لن تجد وقتا لذلك ربما، نعذركم على انشغالاتكم، لكن أكرم لم يدون في روايته كل ما تعرض له، لم يكتب سوى نحو 300 صفحة من القطع المتوسط، وما استطاعت الحروف رسم آثاره، حين تقرأ ما تعرض له أكرم تتكوم الدموع في مآقيك مع كل حرف وكل فقرة من الحكاية..
هل قرأت رواية أكرم توفيق عكازة وقلم؟
لن تجد وقتا لذلك ربما، نعذركم على انشغالاتكم، لكن أكرم لم يدون في روايته كل ما تعرض له، لم يكتب سوى نحو 300 صفحة من القطع المتوسط، وما استطاعت الحروف رسم آثاره، حين تقرأ ما تعرض له أكرم تتكوم الدموع في مآقيك مع كل حرف وكل فقرة من الحكاية..
وعلى ذكر الفقرة، ففقرات عمود أكرم الفقري لم ترى عافية منذ دخل الزنزانة اللعينة للأوغاد!
اقرأ رواية أكرم القدمي يا معاليك، اتكئ على عكازة أكرم وانصت لقلمه يحدثك عن أبشع ما يمكن أن تتخيله في غاب وحشي يديره همج أوغاد.
وانت تقرأ تلك السطور المكتظة بالوجع؛ حاول أن ترهف سمعك لأنين كاتب الرواية، ربما يكون لحظة قراءتك يعالج كابوسا لن يفارق الرجل على مدى أعوام!
هل تظنون أن تضحيات الصحفيين مادة لاستعراض العضلات؟ أو فرصة لاختزال البطولات؟ أو حدث للفهلوة وتصدر المواقف؟ هل تظنون أن ما خلف أقبية الزنازين مجرد حفلات تعذيب وتنكيل مؤقت؟ كلا كلا.. ليست كل ذلك ايها الكرام.
في ثنايا “عكازة وقلم” أهوال تشيب لها الرؤوس، وأكرم الذي أصبح الآن حرا يناجي نيل القاهرة عند كل عاصفة تعذيب محبوس في ذاكرته، لا يزال سجين الوجع والخذلان، حبيس سياط الجلاد القذر التي سكنت وجدانه كأفظع ليال عاشها في حياة الصحافة اليمنية، وسياط الخذلان التي لا تزال تلسع ظهره حينما ترك في احد مشافي القاهرة بلا رعاية تليق به كبطل يجب أن نخلد نضاله.
***
القسوة لا توصف ولا تتحملها مشاعر النفوس السوية، “عكازة وقلم” عذاب أليم وثقه يراع أكرم كمحطات من تاريخ اليمنيين لم نجد من يدرك واجبه نحو ايقاف هذا التوحش القذر المسكوب على الصحفيين خلف القضبان!
يكتب أكرم بعض ما ارتكبه الحوثيون من سلسلة جرائم وحشية بحق جسده ونفسه لم يتوقف أذاها مع خروجه بل لا يزال العذاب يلاحقه في نومه وصحوه كسحاب من الشرود والتشرد والاهمال.
“عكازة وقلم” سطرها أكرم كوثيقة منحوتة لكل ما عاشه على أيدي أقذر الوحوش على الاطلاق، كان يكتب الوجع وفي ذات اللحظة يعيش نحو 17 زميلا نفس المعاناة ويكتوون بتفاصيل العذاب الذي يحكيه لكم أكرم!
صرير قلم الراوي لخص واقعا عاشه أكرم توفيق، ولا يزال الواقع -بتفاصيله الوحشية – يعيشه أكرم الوليدي وعصام بلغيث وعبد الخالق عمران وعبد الله المنيفي وهشام طرموم وهيثم الشهاب وحسن عناب وحارث حميد وحسين العيسي ووحيد الصوفي وتوفيق المنصوري ويوسف عجلان وهشام اليوسفي ومحمد المقري وصلاح القاعدي ونبيل السداوي وعبد الاله عباد ونجل الاستاذ القدير يحيى الجبيحي أيضا!
كل هذه الكوكبة من أبطالنا لا تزال سياط التنكيل والتعذيب الحوثية المتوحشة تنال منهم ليل نهار، تغرس في أجسادهم التي تضاعف الوجع حتى بات بعضهم في خطر إعاقة دائمة جراء الوحشية المفرطة، والعذاب النفسي ينزل بهم واسرهم ولا يزال يلاحق أكرم وتيسير ويحيى ومحمد وكل من تنسم جسده الحرية وبقي مسكون بأقسى الذكريات!
***
هل قرأتم رواية “عكازة وقلم” يا معالي الوزير؟
اقرؤوها وكان الأحرى أن تجد اهتمام وزارتكم لطباعتها وترجمتها ليدرك العالم وفي مقدمتهم صحفيو اليمن هذه النكبة التي لم تشهد لها ساحة صحفية في العالم مثيل.
اليمن بلد أكرم أيضا، وعكازته التي رافقته حينا من الزمن، وبلد النخبة الذي مضى على اختطافهم أزيد من ألف يوم!!
لماذا يلقى المناضلون الحقيقيون هذا التجاهل الغير مبرر ولا مقبول من الشرعية؟
كان الأحرى أن تنال رواية أكرم احتفال توقيع يليق بكل ما عاناه الرجل ولا يزال يعيشه زملاءه هناك في سجن الأمن السياسي وهبرة وزنازين لم تعرفها الشمس منذ ألف يوم، وبين مصير غامض لبعضهم ومجهول لوحيد والمقري!
لسنا ضد الاهتمام بأي رواية، ولا موقف نسجله أو نتحفظ عليه ضد أي حرف وكاتب، ولكننا مللنا من العجز الفاضح والتجاهل المزعج لكل هذه الأكوام من الوجع الممتد منذ ألف ليلة وليال!
آن لرواية أكرم أن ترى النور على نفقة الدولة، وأن تحظى بترجمة الى كل اللغات التي ينطق بها الصحفيون في مشارق العالم ومغاربه، آن لكوابيس أكرم أن تزور مناماتنا وصحونا لتشعل فينا ضوء التضامن الذي يفضي إلى حرية جماعية لكل الصحفيين في سجون الحوثي والمخلوع.
آن لأجنحة أكرم أن تطوف كل محافل من يتشدقون بحقوق الانسان وحرية التعبير في الغرب والشرق.
عكازة أكرم وقلمه عربون نجاة الصحفيون يا معالي الوزير، دعوا أكرم يهش بروايته ليدرك العالم فظاعة ما تخفية أقبية السجون في اليمن، اليمن بلد أكرم ورفاقه الأحرار.
عكازة أكرم وقلمه رقية ناجعة لكل من كان له ضمير.
نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك