(انفراد) الإعلان عن “الاستفتاء” و”البرلمان”.. خطوة نحو “أربيلزيجشن” جنوب اليمن؟
الجمعية ستشرف على الحكم المحلي، وتعمل جنبا إلى جنب مع قوات الأمن المدعومة من الإمارات كقوة إقليمية مستقلة. وبشكل عام، خطوة أخرى نحو “Erbilization” (أربيل زيجشن- في إشارة إلى تقليد استفتاء كردستان العراق)- إقامة دولة مستقلة داخل دولة مع طموحات الاعتراف الدولي – في جنوب اليمن. يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
في تحليل جديد لـ”بيتر سالزبوري” الخبير في الشؤون اليمنية والباحث الأول في معهد تشاتام هاوس يشير إلى التحركات التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي -جنوب اليمن- بالإعلان عن “برلمان” والشروع في “الاستفتاء” من أجل الانفصال لم تأخذ الدرس من الانفصاليين في كتالونيا الإسبانية وكردستان العراق. مقدماً وصفاً لتحركاتهم “أربيلزيجشن” في إشارة لتقليد مراهنة أربيل على الاستفتاء من أجل الحصول على الانفصال.
وقال الباحث الدولي في تحليل نشره معهد دراسات الخليج في واشنطن: “إنها مقامرة لم تأخذ العِبرة من الانفصاليين في كتالونيا أو كردستان العراق. إلا أن الانفصاليين اليمنيين الجنوبيين أعلنوا عن خطط لإجراء استفتاء حول الاستقلال، على أمل واضح أن المناخ السياسي الإقليمي يقف إلى جانبهم – وأنه بدون وجود دولة يمنية مركزية أو أجهزة أمنية يمكنهم أن ينجحوا حيث نجح آخرون في الدفع نحو الاستقلال”.
وفى حديثه خلال تجمع انفصالي في مدينة عدن الساحلية الجنوبية اليمنية يوم 14 أكتوبر، قام عيدروس الزُبيدى، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الحكومة الموازية والمنتظرة، والأخيرة في سلسلة من المحاولات اليمنية للانفصاليين من أجل تطوير بنية سياسية متماسكة، بالإعلان عن تشكيل “الجمعية الوطنية” الجديدة التي تضم 303 أعضاء. وفي الوقت نفسه، كشف النقاب عن خطط لإجراء استفتاء على الاندماج الذي دام ربع قرن مع شمال اليمن.
ويقول الباحث، في تحليله الذي ترجمه “يمن مونيتور” إنَّ من الحكمة، نظرا للأحداث في إسبانيا والعراق، كان يجدر بالمجلس الانتقالي الجنوبي عدم الحديث عن إعلان الاستفتاء والتركيز على تشكيل الجمعية الوطنية. وقال المجلس بمجرد تشكيلها، إنَّ الجمعية ستشرف على الحكم المحلي، وتستعرض قرارات المجلس، وتعمل جنبا إلى جنب مع قوات الأمن المدعومة من الإمارات العربية المتحدة على الأرض، كقوة إقليمية مستقلة. وبشكل عام، قال مراقب يمني إن الإعلانين يمثلان خطوة أخرى نحو “Erbilization” (أربيل زيجشن- في إشارة إلى تقليد استفتاء كردستان العراق)- إقامة دولة مستقلة داخل دولة مع طموحات الاعتراف الدولي – في جنوب اليمن.
التحول الجنوبي؟
ويشير وقد تم تشكيل المجلس في أيار / مايو، وكان الهدف المعلن منه هو تمثيل المصالح الجنوبية على الأرض وفي المناقشات الوطنية والدولية بشأن مستقبل اليمن. يأتي ذلك ضمن سلسلة من الفعاليات المماثلة، لما يعرف بالحراكيين – أتباع الحراك الجنوبي – إذ يعتقدون أنَّ الوقت الآن أفضل فرصهم نحو الانفصال.
وحسب الكاتب “فقد اشتكى الجنوبيون منذ فترة طويلة من أن الاندماج بين الجمهورية العربية اليمنية الشمالية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الاشتراكية في عام 1990 تركهم مهمشين. (يمكن أن يكون مصطلح “الجنوب” مربكا حيث يستخدم الانفصاليون الكلمة لوصف المحافظات الجنوبية والشرقية – لحج والضالع وعدن وأبين وشبوة وحضرموت ومهرة – التي تشكل الدولة الاشتراكية قبل الوحدة). فبعد حرب أهلية بين الشمال والجنوب في عام 1994، انتصر فيها الرئيس علي عبد الله صالح بدعم من الحلفاء القبليين والإسلاميين، تم إحالة القادة العسكريين الجنوبيين إلى التقاعد قسرا، ووزعت الأراضي على النخب في صنعاء، وتوجهت الإيرادات من حقول النفط الجنوبية الرئيسية مباشرة إلى صنعاء، ولم يعاد تدويرها في الاقتصاد المحلي. وفي عام 2007 تشكل “الحراك الجنوبي” كحركة تلتقي تحت مظلتها الجماعات الجنوبية الساخطة.
كانت انتفاضات الربيع العربي عام 2011 مصدر إلهام للناشطين المناهضين للحكومة في الشمال، لكن الاقتتال الداخلي للنظام الذي أدى في النهاية إلى إطاحة بصالح كان ينظر إليه على أنه صراع على السلطة بين النخبة الشمالية من قِبل العديد من الجنوبيين. ورفض معظم الانفصاليين المشاركة في العملية السياسية التي قادتها الأمم المتحدة عقب الإطاحة بصالح، وطالبوا بدلا من ذلك السماح لهم بإجراء مشاورات خاصة بهم جنوباً.
وعلّق الباحث، حسب ترجمه “يمن مونيتور” على ذلك بالقول: “فشل الحراك -القوى الجنوبية- عقد مشاورات خاصة بينهم، لأن الحراك حركة غير متبلورة تتكون من عشرات المجموعات المختلفة التي تشترك في هدف واحد مشترك – الاستقلال – ولكنها تشترك بشكل أقل في الأمور الأخرى. وقد عانت الحركة من الاقتتال الداخلي، ولم تكن محاولة المجلس الانتقالي الجنوبي المحاولة الأولى في هيئة برلمانية جنوبية. ففي عامي 2012 و 2013، طرح قادة الجنوب تشكيل جمعية وطنية مماثلة لتلك التي أعلنها الزُبيدي. ولكن لم يتم تحقيق ذلك، والسبب في ذلك الاقتتال الداخلي بين مختلف الفصائل الجنوبية حول التعيينات الرئيسية، مما دفع العديد من الجنوبيين الأصغر سنا إلى رفض قيادتهم الكبيرة في السن إذ أنَّ كثير منهم يعانون من مؤثرات الصراع من الحقبة الاشتراكية والإمبراطورية البريطانية”.
وتابع الكاتب القول: “بحلول عام 2014، اتخذت الخطابات الانفصالية لهجة متزايدة من أجل النضال، على الرغم من الوعد بوجود هيكل فيدرالي للحكومة. وبدأ الحراك الشاب، الذي تعب من الكلام، وعدم الفعل، وعدم الاهتمام الدولي في القضية الانفصالية، في تشكيل “مقاومة جنوبية” جديدة وبدأ يهدد بالاستيلاء على الشوارع بالقوة، حيث كانوا يبحثون عن قادة يركزون على العمل بدلا من الخطابة”.
ويشير إلى أنه “من الصعب معرفة ما هي الأحداث التي كان من الممكن أنَّ تحدث إذا لم تقرر جماعة الحوثي السير نحو عدن في مارس / آذار 2015 سعيا وراء الرئيس عبد ربه منصور هادي”.
ومع ذلك- يقول الكاتب- فسلسة من الأحداث أدت إلى تقدم كبير في القضية الانفصالية: انهيار الجيش الوطني، وحشية المعركة اللاحقة لعدن، والتدخل من قبل التحالف الذي تقوده السعودية والذي شمل (من المهم بالنسبة للجنوب) الإمارات، والفراغ في القيادة بعد الإطاحة بالحوثيين في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى.
تصاعد الجنوب
وتحت هذا العنوان يشير بيتر سالبوزي إنه وفي الواقع، كان الدعم الإماراتي الواسع، الذي أرسل قوات خاصة إلى عدن للعمل جنبا إلى جنب مع المقاتلين المحليين، التي ساعدت على استهداف مد تحالف الحوثي/ صالح في الجنوب، وراء تزايد النزعة الانفصالية، وبحلول يوليو 2015 تم دفع التحالف من معظم المحافظات الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، لعبت دولة الإمارات دورا هاما في تنظيم وتدريب وتوجيه العديد من الميليشيات ووحدات عسكرية أكثر رسمية تم إرسالها لتأمين الأراضي من غزو الحوثي/ صالح، ومن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. في الآونة الأخيرة، كانت هناك مؤشرات قوية على أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتزم الحفاظ على وجودها العسكري في الجنوب حتى في المستقبل، بذريعة ظاهرها دور مكافحة الإرهاب.
ويشير الكاتب إلى أنَّ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية كان يسيطر على مدينة المكلا الجنوبية لمدة عام قبل أن يتم دفعه من قبل “قوات النخبة الحضرمية” المدعومة من الإمارات في أبريل 2016. ومع بقاء حكومة هادي مترددة في الانتقال من الرياض إلى عدن، تم تفويض الحكم المحلي بشكل متزايد للجنوبيين المدعومين من دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب علاقتهم مع الميليشيات المحلية التابعة لأبوظبي أيضاً. على سبيل المثال، تم تعيين اسم الزبيدي حاكما لعدن في أواخر عام 2015، لقدرته على جلب الميليشيات من محافظته في الضالع لتأمين مدينة عدن التي كان يسيطر عليها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت.
وولد الزُبيدي في جنوب اليمن مع إعلان الاستقلال عن الإمبراطورية البريطانية، دُرب على السلاح في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية في 1980. وبعد أن قاتل في الحرب الأهلية عام 1994، لم يكن معروفا بشكل خارج الدوائر الانفصالية حتى بدأت الحرب الحالية. منذ عام 2015 ارتفعت شعبيته، وحصد سمعة باعتباره رجل الإمارات العربية المتحدة في الجنوب.
ويشير الكاتب إلى أنَّ الزُبيدي دخل أيضا في منافسة مفتوحة مع هادي، الذي أزاله من منصب حاكم عدن في أبريل/ نيسان ردا على انتقاداته الصريحة المتزايدة للرئيس وكجزء من التوترات الأوسع بين هادي والإمارات. وكان القادة الإماراتيون ينتقدون بشدة فشل هادي في السيطرة على الجنوب بعد إنهاء سيطرة تحالف الحوثي/صالح، إلى جانب علاقاته مع أعضاء حزب الإصلاح. وكان الإعلان عن تشكيل “المجلس الانتقالي”، الذي يعتبر نفسه بديلا لحكومة هادي، ينظر إليه على نطاق واسع على أنه امتداد واسع تدعمه دولة الإمارات ضد الرئيس هادي. بعد اعتماده لفترة وجيزة لهجة تصالحية تجاه الرئيس، يقول الزبيدي وأعضاء آخرون في المجلس الانتقالي إنهم لن يعملوا مع حكومة هادي، التي وصفوها بأنها فاسدة يملكها حزب الإصلاح.
Erbilization (اربيلزيجشن)
ويقول التحليل إنَّ عديد من الجنوبيين يرون أن إعلان الجمعية والاستفتاء يأتي بموافقة ضمنية من الإماراتيين، كدليل على أن الإمارات ستدعم انفصال الجنوب عندما يحين الوقت. غير أن آخرين يشيرون إلى أن الزبيدي، الذي لا يحظى بأي حال من الأحوال بشعبية كبيرة في الجنوب، يحتاج إلى إعطاء انطباع يعيد زخم المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي لم يحقق بعد أي إنجازات ملموسة. ومن المحتمل أن خطة الاستفتاء تهدف إلى الحصول على دعم أكبر محلياً للمجلس.
ويقوم المجلس الانتقالي الجنوبي بعمل واضح من أجل الحصول على الموافقة الإقليمية. من خلال تبني الخطاب المتصاعد ضد الإصلاح، والتركيز على جهود الميليشيات الجنوبية لمواجهة القاعدة، كما يضع المجلس نفسه كشريك لدولة الإمارات، التي تواجه الإخوان المسلمين. ويتطلع المجلس أيضا إلى توجيه نداء إلى واضعي السياسات في واشنطن الذين يرون في تنظيم القاعدة والجناح المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام من القضايا ذات الأولوية في اليمن. كما هاجم الزبيدي علنا إيران – التي يزعم أنها دعمته في الماضي – وقطر، المنافسين الإقليميين الرئيسيين لدولة الإمارات.
وتابع الكاتب: قبل المضي قدما، كان من الممكن أن يقوم الزبيدي وزملاؤه الانفصاليون بالاطلاع على نظرائهم الكرديين من أجل حكاية تحذيرية. إن حكومة إقليم كردستان شبه المستقلة هي شريك أمريكي لمكافحة الإرهاب، وقد لعبت دورا هاما في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وفي كلتا الحالتين، دعمت حكومة إقليم كردستان الأهداف الإقليمية للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في حين كانت بمثابة شوكة في جانب تركيا وإيران، اللتان لديهما علاقات صعبة مع دول الخليج. ومع ذلك، رفضت كلا من واشنطن والرياض، وأبو ظبي، الاستفتاء الكردي الأخير حول الاستقلال، كما صمتت وأيدت استيلاء القوات العراقية على كركوك من الميليشيات الكردية في منتصف تشرين الأول / أكتوبر (انسحبت القوات العراقية منذ ذلك الحين من بعض المدن الكردية).
ويؤكد الكاتب: “لذلك بعض الجنوبيين يشككون في الإمارات العربية المتحدة”.
واختتم الكاتب تحليله بالقول: “إنَّ القضية الجنوبية تجعل مشاركة السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن أكثر تعقيداً، من الناحية الفنية على الأقل، بسبب الاختلاف حول دعم هادي الذي حصل على شرعية دولية ومن أجلها جاء تأييد الحرب في اليمن. إذا كانت حكومة هادي ستطرد من عدن من قِبل المجلس الانتقالي الجنوبي قبل الحرب الأوسع الأولى منذ انتهاء التحالف الحوثي صالح، فمن غير الواضح كيف سترد الرياض على وجه الخصوص. في الوقت الراهن، فإن أفضل ما سيفعله الزُبيدي وشركاؤه هو العمل من أجل إنجاح الجمعية الوطنية. ومن المرجح أن ينتظر الاستفتاء”.
المصدر الرئيس
Referendum Declaration: Another Step toward the “Erbilization” of Yemen’s South?