تراجم وتحليلاتغير مصنف

(المونيتور): وساطة روسية في اليمن الخيار الأمثل للسعودية

كشفت صحيفة المونيتور الأمريكيَّة، أنَّ المملكة العربية السعودية قد تلجأ إلى وساطة روسيّة في اليمن. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:
كشفت صحيفة المونيتور الأمريكيَّة، أنَّ المملكة العربية السعودية قد تلجأ إلى وساطة روسيّة في اليمن.
وقالت الصحيفة: “تتوق المملكة العربية السعودية إلى وضع حدّ للنزاع اليمنيّ، ويبدو أنّ الوساطة الروسيّة هي خيارها الأفضل”.
وأثارت زيارة الملك السعوديّ سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى موسكو في الخامس والرابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تكهّنات جديدة بشأن دور روسيا المتنامي في الشرق الأوسط، هذه المرّة في اليمن.
وأضافت الصحيفة في تحليل كتبه، المحلل والباحث الروسي كيريل سيمينوف: لقد كانت موسكو ولا تزال معنيّة على مستويات عدّة في النزاع السوريّ وفاعلة في التسوية الليبيّة واتّخذت موقفاً براغماتيّاً من الخلافات الإقليميّة، بما في ذلك الخلاف الأخير بين قطر والمملكة العربيّة السعوديّة. لكنّ اليمن لم يضمن بعد جهوداً روسيّة استباقيّة – مع أنّه موجود على رادار موسكو الدبلوماسيّ.
وأشار سيمينوف إلى أنه: “من المحتمل أن تؤدّي زيارة الملك سلمان إلى موسكو إلى انطلاق جهود وساطة روسيّة بهدف حلّ الخلافات اليمنيّة، بطريقة تصبّ ربّما في مصلحة السعوديّة على حساب إيران – عدوّ السعوديّين اللدود وخصمها في الحرب الأهليّة اليمنيّة”.
تدعم إيران تحالفاً مؤلّفاً من الشيعة الحوثيّين في اليمن ومؤيّدي الرئيس السابق علي عبدالله صالح. أمّا السعوديّة فتدعم الطرف الآخر، أي حكومة عبد ربه منصور هادي، وهو الرئيس الحاليّ الذي يشار إليه على أنّه “معترف به دوليّاً لكن معترض عليه داخليّاً”- حسب الصحيفة الأمريكيَّة.
وأضافت الصحيفة: “وقد وصلت العمليّة العسكريّة التي تقودها السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة في اليمن إلى حائط مسدود، ولم تحقّق أيّ نجاحات استراتيجيّة منذ خريف 2015 بعد استيلاء قوّات التحالف السعوديّ على عدن وأجزاء من محافظة تعز. ويُعتقد أنّ الإمارات العربيّة المتّحدة مهتمّة بمحاربة حزب الإصلاح (حليف للسعوديّة في اليمن) المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين أكثر منها بمحاربة تحالف صالح والحوثيّين. ونظراً إلى خلافات البلدين المتزايدة بشأن اليمن، تبدو فرص التحالف في تحقيق نجاح عسكريّ ضئيلة”.
وينقسم الشعب اليمني أكثر فأكثر على جميع الخطوط- حسب ما قالت الصحيفة. فبالإضافة إلى هذا الانقسام، يواجه البلد مجموعات مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة، الذي يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي، وفصائل عدّة شبه مستقلّة وميليشيوّيين قبليّين.
وتابعت الصحيفة: “وما يزيد الطين بلّة هو أنّ اليمن على شفير كارثة إنسانيّة. ففي العام 2016، أودت الأعمال العدائيّة بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، بمن فيهم 1340 طفلاً. وعلى الرغم من دعم الولايات المتّحدة وبريطانيا، تجد الرياض صعوبة أكثر فأكثر في تحمّل انتقادات الأمم المتّحدة.
 
روسيا الخيار الأمثل
وبحسب تعبير المحلل السياسي فإن روسيا تبدو الخيار المنطقيّ لحلّ الأزمة اليمنيّة. فقد استنزفت عمان والكويت – دولتان من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجيّ غير معنيّتان مباشرة بالنزاع ويمكن أن تضطلعا بدور طرف ثالث وسيط – جميع إمكاناتهما لتسوية النزاع اليمنيّ.
وقال دبلوماسيّ روسيّ يعمل في دولة خليجيّة لـ “المونيتور”، طالباً عدم الكشف عن اسمه، إنّ الكويت، التي استضافت الجولة الأخيرة من المفاوضات اليمنيّة، سعت إلى تعزيز دورها كـ “حافظة للسلام”، لكنّ سمعتها دفعت الثمن غالياً بسبب فشل المبادرة. وقال رئيس الوزراء الكويتيّ الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة إنّ بلاده ستكون مستعدّة لاستضافة محادثات يمنيّة مجدداً في حال التوقيع على وقف لإطلاق النار – وهي محاولة مفهومة من الكويت لحماية سمعتها وصورتها من مزيد من الضربات.
وقالت الصحيفة: “أمّا بالنسبة إلى عمان، فقد شاب التوتّر علاقتها مع عبد ربه منصور هادي ومؤيّديه السعوديّين منذ اليوم الذي منع فيه العمانيّون الأشخاص المحيطين بهادي الهاربين من عبور الحدود العمانيّة اليمنيّة. وكانت هذه الحادثة على الأرجح ما دفع اليمن إلى اللجوء إلى الكويت بدلاً من عمان. وقد اتّهمت الحكومة اليمنيّة لاحقاً عمان، التي سبق أن استضافت جولات عدّة من المشاورات، بتسهيل عمليّات تهريب الأسلحة إلى الحوثيّين”.
وأشارت المونيتور إلى أنه ومع أنّ سنة 2016، وهي السنة الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركيّ باراك أوباما، شهدت محاولات من الولايات المتّحدة لتعزيز دورها في حفظ السلام في اليمن، إلا أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب قضت على هذه الجهود باعتماد موقف واضح ومؤيّد للسعوديّة بشأن النزاع. ودعا وزير الدفاع الأميركيّ جايمس ماتيس إلى تقديم دعم عسكريّ أكبر ضدّ الحوثيّين المدعومين من إيران. وعلى الرغم من رفض البيت الأبيض مبادرات البنتاغون على الفور، رفعت واشنطن القيود على صفقات بيع الأسلحة للمملكة العربيّة السعوديّة”.
وأشارت إلى أنه ونتيجة لذلك “تبحث الرياض بشدّة عن وسطاء لحلّ النزاع اليمنيّ، ويبدو أنّ روسيا هي خيارها الأفضل”.
 
لماذا الخيار الأنسب؟
وتضيف الصحيفة: “في وقت سابق، سعت موسكو إلى إبعاد الأنظار عن النزاع السوريّ وشجّعت الأنظمة الملكيّة الخليجيّة على التركيز على الأزمة اليمنيّة ومساعدة هادي. فكلّما انزلقت الدول الخليجيّة في النزاع اليمنيّ، قلّت محفّزاتها ومواردها لدعم المعارضة السوريّة. لكنّ هذه المقاربة اليوم لم تعد ذات معنى نظراً إلى انطلاق عمليّة السلام السوريّة. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت أمام موسكو فرصة أخرى لكسب المصداقيّة والنفوذ في الشرق الأوسط.
فمنذ اندلاع الأزمة اليمنيّة، سعت موسكو إلى الحفاظ على علاقات مع جميع الجهات المعنيّة، واعتمدت سياسة مرنة سمحت لها بالبقاء على اطّلاع على التطوّرات.
 
روسيا حافظت على العلاقات
وأشارت إلى أنه وبشكل خاصّ، منذ اضطرار هادي إلى الهرب من اليمن، حافظت روسيا على علاقات على صعيد الدولة عبر إدارته. ويشير الإعلام الروسيّ إلى المقاتلين الحوثيّين على أنّهم “متمرّدون”، ما يدلّ ضمناً على شرعيّة الرئيس اليمنيّ. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، انتقل السفير الروسيّ في اليمن، فلاديمير ديدوشكين، الذي حافظ على قنوات اتّصال مع إدارة هادي في موسكو، إلى الرياض.
والسبب وراء انتقاله حسب الصحيفة “الحاجة إلى تكثيف التواصل مع السلطات اليمنيّة المنفيّة. بالإضافة إلى ذلك، قدّم أحمد سالم الوحيشي المدعوم من هادي أوراقه إلى وزارة الخارجيّة الروسيّة وأصبح رسميّاً السفير اليمنيّ في روسيا. وشكّل هذا الأمر نقطة مهمّة في تطوّر العلاقات الثنائيّة: كان الوحيشي المرشّح الرابع الذي اقترحه هادي في السنة السابقة، علماً أنّ موسكو رفضت المرشّحين الثلاثة قبله. وقد ساهمت الضغوط السعوديّة على الأرجح في هذا القرار”.
كما أنَّ وسيا أيضاً تمكنت من الحفاظ على علاقات مع الطرف الآخر، أي التحالف بين حركة الحوثيين وحزب الرئيس اليمني السابق. على مرّ التاريخ، كان هذان الطرفان خصمين في اليمن، لكنّهما شكّلاً تحالفاً فيما بعد.
وتابعت الصحيفة: “مع ذلك، لا تزال خلافاتهما السابقة واضحة. فقد ارتفعت حدّة التوتّر وقد تؤدّي إلى نزاع مسلّح. لكن حتّى الآن، يبدو أنّ الوضع قد يدفع الطرفين إلى السعي إلى تسوية وإلى مبادرات سلميّة – روسيّة بشكل خاصّ. ومن العوامل الأخرى التي ينبغي أخذها بالاعتبار خيبة أنصار الله تجاه سياسات طهران. فالحوثيّون يعتقدون أنّ إيران تلجأ إلى تصاريح عن اليمن من أجل تعزيز مكانتها.
وتقول الصحيفة إنَّ خبراء كثيرون يرون أنّ دور إيران في دعم تحالف صالح والحوثيّين مبالغ فيه إلى حدّ كبير. وبالتالي، ستكون لدى إيران فرص أقلّ لإحداث تأثير مدمّر على عمليّة السلام.
 
مخطّطات روسيا تُثمر
وقالت الصحيفة: لقد أثمرث مخطّطات روسيا ببناء الثقة مع الحوثيّين وصالح. فمنذ هروب هادي إلى السعوديّة، أصبحت روسيا الجهة الفاعلة الوحيدة التي حافظت على وجودها الدبلوماسيّ المحدود في العاصمة صنعاء. وتستمرّ العلاقات مع المجلس السياسيّ الأعلى الذي أسّسه تحالف صالح والحوثيّين وحكومة الحوثيين عبر القائم بأعمال السفارة. لكنّ التمثيل الدبلوماسيّ تراجع في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بعد رحيل المستشار أوليغ دريموف وتعيين أندري شيرنوفول كبير المستشارين.
وتشير الصحيفة إلى أنَّ الدبلوماسيّة الروسيّة تضع عينها على لاعبين سياسيّين شرعيّين آخرين محتملين في اليمن. على سبيل المثال، حيدر أبو بكر العطاس، الذي هو حالياً مستشار هادي، وهو رجل دولة سابق من جمهوريّة اليمن الديمقراطيّة الشعبيّة وزعيم سابق للحزب الاشتراكيّ، ولديه نفوذ كبير في المناطق الجنوبيّة. وزار العطاس موسكو في كانون الثاني/يناير. وقد تكون روسيا أيضاً على تواصل مع سياسيّين آخرين من الجنوب مدعومين من الإمارات العربيّة المتّحدة. وكان أكثريّة هؤلاء مرتبطين بالحزب الماركسيّ والجيش اليمنيّ، الذي يتمتّع بعلاقات وطيدة مع الاتّحاد السوفياتيّ. وتخرّج عدد كبير منهم من جامعات سوفياتيّة.
واختتمت الصحيفة بالقول: “وبالتالي، هناك احتمال أن يضطلع الاتّحاد الروسيّ بالدور الرئيسيّ في المصالحة الوطنيّة اليمنيّة. وقد يسهّل عدد من العوامل هذه العمليّة، بما في ذلك العمليّات العسكريّة على الأرض وميزان القوى في الشرق الأوسط”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى