معركة تعز.. أين تسير بها مخاوف وطموحات الإمارات باليمن؟!
لأكثر من عامين ومعركة الشرعية في استعادة محافظة تعز كسيحة، حيث لم تحظ المدينة بتحرك يذكر أمام أهمية المعركة من قبل حكومة الشرعية والتحالف إلا وعودا من هنا وهناك، وإعلان لأكثر من مرة عن بدأ التحرير الفعلي للمدينة، ليخرج أبناء تعز بعد أكثر من سنتين بمظاهرات تطالب بحسم المعركة وبتخفيف معاناة الناس. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من يونس عبدالسلام:
لأكثر من عامين ومعركة الشرعية في استعادة محافظة تعز كسيحة، حيث لم تحظ المدينة بتحرك يذكر أمام أهمية المعركة من قبل حكومة الشرعية والتحالف إلا وعودا من هنا وهناك، وإعلان لأكثر من مرة عن بدأ التحرير الفعلي للمدينة، ليخرج أبناء تعز بعد أكثر من سنتين بمظاهرات تطالب بحسم المعركة وبتخفيف معاناة الناس.
اتهم متظاهرون وقيادات بالمحافظة التي تعاني حصاراً حوثياً الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية بالتآمر على المدينة وخذلانها، كما وجهوا اتهاماً خاصاً لدولة الإمارات بعرقلة التحركات من أجل التحرير بناءً على مواقف سياسية.
وفي إجابة بدت هي الأخيرة في حل لغز من يقف ضد تحرير المدينة خرج محافظ محافظة تعز علي المعمري بتصريحات ادلى بها في محاضرة له شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري بالجامعة الأمريكية في بيروت قائلا بأن هناك طرفا في التحالف يمد المقاومة في تعز بما يكفيها للصمود فقط وليس للتقدم.
وأضاف المعمري بأن ذلك الطرف منعه من دخول المخا منذ تحريرها قبل 8 أشهر، ثمَّ أشار إلى أنَّ دولة الإمارات هي من تقود العمليات العسكرية في المخا المدينة الاستراتيجية التي تحوي ميناءً مهماً على الساحل الغربي للبلاد.
دور مشبوه في اليمن عموما وتعز خصوصا..
كشفت قناة الجزيرة الأسبوع الماضي عن رسالة بعثها قائد قوة الواجب المشتركة الإماراتي أحمد علي محمد البلوشي إلى قائد محور تعز اللواء خالد فاضل يخبر الأخير فيها بوقف التحركات الميدانية والعسكرية التي أشرف عليها الوفد الحكومي اليمني برئاسة عبد العزيز جباري نائب رئيس الوزراء اليمني خلال زيارة لتعز الأسبوع الماضي.
كما منعت توجيهات القائد الإماراتي تغيير أو سحب أي نقاط أمنية من قبل أي قوة كانت، إلا بعد أخذ الإذن من قوات التحالف العربي في عدن، بحسب الرسالة.
في الشأن ذاته ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية بأن ابوظبي تزود مليشيات شبه عسكرية يقودها القيادي السلفي عادل فارع (ابو العباس ).
على ذات السياق يرى مراقبون بأن تصاعد لهجة الإمارات ضد حزب الإصلاح وما تمارسه قوى تابعة لها في جنوب اليمن وفي تعز لا يخدم الشرعية ولا التحالف وإنما يفيد تحالف الحوثي/علي عبدالله صالح (الرئيس اليمني السابق) الذي جاءت الإمارات لمحاربتهم في اليمن.
الإمارات وبداية معركة تعز..
تأخر الحسم العسكري في تعز وعدم توفر إرادة حسم المعركة بدا جليا في وقت مبكر، كما يرى متظاهرون في تعز احتجوا الأسبوع الماضي لـ”يمن مونيتور”، فبعد تحرير المحافظات الجنوبية توقفت القوات عند آخر نقطة فيما كان يعرف سابقا بالجزء الجنوبي من الوطن، الأمر الذي جعل أبناء المدينة يضعون الف علامة استفهام حول لماذا تم التوقف هنا؟ لتأتيهم الإجابة واضحة مبكرا أيضا.
في اواخر نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2015 سحبت الإمارات قواتها من عدة جبهات بينها جبهة تعز ثم أنشأت سريعا كتائب “أبو العباس” في المدينة ودعمتها بالمال والسلاح في وقت كان فيه من أشعلوا المعركة في المدينة يتضورون جوعا كما يرى ياسين العقلاني أحد أبناء تعز وصحفي في المدينة.
يرى ياسين العقلاني في حديثه لـ”يمن مونيتور” بأن استمر وبناء كتائب ابو العباس هو المتسبب في الوضع المدينة الكارثي وبقائه على ما هو عليه.
يقول ياسين: انشغلت كتائب أبو العباس عن تحرير المدينة بقتال الفصائل المقاومة الأخرى، وفي مقدمتها حمود المخلافي والذي وصل الأمر معه إلى حد الاشتباك المسلح إضافة إلى حملة إعلامية شرسة تبنتها جماعة تتلقى دعمها من الإمارات، كما رأى مراقبين حينها.
وبحسب العقلاني فإن خصوم المخلافي آنذاك كانوا يرون بأن انسحابه سيدفع بالمعركة إلى الأمام وستحسم المسألة.
ما بعد خروج المخلافي من تعز..
انشغلت الإمارات كما يرى مراقبون بإحكام سيطرتها على جنوب البلاد وإعدادها لما عرف لاحقا قوات الحزام الأمني في عدن والذي أوكلت له تسيير أمور المناطق المحررة بمعزل عن هادي وحكومته.
تركت معركة تعز رغم خروج قائد مقاومتها المتهم بالانتماء لحزب الإصلاح الذي تعتبره الإمارات مرتبطاً بالإخوان المسلمين التي أعلنت عنها أبوظبي بصفتها “إرهابية”، ليبقى في تعز فصائل تقاوم باعتماد ذاتي أو أخرى اقتصر دورها في افتعال المشاكل داخل المدينة وعمليات السطو والنهب لبيوت المواطنين.
في منتصف يوليو/ تموز من العام الحالي أصدرت كتائب ابوالعباس بيانا تتهم فيه غزوان المخلافي أحد قادة المقاومة الشاب الذي يعتبره متظاهرون “المواجه بقوة لأجندة أبو العباس والإمارات في المدينة” بإطلاق الرصاص على احدى الدوريات التابعة لكتائب ابوالعباس مما أدى إلى مقتل سائق الطقم.
شنت جماعة ابوالعباس حربا شرسة ضد غزوان مما أدى إلى اختفائه من المشهد هو الآخر، واستمرت الجماعة السلفية، التي يصفها تقرير قُدم لمجلس الأمن بصفتها مرتبطة بالإرهاب وتنظيم القاعدة، بصناعة معارك لا تمت لتحرير تعز ولا لدحر الحوثيين بصله.
تحرير المخا
في مطلع العام الجاري دفعت الإمارات بقوات جنوبية تابعة لها لتحرير مدينة المخا وكان ما أرادت تنفيذه، وقال علي المعمري في حديثه بالجامعة الأمريكيَّة ويصرح بأنه منع لمرات كثيرة من دخول مدينة المخا التابعة لمحافظة هو محافظها، الأمر الذي جعل محللين سياسيين يرون بأن الإمارات تسعى لضم المخا الى الجزء الجنوبي من البلاد بحسب تصريحات لقادة في القوات التي حررت المدينة.
اكتفت الإمارات بتحرير المخا وتحويل مينائه إلى منطقة عسكرية مغلقة بحسب تقارير لصحف ومواقع إخبارية عالمية.
تحالف أضداد..
في حين تعلن الإمارات قوائم إرهاب عالمية وتطالب بمحاربتها، تتجه في اليمن إلى عكس ذلك تماما، كما تقول منظمات ووسائل إعلام عالمية، في تعز وبحسب وثيقة أممية سرية يسمح عادل فارع المكنى “أبو العباس” بالسماح لتنظيم القاعدة بالانتشار في المدينة، وبما أنه حليف الأول للإمارات، تطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين أهداف التحالف العربي وأجندة أبو ظبي في اليمن.
الخلاف العميق
في اغسطس /آب الماضي أصدر إصلاح تعز أصدر بيانا شكر فيه دور الإمارات في اليمن وما تقوم به واهتمامها بالجانب التنموي والاقتصادي.
وأكد البيان إضافة إلى عدة بيانات وتصريحات سابقة لقيادات حزب الإصلاح بأن أبناء تعز وفي مقدمتهم التجمع اليمني للإصلاح يرون في دولة الإمارات شريكا أساسيا في عملية التحرير.
وكخلاصة لموقف الإمارات من الإصلاح بشكل عام وإصلاح تعز بشكل خاص قال الصحفي البارز أحمد الزرقة الصحافي والمحلل السياسي ومدير قناة بلقيس الفضائية في تصريح ليمن مونيتور بأن هناك حالة من الخلاف الفكري والسياسي العميق وحالة من العداء غير المبرر من قبل الإمارات تجاه الإصلاح واعتباره جزء من حركة الإخوان العالمية، والتباين الحاصل أكبر من أن ينتهي ببيان من طرف واحد ولا يمكن أن تحدث تحولا في المستقبل تسهم في تقريب وجهات النظر بين الطرفين تحت أي مسمى.
وبحسب الزرقة فإن هذا التباين في المرجعيات الفكرية والأيديولوجية بين الإمارات والإصلاح، جاء باعتبار الإصلاح حركة إسلام سياسي لها برنامج سياسي وتسعى للوصول للحكم ، وتمتلك انتشارا واسعا على امتداد الخارطة اليمنية وهو ما يجعله القوة الأكثر تنظيما في الأرض في الوقت الراهن.
مؤكدا بأن الإمارات لا تريد أي قوة فاعلة في اليمن يكون لها تأثير أو رؤية بعيدا عن الرؤية الإماراتية.
موقف هادي وحكومته من تعز..
عجز هادي وحكومته في الوفاء لتعز بأبسط ما يجب كما يرى أبناء المدينة طيلة فترة مقاومتها للحوثيين على الدولة اليمنية، ووصل الأمر إلى عجزها عن تسديد رواتب موظفي المدينة أو جنودها، وخرجت مظاهرات تطالب الحكومة والتحالف بحسم المعركة في المدينة وتسليم الرواتب لأبنائها.
على السياق ذاته هناك من يرى بأن هادي فعل كل ما بوسعه، وبأن هناك إرادة تجعله مكبلا ويخطو ببطء، وكإثبات لاهتمامه بالمدينة جاءت الزيارة الأولى من نوعها لوفد الحكومة اليمنية إلى محافظة تعز برئاسة نائب رئيس الوزراء عبدالعزيز جباري مطلع الأسبوع الماضي وشملت زيارة الوفد عددا من المؤسسات الخدمية في تعز للاطلاع على الأضرار التي ألحقتها بها المليشيا خلال الحرب.
وقال جباري بأن هدف من الزيارة هو تجديد التزام الحكومة بتحرير المدينة، مشيرا إلى أن مهتمة معالجة المعوقات لبناء الجيش الوطني والأجهزة الأمنية في المدينة.
لتعز خصوصية اخرى غير الجنوب..
وحاولت الإمارات بحسب مصادر سياسية وعسكرية إنشاء قوة حزام أمني في محافظة تعز في محاولة لنقل التجربة من محافظة عدن، لكن يبدو أنها فشلت.
وقال الزرقة في تصريح خاص ل”يمن مونيتور” بان الإمارات ومنذ وقت مبكر حاولت الإمارات اختراق المقاومة في تعز وتعميم فكرة ما حدث في عدن وغيرها من الناطق في الجنوب ودعمت فصائل مسلحة متطرفة بالمال والسلاح غير أن تعدد الأطراف في تعز ووجود قوات جيش ومقاومة متنوعة من شأنه تصعيب تكرار تلك الحالة بشكل كبير.
وأستطرد الزرقة قائلا: مهما استمرت محاولة الإمارات في تقوية فصائل على حساب فصائل أخرى في تعز إلا أن خصوصية تعز وكثافتها السكانية واتساع رقعتها يجعل من الصعب تعميم تلك التجربة في الوقت الراهن. ستبقى تعز تعاني طويلا من العنف والفوضى باعتبارها منطقة للصراع المحلي والإقليمي وتعدد الجبهات والولاءات وانعكاس الوضع في تعز على بقية المناطق سواء في الجنوب أو الشمال.
متى تنجح الإمارات بتعز؟
المحلل السياسي والكاتب الصحفي ياسين التميمي قال في تصريح ليمن مونيتور بأن التحركات المشبوهة في تعز منذ بدء المعركة تأتي ضمن مخطط لإحداث الفوضى في المدينة والتمهيد لإنشاء جهاز أمني خارج عن سيطرة الدولة لالحاق تعز بركب الجنوب.
وبحسب التميمي فإن الإمارات تعمل عملت على إنشاء قوات تابعة لها في تعز على غرار ما حدث في عدن ونجحت، والان قوتها موجودة ممثلة بكتائب ابوالعباس والقوات الجنوبية في المخا، مؤكدا بأن هذا لم يعد يخفى على أحد.
وأشار التميمي إلى أن هناك مؤخرا سعيا كبيرا من الإمارات لإنشاء قوات نخبة تعزية تنفذ أجندة الإمارات وتعمل خارج إطار الشرعية كقوات الحزام الأمني في عدن والنخبة الشبوانية.
واختتم التميمي بالقول: ما دامت السعودية وهادي يمارسون الصمت تجاه الإمارات، فسيكون ما تريده الإمارات في تعز وفي كل المناطق التي سيطرت والتي ستسيطر عليها أبوظبي”.