إغلاق المنافذ اليمنية.. حصار لـ”الانقلاب” أم عقاب جماعي لليمنيين؟
اغلاق المنافذ البرية والجوية والبحرية يزيد من معاناة المواطنين اليمنيين. يمن مونيتور/ خاص/ من متولي محمود
أعلنت أمس الأول قوات التحالف العربي، بقيادة السعودية، إغلاق “مؤقت” لجميع المنافذ اليمنية البرية والبحرية والجوية.
جاء ذلك عقب إطلاق الحوثيين صاروخا بالستيا، قال المتحدث باسم التحالف العربي الذي يقاتل إلى جانب الشرعية، إن نظام الدفاع الجوي والصاروخي “باترويت” السعودي اعترضه شرقيّ مطار الملك خالد في العاصمة الرياض.
التحالف قال أيضا إنه استثنى بإغلاق المنافذ عمال الإغاثة والمساعدات، لكن “هيومن رايتس ووتش” ترى أن القيود الإضافية على المساعدات التي تصل اليمن، يُرجح أنها تنتهك القانون الدولي فيما يخص إتاحة المساعدات الإنسانية.
وقالت سارة ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن الحوثيين ارتكبوا جريمة حرب بإطلاق لصاروخ باليستي عشوائي على مطار مدني، لكن هذا الهجوم غير القانوني لا يبرر أن تزيد السعودية من الكارثة الإنسانية اليمنية بزيادة القيود على المساعدات وإمكانية الدخول إلى اليمن”.
وبعد يوم من فرض الحظر الكلي، قال مواطنون إن أسعار المحروقات وبالتالي السلع الغذائية ارتفعت إلى أرقام قياسية بسبب قلة العرض والتخوف من عدم وجود وارد، فضلا عن إخفائها من قبل التجار لبيعها فيما بعد في السوق السوداء.
وفي السياق ذاته، يقبع عشرات اليمنيين في مطارات الخارج بانتظار العودة إلى الوطن، نظرا لتوقف حركة الطيران من وإلى البلاد، فيما يعانون ظروفاً مادية وجسدية صعبة كون معظم المسافرين إما مرضى أو طلاب.
ولليوم الثاني على التوالي، يُعلن طيران اليمنية (تمتلك طائرتين فقط)، تعليق رحلاته من وإلى مطاري عدن وسيئون جنوب وشرق اليمن، بسبب عدم حصوله على تصاريح من التحالف العربي، قائلاً “إن التعليق سيستمر إلى أجل غير مسمى”، تاركاً آلاف المسافرين عالقين في عاصم عربية بينها القاهرة وعمّان والخرطوم وجدة السعودية.
ويرى صحفيون وناشطون أن قرار قوات التحالف إغلاق كافة المنافذ لا يضر سوى بالمواطن البسيط، ولا يعدو عن كونه إمعانا في زيادة معاناة اليمنيين التي بدأت منذ ثلاثة أعوام، فيما الانقلابيون يعرفون جيدا الطرق التي يُهرّبون من خلالها الأسلحة.
ويفرض التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، حظرا على اليمن منذ قرابة ثلاثة أعوام، غير أن المجال كان مفتوحا أمام سفن البضائع وحركة المسافرين، خلافا للحظر المعلن منذ يومين والذي تسبب في مضاعفة معاناة اليمنيين.
عقاب جماعي إضافي لليمنيين
الصحفي “عبدالعزيز المجيدي” يرى أن قرار إغلاق جميع المنافذ اليمنية من قبل قوات التحالف العربي هوعقاب جماعي لليمنيين، وهو تعبير عن فشل مريع لسياسات الشرعية وحلفائها طيلة فترة الحرب”.
وأضاف “المجيدي” لـ”يمن مونيتور”، “في كل الأحوال، اليمنيون على الدوام ضحايا كل السياسات الفاشلة للجيران، بدءًا من دعم الانقلاب وتمويله، وانتهاءاً بحرب بلا وجهة ولا هدف.
وتابع، “قبل ذلك نحن ضحايا لقيادات ونخب يمنية تتبارى في الرداءة وتنفيذ أجندة الآخرين، لكن الحقارة الكبرى ستظل، لعنة الحوثي عفاش، التي أوقعتنا في هاوية بلا قاع.
مضاعفة الكارثة الإنسانية القائمة
ويقول الصحفي جميل المصعدي إنه “ﻳﻨﺒﻐﻲ على ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ إﻟﻐﺎء ﻗﺮﺍﺭ ﻏﻠﻖ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺬ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺠﻮﻳﺔ ﻟﻠﻴﻤﻦ ﻭﺑﺎﺳﺮﻉ ﻭﻗﺖ ﻣﻤﻜﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ ﺍﻟﻤﺆﻳﺪ ﻟﻠﺘﺤﺎﻟﻒ العربي ﻭالشرعية إلى ﻣﻌﺎﺩ لها”.
وأضاف “المصعدي” لـ”يمن مونيتور”، أن ﻋﺪﻡ ﺣﺴﻢ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍﻻﻧﻘﻼﺑﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺳﺒﺒﻪ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻬﺮﻳﺐ إيران للسلاح ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺬ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ، ﻭإنما في الفشل السياسي، العسكري ، المالي والإداري للمعنيين أيضا.
أما “أحمد” مواطن من تعز فيرى أن قرار الحظر الكلي الذي فرضه التحالف فتح شهية التجار لرفع بضائعهم، والمتضررون هم فئة المطحونين، نحن فقط.
وتابع القول: كل شيء ارتفع فجأة، وبعض السلع معدومة، أو أن التجار أخفوها ليبيعوها في السوق السوداء؛ رغم أن هذه السلع قديمة ومشتراة من قبلهم بالسعر القديم، لكنهم تحار حروب أيضا.
إغلاق المنافذ بسبب منفذ واحد
وأرجع الناشط بسام الزيادي إعلان التحالف عن غلق كافة المنافذ إلى منع عملية تهريب الأسلحة وليس لمعركة قادمة”، لكنه تساءل عن مدى الفائدة من إغلاق الحدود البرية حيث لا يمكن أن يكون هناك تهريب للسلاح من السعودية ذاتها، فما الذي أغلق إذن!
وأضاف “الزيادي”، “أعتقد أن إغلاق كافة المنافذ بدون استثناء هو لمنع الحرج من إغلاق منفذ “شحن” الحدودي مع سلطة عُمان، والذي تحدثت تقارير سابقة عن تهريب أسلحة وأجهزة اتصالات من خلاله إلى جماعة الحوثيين”. حد قوله
وسبق أن نفت وزارة الخارجية العُمانية صحة تلك التقارير، قائلة إن “مثل هذه المسائل قد تم مناقشتها مع عدد من دول التحالف العربي والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، وتم تفنيدها والتأكد من عدم صحتها”. لكنها في الوقت نفسه أكدت أن “السواحل اليمنية القريبة من نظيرتها العُمانية لا تقع تحت نطاق أي سلطة حكومية في الجمهورية اليمنية، لذا فإن تلك السواحل متاحة لاستخدام تجار السلاح”.
واليوم الثلاثاء، التقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، محافظ المهرة (يقع منفذ شحن الحدودي في نطاقها)، وحث الأخير على “العمل على مكافحة عملية التهريب”.