ناموا ، ولا يفزعنكم صوت استغاثات هذه المدينة..
تدثروا جيداً، وغطوا عيونكم حتى لا تروا صور الأطفال بأقدامٍ مبتورة، وصور النساء بأنصاف أجساد! ناموا ، ولا يفزعنكم صوت استغاثات هذه المدينة..
تدثروا جيداً ، وغطوا عيونكم حتى لا تروا صور الأطفال بأقدامٍ مبتورة ، وصور النساء بأنصاف أجساد!
صبوا العطر على أطراف أثوابكم ، حتى لا تصلكم روائح الدم التي تفوح في أرجاء تعز!
احتضنوا أطفالكم ، ولا تفكروا في أطفالٍ انتزعتهم نيران القذائف من أحضان أمهاتهم ، بلا أدنى رحمة!
لا تقلقوا ، لم يحدث شيء يا اخوتنا ، يا أشقاءنا
يا بني وطننا
لا شيء يستدعي القلق.
كل ما في الأمر أن هناك أناسٌ يموتون ، والحي أبقى من الميت كما يقولون ، لذا عيشوا تفاصيل حياتكم ولا تبالوا!
لا تبالوا بآهات تلك الأم التي فقدت ابنتيها دفعةً واحدة ، ولا تهتموا لشأن الأسرة التي حاولت النزوح فجاءها قبح القذيفة الى الشارع ، لتدمر باص النزوح وتقتل من فيه.
لا تهتموا حتى لو كانت المدينة تفقد كل يوم دكتوراً ومهندساً ومعلماً ، على يد شلة طراطير!
الطراطير أيضاً بشر ، ومن حقهم أن يثبتوا رجولتهم بقتل الناس ، لذا لا تهتموا!
واصلوا مسلسل الصمت ، واستمروا في أداء دور الأطرش الذي لا يعلم شيئاً في الزفة..
زفة الموت.
أعلم أن فيكم أرواحاً ثائرة بشكل يفوق ما نحن عليه ، وأدري أن فيكم أساتذة نضال ورجال شرف ونخوة لا يقبلون الضيم ، لكن في المقابل هناك عدد كبير ممن باعوا وخانوا ، وسلموا رؤوسنا لمقصلة المليشيات ، وجهزوا حبل مشنقة الطائفيين ليلفونه على عنق هذه المدينة الطاهرة!
من يقتلوننا اليوم لم يأتوا من الفضاء ، ولم يخرجهم مهديهم المنتظر من سردابه..
من يقتلوننا يمنيون أيضاً ، وبعضهم من هذه المدينة أيضاً، يشاركوننا الماء والهواء وشظف العيش في هذا البلد..
لكنهم لا يشاركوننا أكسجين الكرامة ، فلا يتنفسون الا عبوديةً وانبطاحا!
لن نتهمكم بالخذلان ، فتعز أكبر من أن تُخذل..
ولن نبقى نوزع الاتهامات هنا وهناك ، طالما والموت لا يترك لنا فرصة البقاء، بل يوزع أجسادنا هنا وهناك!
تعز تتعرض لجرائم إبادة ، أسر بأكملها رحلت ، الأب والأم والأطفال ، ودميةٌ كانت تنام بجوار الطفلة التي رحلت ، تاركةً لها سؤالاً محيراً : هل هؤلاء ينتمون الى عالم الإنسان!
تعز كانت تعي حجم مخاطر خوض هذه المعركة ، لكنها كانت أكثر وعياً بمخاطر عدم خوضها!
عموماً لا تقلقوا مطلقاً ، لم يحدث شيء..
نحن فقط نموت!