(انفراد) كيف يمكن أن تمثل خلافات (الحوثي/صالح) فرصة السعودية للسلام في اليمن؟!
اعتبرت مجموعة الأزمات الدولية الأربعاء أن الانشقاقات الحاصلة في معسكر تحالف الحوثيين والرئيس اليمني السابق تمثل فرصة نادرة أمام السعودية لوقف الحرب في هذا البلد وإحلال السلام. يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
اعتبرت مجموعة الأزمات الدولية الأربعاء أن الانشقاقات الحاصلة في معسكر تحالف الحوثيين والرئيس اليمني السابق تمثل فرصة نادرة أمام السعودية لوقف الحرب في هذا البلد وإحلال السلام.
وقالت المجموعة في إحاطة نشرتها على الموقع الإلكتروني: منذ آب / أغسطس، ظهر صدع عام بين الشريكين الرئيسيين على الجبهة الشمالية للحرب اليمنية – القوات الموالية للحوثيين وعلي عبد الله صالح. وبدلا من تعزيز الخلاف بين خصومه، يجب على “السائد الرئيسي” المملكة العربية السعودية اغتنام هذه الفرصة النادرة لحل حرب العامين ونصف العام من خلال دعم مبادرة إقليمية جديدة.
وأضافت المجموعة أنَّ الخلاف العام بين حزب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والحوثيين قد يغير مسار حرب اليمن التي استمرت عامين ونصف العام. وعلى الرغم من الاختلافات الأيديولوجية والسياسية الكبيرة، فقد تحالف الاثنان ضد التدخل العسكري بقيادة السعودية الذي يدعم الحكومة اليمنية عبد ربه منصور هادي. ومع ذلك، ارتفعت التوترات بينهما إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عقب تجمع حزب “صالح” في صنعاء في 24 آب / أغسطس للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والثلاثين للحزب لإظهار قوته السياسية. وقد يؤدي هذا الخلاف إلى توسيع وإطالة أمد الحرب الأهلية في اليمن، مما يدمر البلاد ويهدد الأمن الإقليمي – أو يمكن انتهازها كفرصة للنهوض بالسلام. وهذا يتطلب من المملكة العربية السعودية ودولها الداعمة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، دعم مبادرة إقليمية جديدة.
الدفاع عن عملية سياسية
ولفتت المجموعة إلى أنه وبعد فترة من التقدم السريع، فقد تحالف الحوثي / صالح الأراضي في الجنوب في يوليو وأغسطس 2015. ومنذ ذلك الحين تحول قتالهم إلى الجمود، والاكتفاء بالسيطرة على المرتفعات الشمالية الزيدية (نسخة من الشيعة)، والتي تشمل عاصمة البلاد، صنعاء، وغالبية سكان اليمن. وقد أدى ذلك إلى توتر الوضع الراهن، الذي استفادت منه أطراف عديدة في الصراع، ولكنه أدى إلى معاناة هائلة بين الشعب اليمني، فضلا عن عدم استقرار إضافي في منطقة لا ينقصها عدم الاستقرار. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، أدى القتال إلى تهديد أمني متزايد، مع قيام قوات الحوثي/صالح بإطلاق الصواريخ في عمق الأراضي السعودية والتهديد باستهداف أقرب حليف إقليمي “أبو ظبي”. إنها حرب مكلفة ماليا وتسبب صداع دبلوماسي.
وأضافت المجموعة، حسب ترجمة لـ”يمن مونيتور”، “وللاستفادة من توترات الحوثي/صالح المتزايدة، يجب على الرياض أن تدافع عن عملية سياسية، وأن توافق على وقف العمليات العسكرية، وأن تتخلى عن إغراء الانتظار ببساطة ليحول خصومها أسلحتهم على بعضهم البعض. والواقع أن المواجهة المباشرة بين الحوثيين والصالح أمر غير محتمل، وحتى لو حدث ذلك، فإن النتيجة ستكون أقل احتمالا أنَّ تكون لصالح الرياض: فقد يتمكن الحوثيون من هزيمة حزب “صالح” أو قد تنتشر الحرب الأهلية إلى المرتفعات، ويزيد التدخل الإيراني وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية”.
وتابعت المجموعة: إنه وعلى النقيض من ذلك، فإن السعوديين – بالاشتراك مع دول إقليمية مثل سلطنة عمان وبدعم من مجلس الأمن الدولي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة – يمكن أنَّ يرعوا مبادرة سلام واقعية، فإن المسؤولية ستتحول على الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام لقبولها، لئلا تثير معاناة أكبر وربما تزعزع استقرار المناطق الواقعة تحت سيطرتها. ومن المؤكد أن المؤتمر الشعبي العام التابع لصالح سوف يستمتع بهذا العرض، حيث سيضع المتشددون الحوثيون في موقف محرج إذا رفضوا ذلك، وتتغير الديناميكية السياسية وربما يمهد الطريق أمام التسوية.
وتشير المجموعة إلى أنَّ الرهانات لم تكن أعلى من أي وقت مضى أفضل من هذه الفرضة السانحة مع تهديد القوات الحوثية لاستهداف الرياض وأبوظبي وحِرص إدارة ترامب على العودة ضد إيران في المنطقة، هناك خطر كبير من تصعيد أوسع. ويمكن أن يشمل ذلك المواجهة الأمريكية المباشرة مع إيران، التي تتلقى اللوم من واشنطن وحلفاؤها بتزويد الحوثيين بتكنولوجيا الصواريخ. لقد أتيحت فرص كثيرة جدا لكن لم يتم استغلالها لإنهاء حرب اليمن. ولا يستطيع اليمنيون ولا جيرانهم أن يفقدوا هذه الفرصة.
القبائل ومسار القتال المفترض
وأشارت المجموعة في إحاطتها إلى أنه: “من الصعب التنبؤ بمسار قتال مفترض داخل تحالف الحوثي/ صالح. وفي أسوأ السيناريوهات بالنسبة للمملكة العربية السعودية، سيفوز الحوثيون بمواجهة عسكرية ويعززون السيطرة السياسية والعسكرية على الشمال. إن الحوثيين يسيطرون بالفعل على جهاز الأمن العسكري في صنعاء، وعلى مدى الحرب اكتسبوا اليد العليا على صالح. ومع ذلك، فقد أخطأ الحوثيون في الماضي. ففي عدن، على سبيل المثال، كانوا واثقين من أن السكان سيدعمونهم ضد ما يعتبرونه تهديدا للقاعدة هناك. ولكن في نهاية المطاف كان ينظر إليهم على أنهم غزاة ودفعت بهم القوات المحلية، بمساعدة الإمارات العربية المتحدة، في يوليو 2015. في صنعاء أيضا، فإنها قد تبالغ في تقدير قوتها. بالتأكيد يملك صالح وحزبه شعبية سياسية. على مدى 33 عاما من حكم صالح بنوا شبكات قوية داخل جهاز الأمن العسكري. واليوم ليس من الواضح كم من هؤلاء مازالوا موالين لـ”صالح” وسيجيبون على الدعوة إذا اندلع العنف مع الحوثيين”.
عواقب المعركة بين الحوثيين وصالح
وتابعت: “وهناك أيضا مسألة القبائل. ففي اليمن، تمثل عنصر حاسم في القوة الصلبة. هنا مرة أخرى، توازن القوة النسبية ليست واضحة. يتمتع صالح بالنفوذ والدعم، سواء شخصيا أو لأن الحوثيين قد أهانوا العديد من المشايخ، وبعضهم حريص على الانتقام في الوقت المناسب. لكن الحوثيين قد زرعوا أيضا شبكاتهم القبلية، التي غالبا ما تكون نتاج إحباط مع صالح وحلفائه السابقين مثل الأحمر من زعيم قبيلة حاشد”.
وأضافت المجموعة، حسب ترجمة يمن مونيتور، “ويشير عدم اليقين بشأن القوة النسبية للجانبين إلى أن عواقب معركة بينهما ستكون كارثية بالنسبة لليمن وربما على السعودية أيضا. فالحوثيون وصالح سيخسران الأرض عندما يسحبان مقاتليهما من جبهات الحرب، لكن خسائرهما لن تترجم بالضرورة إلى مكاسب مستدامة لحكومة هادي. وبعد عامين من قيام دولة الإمارات العربية المتحدة والمقاتلين الجنوبيين المتحالفين بدفع الحوثيين وقوات صالح من المناطق الجنوبية، لم تتمكن حكومة هادي من السيطرة بنجاح على هذه المناطق، ناهيك عن الحكم. وبدلا من ذلك، أدى الاقتتال الداخلي بين قوات هادي والانفصاليين الجنوبيين في العاصمة المؤقتة عدن إلى انقسام التحالف، حيث دعمت السعودية هادي فيما تعمل الإمارات العربية المتحدة بشكل وثيق مع منافسيه. كما تعاني المناطق الجنوبية من توسع القاعدة. وعلى الرغم من المصاعب في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي / صالح، يعبر السكان عن ارتياحهم لأنهم لا يعيشون في “المناطق المحررة” في الجنوب، وهو مصطلح يستخدمونه في إشارة إلى الفوضى”.
مساعي سعودية طويلة
وقد سعت المملكة العربية السعودية وشركاؤها منذ فترة طويلة إلى إبعاد حزب “صالح” عن الحوثيين. ولذلك فلآن بعد أن أصبحت الانقسامات أكثر وضوحا، يجب على الرياض أن تتخلى عن إغراء الدفع من أجل تحقيق ميزة عسكرية أو انتظار خصومها لمحاربة بعضهم البعض، والسيناريوهات التي تتبعها (في إشارة إلى ترك قتال الحوثيين وصالح أو تقديم مبادرة) يكاد يكون من المؤكد أنها لن تعطي لهم ميزة حاسمة. وبدلا من ذلك، ينبغي لها، مع الشركاء الإقليميين بما في ذلك عمان، وبتشجيع من مجلس الأمن والمبعوث الخاص للأمم المتحدة، أن تدافع عن حل سياسي. التوقيت مناسب للغاية ولكن الفرصة بسهولة يمكن أن تضيع. هناك إحباط واسع النطاق من الحوثيين في الشمال ورغبة، بما في ذلك داخل حزب صالح وبعض الفصائل والتيارات الحوثية، للعثور على مخرج للحرب.
ومن شأن مبادرة إقليمية جديدة تدعمها السعودية أيضا أن تسمح لـ”حزب صالح”، من خلال الرد الإيجابي، بالاستيلاء على الزخم السياسي. ومن شأن ذلك بدوره أن يعطي نفوذاً للقادة السياسيين الحوثيين الذين يقولون إنهم سيدعمون اتفاقا سياسيا، كما فعلوا في تشرين الأول / أكتوبر 2016 عندما اقترح وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري مبادرةً، قبل أن ترفضه حكومة هادي. فحلفاء الحوثيين السياسيين وقادتهم بحاجة إلى رصاصات ضد قادة الجماعة المتشديين ولا سيما في الأجهزة العسكرية والأمنية الذين يشككون بعمق في التوصل إلى حل وسط لاستفادتهم من استمرار الحرب.
السعودية في أفضل موقع
وقالت مجموعة الأزمات إنَّ المملكة العربية السعودية في أفضل موقع للاستفادة من اللحظة السياسية. الجميع، بما في ذلك المؤتمر الشعبي العام والحوثيين، تتردد إليهم نوايا السعودية، التي يعرفون أنها تملك السلطة الحقيقية، بسبب دورها في دعم الجانب المعارض للحرب وقدرتها المتفوقة على تمويل إعادة الإعمار. ومع ذلك، ترفض الرياض في الوقت الحالي الاعتراف بدورها في الصراع، بل تصر على أنه داخل اليمن يجب حلها بين اليمنيين. في جزء منه، فالخلاف داخلي صحيح. ولا يوجد اتفاق بين المملكة العربية السعودية وبين جانب الحوثي / صالح سيحل النزاعات داخل اليمن، ولا سيما فيما يتعلق بمسألة اللامركزية والهيكل الاتحادي، وهي الأسباب التي أدت إلى اندلاع العنف والحرب الأهلية في المقام الأول.
ويمكن القول إنَّ التدخل العسكري بقيادة السعودية أبرز بعدا إقليميا للقتال. بالنسبة لحزب “صالح” والحوثيين، أصبحت الحرب الآن في المقام الأول ضد المملكة العربية السعودية، وثانيا فقط ضد الأعداء المحليين. كل خصوم الرياض يرفضون إلى حد كبير حكومة هادي، التي يصرون عليها بشده رغم أنها تملك تأثير محدود على الأرض. وبدلا من ذلك، يسعون إلى مفاوضات لإنهاء الحرب مع المملكة العربية السعودية وبدرجة أقل دولة الإمارات العربية المتحدة التي – بالإضافة إلى شن الضربات الجوية – هي الممول الرئيسي إلى جانب السعودية للحرب بشكل عام والمقاتلين المناهضين للحوثيين / صالح على وجه الخصوص، ويضم خليط من الإصلاح والقبائل والجماعات السلفية والانفصاليين الجنوبيين.
وأشارت مجموعة الأزمات الدَّولية إلى أنه وبالنظر إلى أن مفاوضات الأمم المتحدة لإنهاء الصراع قد توقفت منذ انهيار المحادثات في الكويت في أغسطس 2016، فإن هناك حاجة إلى تفكير جديد. إذا لم تكن السعودية على استعداد لاتخاذ مقعد على الطاولة، على الأقل يجب أن تقدم مبادرة سياسية، وبالتعاون مع الدول الإقليمية وبدعم من الأمم المتحدة، توفر الجدول الذي يمكن اليمنيين من تحديد التفاصيل. وفي هذا السيناريو، ستشارك الرياض في رعاية مبادرة سياسية وحوار مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى، بما فيها عمان، التي لها علاقات بالحوثيين، وربما الكويت التي استضافت سابقا محادثات الأمم المتحدة.
المصدر الرئيس
Discord in Yemen’s North Could Be a Chance for Peace