كتابات خاصة

اليمن.. طب في زمن الحرب

إفتخار عبده

كثرت نسبةُ الأطباء في اليمن بزمن الحرب وزاد معدلُها، في حين ارتفع منسوب التجارة بالأرواح.

كثرت نسبةُ الأطباء في اليمن بزمن الحرب وزاد معدلُها، في حين ارتفع منسوب التجارة بالأرواح.

في السابق كانت تحدث أخطاء طبية فادحة وجرائم في حق بني الإنسان لا تغتفر، وكل ذلك يكون بسبب ملائكة الرحمة والذين يقالُ عنهم مايؤلموك إلا ليُريحوكَ من ألم أتعبك.
وأما في ظل الحرب فحدَّثْ ولاحرج، فقد كثرت الأسماء لأطباء لم يعرفوا الطب أساساً،وكثر الفتحُ لمستشفياتٍ ولعياداتٍ في أماكن مختلفة، والناسُ لا تعي.. فكلُ مايهمها أن هذا يرتدي الزي الطبي، أو يغريها هذا المظهر؛ ثم إن شحةَ المال جعل كثيراً من الناس يلجؤون للعلاج بمثل هذه، بحجة أن العلاج لديهم بتكلفة أقل بكثير من المستشفيات الأخرى، وعندها تبدأ القصة.
فالشخص الذي يعاني من ألمٍ في معدته، تُفتحُ له عملية لقطع الزائدة، وعملياتٌ أخرى يتمُ فتحُها لاستئصال الكلى، وقد يظهر بعدها أن المريض كان يعاني من مرضٍ آخرٍ، ومع الحربِ التي ورّثت الهم والغم  والقلقَ، يذهبُ أحدُهم متعجباً من أنه  يكثر من النسيان، فيقال له أنه فاقدٌ للذاكرة، وكثيراً مايزيد هؤلاء الأطباء للمرضى -إضافة إلى المرض الجسدي- مرضاً نفسيا.
أنا لا أتحدثُ عن الأطباء الذين تعبوا في دراستهم واجتهدوا كثيرا وعادوا إلى البلد لإنقاذه من الأمراض القاتلة ومن الأخطاء الطبية الفادحة، فهم الذين يستحقون أنْ نرفعَ لهم قبعاتنا تقديراً لهم.
لكني أتحدث عن أؤلئك الذين لاعلمَ لهم بالطب شيئا، ويأتي فارداً ذراعيه على مرضى لا حولَ لهم ولا قوة، ويوهمُ المريضَ أنه مصابٌ بمرض كذا وكذا، وأنه ينبغي عليه أن يفعلَ ويفعل وإلا سوف يصل إلى الموت في الزمن القصير المتبقي له من هذه الحياة الدنيا.
وكما هو العلم أن المجتمع يقدسُ الأطباءَ كثيرا، حتى أنا أرى اللبسَ الأبيضَ الذي يرتديه الطبيب يحملُ هيبةً عظيمةً ووقاراً واتزانا، فما بالك بمريض أنهكه المرض وهو يرى أن الحياةَ بإذن الله ستكون على يد هذا الطبيب أو هذه الممرضة، ولم يدرِ أنه من المحتمل الكبير أن يكون الموتُ قد قرب على يد هذا الملاك العظيم!
 من المؤسف جداً وخاصةً في القرى النائية عن المدن، أن يكون فيها طبيب واحد يفعل كل ما بخياله من طرق للعلاج  وبكل سهولة ويسر وتجاهل؛ حتى أنه قد وصل بهم الأمرُ إلى ضرب الحقن والوقوع في الخطأ بهذا، وعندها يودي  بالمريض إلى الهلاك، ويبتسم ويقول: إن المرضَ أماته!
دعونا من هذا، وسننظر إلى جانب القسم الطبي الذي يؤديه الطبيبُ المقبل على العمل في هذا المجال -الذي من إن تقرأه حتى يقشعرُ بدنُك وتبكي بغير قصدٍ- ألا يتذكر الأطباءُ الكرامُ تلك اللحظة التي قام بها بتأدية هذا القسم أم أنهم لمْ يُقسموا بعد.
وهناك جانب آخر كثيراً ما يعاني منه الجرحى من الأخطاء الطبية ألا وهو الطبُ في الأماكن التي تتواجد فيها الحربُ وأضرار الحرب وجرحاها ومداواة الأطباء لها، حيث قد تكون المجارحة ناجحة، وهنا لهم الشكر الجزيل على هذا، وبنفس الوقت كثيراً ماتكون المجارحة موديةً بالجريح إما إلى الشلل وإما إلى الموت الحتمي.
إذن من المعولُ عليه بهذا وإلى من المشتكى وكما يقال: “لو غريمك القاضي من تشارع”!
أزمةٌ خانقة من ناحية وأمراضٌ قاتلةٌ من ناحيةٍ أخرى وأطباء لاحول لهم ولا قوة.
فمزيداً من الصبر أيها الشعبُ العظيم عهدناك صبوراً فاستمر بهذا إلى أن يأذنِ الله بالنصر العظيم.. فما يزال لدينا الأمل  في أن نجد ضمائر حيةً في يمننا الحبيب.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى