاش اقتصادي وثقافي وفكري وفني ورياضي وفلكلور شعبي، يحتاج لمنتديات ومهرجانات ثقافية وفنية، لتزهر الحياة من جديد ببذور الحب والتوافق والوئام والمشاعر الوطنية والإنسانية.
كاد ربيعنا اليمني أن يُزهر، بصورة رائعة تجلى فيه الوعي الجماهير للقمه، وطموحهم في نشوته، حلما أيقظ الضمائر، وارتفعت التطلعات لعنان السماء، دوى الصوت المنادي للثورة في الجنوب وارتد صداه في الشمال، قالها لي في ساحة الثورة في عدن، هذه الثورة ستعيد الاعتبار للوطن وللشعب، وستفتح أفاق أجمل للمستقبل سيتطهر الوطن وينطلق لرحاب العصر.
الاستبداد لا يواجه الحجة بالحجة، الاستبداد يحيك مؤامراته، فنسج خيوطها بالتناقضات، مستثمرا مصائبه وأثاره وأدواته، والذهنية المصابة بدائه، نشطها فتحركت معلولة بفيروساته القاتلة، وما عشش فيها من الماضي الآسي من أوجاع وثارات و أوهام، باعتقاد أنهم قادرين على إيقاف مجرى التاريخ وتغيير الواقع و مسار التحول، بإرث الماضي المستبد والمهيمن على مقدرات البلد.
العقلية ذاتها في الشمال كانت أو في الجنوب، بذهنية تتقارب في قواعدها الثقافية والسلوك والمشروع وتعيش نفس الوهم.
الذهنية العصية على التغيير والتنوير، حركتها مبرمجه بكتلوج الماضي، مشحونة بصورة وفكرة جاهزة، تترك جوهر القضية وتتوه في الهوامش، غير جديرة بتجاوز ماضيها وماسيها، تفضّ مشاكلها بالعنف والهيمنة أو التهديد بهما، لفرض واقع يخدمها، تعيش حلم إعادة حركة التاريخ لزمن أسلافهم، زمن شمولي تجاوزه العصر والمرحلة.
ثورتنا لانطلاق الوطن لرحاب العصر والنهضة والتقدم، بلواء الديمقراطية والحرية والمواطنة و الرأي والرأي الآخر بشفافية، على أساس التنوع وقبول الآخر والتعايش في وطن يستوعب كل أبنائه بأطيافهم ومشارقهم السياسية والفكرية والعرقية، هذه هي معالم العهد الجديد، من يمتلك الوعي والقناعة لذلك هو القادر على الاستمرار والتكيف والمواكبة ليكون جزءا من الحل والنهضة والتطور، وفاقد الوعي والمسكون في وهم التسلط والاستبداد يرفض كل تلك القيم، باغتيال التنوع والاختلاف، بموقف عدائي واضح في السلوك والخطاب، يصنعون أصنامهم وطغاتهم من اجلهم يُقتل شعب ويحرق وطن.
اصمت أنت محرض، عبارة تردد في وجه كل صحفي وقناة إعلامية وموقع اكتروني وصفحة في التواصل الاجتماعي، تنتقد وتعارض بحرية، تحلل الواقع بحيادية وتضع الحقائق على الطاولة لنصل لنتيجة صحيحة لحل مرضي.
هكذا واقع لا غرابه فيه لوضع قوائم سوداء وبيضاء، في توزيع صكوك الوطنية والعمالة، واقع المهاترات والمناكفات ونهش عرض وجسد الشريك، واقع يهيئ لبيئة إرهابية ويحرض لانتهاكات خطيرة.
ذهنية مريضة لا يستبعد استخدامها للإرهاب كوسيلة لا غاية، وسيلة سياسية لضرب الخصوم، فتلبسه رداء لا يستحقه، رداء عقائدي أو سياسي وحزبي لهدف قذر، وتحاربه وتحتضن جزءا منه في كيانها للاستثمار.
الإرهاب فكر ضلالي وحالة نفسية وتربوية كلما تعاملنا معها بالعنف والسلاح، دون وسائل تثقيفية وتنويرية وإصلاحية ووعظ وهداية وتوجيه، واهتمام عيني في تربية الإنسان وتعليمة وتقويمه، لن يجدي نفعا بل يزيد من تنامي الإرهاب، ويخلق البيئة الحاضنة له.
محاربة الإرهاب بحاجة لمؤسسات دولة تجمع كل الجهود والقوى لصفها في خلق واقع صحي مستقر، وانتعاش اقتصادي وثقافي وفكري وفني ورياضي وفلكلور شعبي، يحتاج لمنتديات ومهرجانات ثقافية وفنية، لتزهر الحياة من جديد ببذور الحب والتوافق والوئام والمشاعر الوطنية والإنسانية، لتخرج ما فينا من توحش وعنف وقسوة وصلابة في الرأي والمواقف، ليتعافى المجتمع بالإنسان السوي الخالي من آثار السلبية لماضيه وحاضره والذهنية المصابة.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.