(تحليل رويترز).. في حرب اليمن.. عثرات تواجه السعودية في معركتها مع إيران
تحليل لموفد رويترز إلى محافظة مأرب بداية شهر نوفمبر الجاري.. يمن مونيتور/ مأرب/رويترز:
في مستشفى بمدينة مأرب اليمنية ازداد الطلب على الأطراف الصناعية من ضحايا الحرب في البلاد لدرجة أدت إلى افتتاح ورشة خاصة بالمستشفى لتصنيع هذه الأطراف.
ويرفع جندي بذراع صناعية جلبابه ليكشف عن جدع حيث كانت ساقه. ويشعر الجندي بالغضب من أن السلطات لم تبذل جهودا تذكر لمساعدته منذ إصابته.
وقال حسن ميقان “كنت في الجبهة وانفجرت قذيفة مورتر بالقرب مني. حاربنا بشكل جيد لكني الآن لا أتقاضى أي أجر أو دعم من الحكومة أو أي أحد. لقد تركونا”.
وبعد مرور أكثر من عامين على حرب خلفت بالفعل عشرة آلاف قتيل تواجه السعودية صعوبة في تمكين الجيش الوطني اليمني من هزيمة حركة الحوثي المتحالفة مع إيران التي سيطرت على مساحات كبيرة من اليمن.
وهذا الخلل تذكرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأن حملته للتصدي لإيران خصم المملكة اللدود في الشرق الأوسط، بما في ذلك تهديد جماعة حزب الله اللبنانية حليفة طهران، ربما يكون أمرا صعبا على أرض الواقع.
وخلال زيارة نادرة لمنطقة كبيرة في اليمن تسيطر عليها الحكومة المؤيدة للسعودية شاهد صحفيون وحدات عسكرية تسري بينها الشكوك وتساهم ولاءاتها لمناطق وقيادات مختلفة في عرقلة معركتهم ضد مقاتلي الحوثي.
وبدا أن بعض الجنود يبقون في قواعدهم بدلا من المشاركة في المعارك. أما من يقاتلون فيقولون إنهم قد لا يتقاضون أجورهم لأشهر. ولم تشهد الصفوف الأمامية حركة تذكر منذ أشهر.
وسعت السعودية لتشكيل قوة عسكرية موحدة متمركزة في مأرب لكن هؤلاء الجنود لم يتمكنوا من طرد الحوثيين من العاصمة صنعاء حيث يعتبر السعوديون المقاتلين خطرا على أمنهم القومي.
وفي ظل اضطراب المشهد السياسي السعودي بعد احتجاز شخصيات رفيعة ضمن حملة لمحاربة الفساد وتنامي النفوذ الإيراني يدرك ضباط يمنيون أهمية وجود جيش فعال لكنهم يقرون بأن النجاح لا يزال عصيا على المنال.
وقال العميد مرزوق الصيادي وهو قائد عسكري يمني كبير لرويترز إن تمكين الجيش الوطني وتوحيد السلاح والسلطة هو الهدف وهو ما يحاول الجيش اليمني تحقيقه حتى تنتهي الحرب بانتصار عسكري.
وأضاف أن الصعوبات حتى الآن في تحقيق ذلك في ظل العوامل المحلية والأيديولوجية خلق عقبات لكنه عبر عن ثقته في النجاح بمساعدة التحالف العربي والولايات المتحدة اللذين يقدمان المشورة اليومية والدعم.
وقال العقيد الركن تركي المالكي وهو متحدث باسم التحالف في سبتمبر أيلول إن المهمة هي دعم اليمن “سواء كانت في الداخل اليمني لدعم الجيش اليمني الوطني أو لحماية حدود المملكة العربية السعودية”.
وتقود المملكة التحالف الذي تغلب عليه دول خليجية عربية ضد جماعة الحوثي منذ أن سيطرت الحركة الشيعية على العاصمة وانتشرت من هناك إلى مناطق أخرى.
لكن الحوثيين في المناطق الغربية المرتفعة صمدوا في وجه آلاف من الضربات الجوية بقيادة السعودية والتي حصلت على دفعة بفضل عمليات إعادة ضخ الوقود والمعلومات من الولايات المتحدة.
وينفي الحوثيون أنهم وكلاء لإيران ويقولون إنهم يقاتلون للتصدي لجيش من المرتزقة يخدم الخليج والغرب.
وشنت الجماعة هجوما صاروخيا على مطار الرياض الرئيسي يوم السبت فيما وصفته السعودية بأنه إعلان حرب من طهران.
لكن بعد سنوات من القتال المستعر في هذا البلد الفقير الذي انتشر فيه الجوع والأمراض يقول بعض من حلفاء السعودية التقليديين في اليمن إنهم يشعرون بالغضب بسبب التلاعب بهم من الخارج.
وقال علي عبد ربه القاضي وهو مشرع وشيخ قبلي من مأرب “بوجهة نظرنا إحنا نحارب كوكالة. (الدول الأوروبية وأمريكا).. هم قادرون أن يوقفوا الحرب في اليمن. قادرون على الضغط على إيران والضغط على السعودية وحل الإشكال والخلافات”.
وأضاف قوله ” الدم اليمني هو الذي يسفك… نحن مجتمع أصولنا واحدة وديننا واحد ولكن الصراع الدولي وصَلنا إلى حيث وصلنا”.
* إلى الأمام نحو صنعاء
رغم عدم تحقيق تقدم في ساحات القتال فإن بعض الجنود في شوارع مأرب التي يغطيها الغبار يبدون متحمسين للقتال.
وقال عبد الله الصوفي (20 عاما) وهو يرتدي زيا مموها بدا فضفاضا على جسده الهزيل “إلى الأمام نحو صنعاء بإذن الله”.
وتابع قوله “نعرف أن هناك مؤامرات أجنبية على الأراضي اليمنية. هناك مشاكل وهناك انتكاسات لكننا نحارب من أجل بلادنا ومن أجل بيوتنا. هذا هو المهم”.
ومع بدء الحرب في مارس آذار 2015 بعد أن أرسل ولي العهد السعودي القوات انحازت أقوى الوحدات العسكرية اليمنية بالفعل إلى صف الحوثيين لتمطر مأرب بوابل من الصواريخ ونيران الدبابات. لكن الجيش الوليد والقبائل المتحالفة معه استطاعت التصدي لهذه الهجمات.
وشارك جنود من السعودية والإمارات في تلك المعركة لكنهم صدموا مع سقوط عشرات القتلى خلال المعارك.
وتلعب القوات العربية بشكل كبير دور الدعم في القواعد بعيدا عن صفوف القتال الأمامية.
والآن تحارب الوحدات التي دربتها السعودية في ساحات متناثرة ومن دون تنسيق واضح. كما أن ولاء هذه الوحدات لأطراف مختلفة وزعماء محليين في مجتمع ينتشر فيه السلاح ويتسم مشهده السياسي بالتقلب.
وتدعم المملكة ألوية من السلفيين وآخرين في غرب اليمن بينما تدعم أيضا الإخوان المسلمين حول مأرب بالإضافة لأنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي في الجنوب.
وإلى جانب ذلك فقد قامت الإمارات، الطرف الآخر الرئيسي في المعركة ضد إيران في اليمن، بتسليح وتدريب وحدات قوية عبر جنوب وشرق اليمن.
ومما يزيد من اللبس حقيقة أن هؤلاء المقاتلين يمقتون الحوثيين وكذلك الوحدات المؤيدة للسعودية في شمال اليمن.
*شهداء صغار
على جدران مأرب علقت صور الجنود القتلى وكتب عليها أبيات من الشعر التي تشيد بهم وتصفهم بأنهم “شهداء” و”أسود”.
ويبدو أن حكومة اليمن تشهد أيضا فترة صعبة.
ويعيش الرئيس اليمني هادي في الرياض منذ أن دفعه الحوثيون للخروج من البلاد وتقول مصادر إن مضيفيه منعوه من السفر لأكثر من شهر معللين ذلك بالوضع الأمني المتردي في اليمن. ونفى مسؤولون في مكتبه تلك التقارير.
لكن الرد السعودي هذا الأسبوع على الهجوم الصاروخي الحوثي والذي تمثل في إغلاق كل الموانئ والحدود والمجال الجوي والتي تقع غالبيتها اسميا تحت سيطرة هادي وجه فيما يبدو ضربة غير مسبوقة لحليف المملكة.
وعبر الناشط خالد بقلان عن مخاوف كثير من الشبان والمهنيين بأن أخطاء حكومة ضعيفة وقوى أجنبية تفرغ المجتمع اليمني من مكوناته.
وقال بقلان من مجلس شباب سبأ وهو منظمة مجتمع مدني “ما نشهده ليس بناء مؤسسات دولة حقيقية لكن تمكين مجموعات لها أجندات متعارضة قد تنشب بينها معارك في المستقبل وهو ما لا يصب في مصلحة أحد”.
وأضاف قوله “يتعين أن يكون هناك حل سياسي”.