اخترنا لكمتراجم وتحليلاتغير مصنف

كيف تشرح الحرب في اليمن مستقبل المملكة العربية السعودية؟!

التحليل نشرته مجلة ذا اتلانتك الأمريكية، وتشرح من خلاله أن إطلاق الصاروخ من اليمن ودراسة تداعياته أهم من قراءة التحولات الأخرى كاستقالة الحريري وحملة مكافحة الفساد في السعودية. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:
نشرت مجلة ذا اتلانتك الأمريكيَّة تحليلاً لـ”سايمون هندرسون” الخبير في شؤون الخليج العربي، يفسر من خلاله مستقبل المملكة العربية السعودية عبر الحرب في اليمن، حسب رؤيته.
ويقول هندرسون في تحليله إنَّ من الكافي القول إنَّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعيش منذ بداية الأسبوع أحداث حافلة، فبين اعتقال 11 من الأمراء في إطار مكافحة الفساد وعلا ما يبدو التخطيط لاستقالة رئيس الوزراء اللبناني. وقراءته بسرور تغريدة الرئيس الأمريكي التي عبر فيها عن أمله بأن تبيع شركة النفط الوطنية “أرامكو” أسهمها في بورصة نيويورك. بالإضافة إلى ذلك، ضمن الاحتجاز الجاذب لعناوين الإعلام للملياردير ورجل الأعمال الثري اللامع الأمير الوليد بن طلال تغطيةً قصوى، واضعاً بذلك المملكة على المسرح العالمي لتكون محور عددٍ من الحلقات الإخبارية.
واستدرك الكاتب بالقول إنَّ القصة الحقيقية-إذا كنتم تبحثون عنها وسط كل هذا، “فانظروا إلى إيران. فيوم السبت، استُهدف مطار الرياض الدولي بما هو شبه مؤكّد بأنّه صاروخاً إيرانياً معدلاً آتياً من شمال اليمن”.
وأشار هندرسون إلى أنَّ هذه المنطقة تخضع “لسيطرة المتمرّدين الحوثيين الذين أَجبروا الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار عام 2015، مما أدى إلى نشوب حرب أهلية.
واستهدفت الحملة التي تقودها السعودية دعماً لـ”هادي” بـ78 هجوماً صاروخياً بالستياً من اليمن، وبالكاد استحقّ معظمها الذكر في الأخبار- يشير هندرسون- مضيفاً أنَّه وفي آذار/مارس 2015، اشتكى الملك سلمان لدى وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري من خوفه من هجمات بصواريخ سكود على مكة التي تقع على بعد 350 ميلاً شمال الحدود اليمنية. أما الرياض فتبعد أكثر من 700 ميل من اليمن. ويشكّل الهجوم الأخير فرقاً كبيراً ويوحي بتقدّم تقني سريع ومهمّ للحوثيين.
وقال هندرسون إنَّ الهجمات من اليمن تمثل بالنسبة إلى محمد بن سلمان والقيادة السعودية خوفاً يُسرّ الحوثيون وداعموه الإيرانيون لإثارته. وكانت صحيفة “عرب نيوز” الناطقة بالانجليزية قد أعلنت يوم الإثنين أنّ الهجوم الصاروخي كان “عملاً من أعمال الحرب” من جانب إيران. وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن “المملكة تحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب على الأعمال العدائية للنظام الإيراني… لن نسمح بانتهاك أمننا الوطني”. كما نقلت المقالة عن قيادة قوّات التحالف التي تقودها السعودية وصفها الهجوم “كعدوان عسكري سافر من قِبل النظام الإيراني”.
 
استراتيجيا
ومن الناحية التكتيكية، تعثّر السعوديون وحلفائهم الإماراتيون في مهمّتهم الرامية إلى إعادة هادي إلى السلطة. ومن الناحية الاستراتيجية، يشير الهجوم الصاروخي إلى أنّ التحالف يخسر – وهو منحى يتوق محمد بن سلمان إلى عكسه. ويقول أولئك الذين التقوا به أنه يريد أن يصبح أكثر حزماً حول إيران ووكلائها. كما أن الهجمات الصاروخية الأخرى مثل الهجوم الأخير قد تدفع شركات الطيران الأجنبية إلى وقف رحلاتها إلى الرياض. إلّا أنّ خطراً كهذا لا يتوافق مع “صورة” محمد بن سلمان الجديدة لمملكة حديثة متألّقة تبنّت الإسلام المعتدل، وهي رؤية كشف عنها خلال مؤتمر مهمّ للمستثمرين الأجانب قبل أسابيع قليلة فقط.
ويذهب الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني إلى أنَّ الصراع السعودي-الإيراني يعود إلى ما قبل عهد محمد بن سلمان، إذ تعود الجولة الأخيرة إلى الثورة الإسلامية عام 1979. وتعتبر السعودية إيران خصماً تاريخياً وعرقياً، وعدواً شيعياً يتحدّى القيادة السعودية للعالم الإسلامي السني، ومتحدياً ثورياً للوضع الإقليمي الراهن.
ويشير إلى أنَّ هدف إيران على المدى الطويل إضعاف الوضع الراهن الذي تضمنه الولايات المتحدة بشكل فعال. ويقضي هدفها على المدى القصير الاستفادة من عواقب الحرب العراقية و”الربيع العربي” لنشر تأثيرها وبلوغ المجتمعات الشيعية في جميع أنحاء المنطقة. وتنتمي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت حالياً إلى الجانب الإيراني. أمّا السعودية فتقود الدول العربية المحافظة على الرغم من أنّ البروز المطّرد لمحمد بن سلمان يعني أنّه يتم حالياً تقديم مستقبل محدّث لهؤلاء السكّان (على الرغم من كونه غير ديمقراطي). وبالنسبة إلى محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عاماً، يُعتبر التعامل مع إيران مهمّاً بقدر تحوّل الاقتصاد السعودي وتحت غطاء حملة ضد الفساد مع تسوية مسألة المنافسات وسط العائلة المالكة.
 
الدور الإيراني
ويقول هندرسون إنَّ اليمن بالنسبة لإيران، “فقد تشكلت تحت حكم علي عبد الله صالح هدفاً بمحض الصدفة. وكان دعم القبائل الحوثية من خلال تزويدها بالمساعدة التنظيمية والأموال مجرّد خدعة. وقد انهار حكم صالح لكنّه شكّل تحالفاً مع الحوثيين ضدّ الرئيس هادي، الذي هو قيد الإقامة الجبرية في المملكة العربية السعودية(نفت الرئاسة اليمنية أنَّ يكون هادي تحت الإقامة الجبرية”يمن مونيتور”). وعلى الرغم من الجهود التي بذلها سلاح الجو السعودي، إلا أنها فشلت في طرد الحوثيين. وكانت القوّات الإماراتية أكثر نجاحاً في جنوب البلاد، حول مدينة عدن الساحلية. إلّا أنّها تواجه مصاعب هناك من قِبل جماعات على غرار تنظيم «القاعدة» الذي حوّل المناطق الداخلية اليمنية إلى ملاذ لها”.
ويقول الكاتب: “يبدو أنّ نجاح إيران في دعم حلفائها الحوثيين في اليمن عاقبة لتدخّل ملائم، وهو رهان صغير كان له النتيجة المرجوّة. قبل عدة أشهر، سألتُ جنرالاً سعودياً يزور واشنطن كم هو عدد الإيرانيين في اليمن. توقّعت تخمين الآلاف أو ربّما المئات. فاجأني جوابه على ما قدّرت أنّه سؤال بديهي، إذ قال: “لا أعرف”.
ويشير الكاتب إلى أنه “يسود اعتقادٌ، استناداً إلى الأجوبة التي حصلت عليها بمضايقتي مسؤولين في واشنطن، أنّ الرقم هو في العشرات. ووفقاً لهؤلاء المسؤولين، تأتي فرق صغيرة من إيران للتدريب على أنظمة أسلحة معيّنة أو تشغيلها، ثمّ ترحل. ومن هنا تُفسّر الصواريخ التي أطلقت من الساحل على سفن حربية أمريكية في البحر الأحمر العام الماضي وهجوم القارب من دون ربّان على فرقاطة سعودية في كانون الثاني/ يناير”.
 
الفضل الإيراني
وتابع الكاتب القول: “يُرجع خبراء في الصواريخ الفضل إلى إيران على المدى الطويل لترسانة اليمن المتبقية المؤلفة من صواريخ “سكود”. وقد قال لي مسؤولون إن إيران ربما أرسلت خزّانات وقود أكبر وأجزاء هياكل إلى اليمن. وكان سيتمّ ملاحظة محاولات تهريب صواريخ كاملة وهو ما كان يأمل المرء أن يكون محظوراً من قبل الولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، يشكّل تعقّب شاحنات محمّلة بالحوايات يتمّ تفريغها في المباني أو الأنفاق أمراً عسيراً على مسؤولي الاستخبارات. كما يُعتبر نقل أجزاء صواريخ بصورة سرّية أسهل بكثير. (على الرغم من الحصار ونقص الغذاء والمساعدات الإنسانية في المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون، ذكرت مجلّة “ذي إكونومست” في يوليو/تموز أنّ آي سكريم “باسكن روبنز” لا تزال تصل إلى صنعاء عبر شاحنات مبرّدة تعبر البرّ من سلطنة عُمان). ويتمثّل التحدّي في لحم الامتدادات في الصواريخ الموجودة أصلاً. ومن الأرجح أن تكون إيران قد توصّلت إلى حلّ الصعوبات الفنية المتعلقة بالاستقرار فى الطيران خلال تجاربها الصاروخية الأخيرة التي قامت بها على أراضيها”.
 
الرد السعودي على الصاروخ
ويشير الكاتب إلى أنَّ ردّ السعودية كان سريعاً على الصاروخ الذي أُطلق يوم السبت. لا بل جذري، إذ أعلنت في اليوم التالي أنها ستغلق جميع الحدود البرّية والبحرية والجوّية مع اليمن. كما نشرت الرياض لائحة بصور وأسماء 40 حوثياً مطلوبين بتهم “جرائم إرهابية”. وتمّ تقديم مكافآت أيضاً على النحو التالي: 30 مليون دولار مقابل قائد الحوثيين، عبد الملك بدر الحوثي، و 20 مليون دولار مقابل ملازميه العشرة المهمّين، و10 ملايين دولار للدرجة التالية من المنفّذين، وهكذا دواليك. وهنا يتساءل المرء لماذا استغرقت الرياض كل هذا الوقت لتقديم مثل هذه الحوافز، إذ تُعرف اليمن بكونها مكاناً يوجد فيه ثمن حتّى للولاء.
واختتم الكاتب القول: “بدلاً من النظر إلى اليمن كدولة ثانوية فقيرة لا أهمّية تُذكر لها، يبدو أنّ أمراء آل سعود يعتبرونها خنجراً يستهدف قلبهم، إذ أن ابن سعود، جدّ محمد بن سلمان، قد حذّر كما يُقال من تهديد اليمن على فراش موته. وطالما استمرت الحرب الإقليمية بالوكالة مع إيران، ستبقى اليمن مسرحاً رئيسياً لهذه الحرب وجزءاً حيوياً من الطموحات الإقليمية لمحمد بن سلمان”.
المصدر الرئيس
       How the War in Yemen Explains the Future of Saudi Arabia
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى