(حصري) صنعاء.. نافذون يبيعون أراضي الدولة ويحولون الشوارع إلى منازل والحدائق إلى أسواق
انتشرت في الآونة الأخيرة بيع أراضي مملوكة للدولة والأراضي المخططة كشوارع في أطراف العاصمة اليمني صنعاء، وبموافقة الحوثيين وحلفاءهم في حزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
انتشرت في الآونة الأخيرة بيع أراضي مملوكة للدولة والأراضي المخططة كشوارع في أطراف العاصمة اليمني صنعاء، وبموافقة الحوثيين وحلفاءهم في حزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
وقال مواطنون اشتروا عِدة قطع من الأراضي لـ”يمن مونيتور” إنه تم شراءها من نافذين حوثيين في تلك المناطق، في أطراف العاصمة مقابل مبالغ مالية كبيرة، ولم يكتشفوا أنَّ الأرض التي يملكونها ملكاً للدولة أو هي ضمن مخطط “شارع عام” إلا بعد عام من شراءها.
من بين تلك المناطق منطقة ذهبان، شمال العاصمة، التي تم تخطيطها في العام 2010 واعتمدت مصلحة المساحة ثلاثة شوارع كبيرة شارعي الثلاثين والأربعين وشارع الستين الجديد الذي كان مخطط أن يوصل بالستين الشمالي ويمر بمنطقة ذهبان ليصل للمطار ويخفف الازدحام في منطقة “جولة عمران”.
المواطن علي محمد (الذي اكتفى بأول اسمين خشية الانتقام) قال لـ”يمن مونيتور” إنه أحد ضحايا الفساد والعبث بعقارات الدولة، بدأت قصته عندما حاول تحسين دخله المعيشي والانتقال من القرية إلى العاصمة صنعاء للعيش فيها والذي اضطره لبيع كل أرضه وبيته وذهب زوجته وحيواناته أيضاً.
أسعار زهيدة
وعندما انتقل (علي محمد) للسكن في منطقة ذهبان شمال العاصمة واشترى أرض بيته المملوكة للدولة من أحد المتنفذين في المنطقة، دون علمه أن الأرض تابعة للدولة، انصدم بعد مرور عام على شراءها أن الأرض مملوكة للدولة وأنها في وسط شارع الستين الجديد.
لكن في ظل الحرب القائمة وسيطرة الحوثيين على السلطة في صنعاء، بدأ المتنفذون ببيع أراضي الشوارع الرئيسة بأسعار زهيدة مقارنة بالأراضي الخاصة المملوكة لنفس المتنفذين وقد يصل الفارق بين السعر لأكثر من 60%.
واتجه حاليا نافذون لبيع هذه الأراضي برضى موظفين في هيئة مصلحة الأراضي والمساحات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حسب ما ذكر سمسار في مكتب عقارات لـ”يمن مونيتور” فضل عدم الكشف عن هويته.
نافذون في مؤسسات رسمية
وقال السمسار (وسيط بين البائع والمشتري) إنَّ المشتري يدفع مبلغ 50 ألف ريال لاحد المسؤولين في الهيئة مقابل كل لبنة، ليصبح شارع الستين الذي كان عرضه 60مترا، خمسة أمتار فقط، بعد أن بنيت فيه المنازل الشعبية، أما شارع الأربعين الذي يبلغ عرضه في المخطط 40متراً، سيصبح قريباً 12متر في ظل استمرار بيع الأراضي وسط الشارع.
ويقول المواطن علي محمد لـ”يمن مونيتور”: “بعد أن بعت كل ما أملك واقترضت مبلغ مالي توجهت للعاصمة صنعاء واشتريت “3لبن” في منطقة ذهبان وبنيت البيت وبعد سنة جاء مسؤول في البلدية ليخبرني أن علي مراجعتهم بأقرب وقت لأن بيتي في وسط شارع الستين”.
ويضيف المواطن، “ذهبت لمكتب البلدية بمديرية بني الحارث فقالوا أنني متعدي على أراضي الدولة رغم أنني أحضرت لهم أوراق البيت لكنهم لم يتفهموا وضعي وقرروا إحالتي إلى النيابة وبعد مفاوضات استطعت الخروج بكفالة”.
ويواصل شرح معاناته، “ذهبت بعد ذلك إلى مكتب العقارات الذي اشتريت الأرض عبره لكني فوجئت بردهم بأنهم لا يستطيعوا عمل شيء لي، كنت الوحيد الذي بنى بوسط الشارع في نهاية العام 2014، ولكن الآن أكثر من 15 بيت جديد تم بنائه جواري في وسط شارع الستين بذهبان ولكنهم بنوا بموافقة مصلحة الأراضي والبلدية”.
مرحلة جديدة
ويشير سمسار آخر في مكتب عقارات لـ”يمن مونيتور” مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إلى أنَّ المرحلة الجديدة من البيع تتم بإعلام المشتري أنَّ الأرض ملكٌ للدولة وأن عليه دفع 50 ألف ريال للبنة الواحدة لمسؤول البلدية.
وفي وقت يستمر بيع أراضي الدولة والشوارع والحدائق العامة بحجة تدهور الأوضاع في البلاد. وجد مدير بلدية بلدة بني الحارث التي تنتمي لها منطقة “ذهبان” أنَّ من الصعب إزالة 15 منزل تم بناءها وسط الشارع الرئيس، وقال لسماسرة عقارات -تحدثوا لـ”يمن مونيتور” إنَّ من الممكن تحويل الشارع أو إلغائه، وهو ما اُعتبر ضوء أخضر للاستمرار بعملية البيع.
من حديقة إلى “سوق قات”
وكان من المقرر أنَّ تكون منطقة ضمن المخطط حديقة عامة لكنها الآن تحولت إلى “سوق قات” حسب ما قال مسؤول في هيئة الأراضي تحدث لـ”يمن مونيتور” رفض ذكر اسمه.
ويجرم القانون اليمني للعام 1995 بالمادتين 4 و51 بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف ريال فضلا عن الفصل مدة الخدمة لكل موظف تابع لمصلحة الأراضي وهيئة المساحة أو عضو في لجنة مشكلة لتنفيذ أحكام هذا القانون عمد بحكم وظيفته، لكن القانون لم يردع المليشيا أو يوقفهم عن سفك الدماء وانتهاك حقوق الآخرين والسيطرة على الدولة بالقوة فكيف سيردعهم أيضا عن العبث والفساد بممتلكات الدولة.
أما في منطقة “مذبح” فإن بيع الأراضي يتم في شارع رئيسي تم رصفه وتجهيزه للإسفلت، وتباع اللبنة الواحدة بسعر نصف مليون ريال (الدولار=375ريال) في سعر اللبنة الواحدة يصل إلى اثنين مليون ريال.
وقال مواطنون وسماسرة إنَّ ذلك يتم بقوة السلاح وبنافذين تابعين لجماعة الحوثي المسلحة.
وتعد قضية بيع أراضي الدولة إحدى قضايا الفساد المنتشر في وزارة الأشغال العامة والطرق، ومصلحة وهيئة الأراضي اليمنية.
ولم يستطع “يمن مونيتور” الوصول إلى المسؤولين في الدائرتين الحكوميتين الخاضعتان للحوثيين للحصول على تعليق، وعند محاولة الوصول إلى المخططات عبر موقع الوزارة على الإنترنت وجد يمن مونيتور أنَّ موقع الوزارة والمصلحة لم يُحدثا منذ 2001م!
والتساؤل هنا ماذا بعد عودة الحكم للقانون والحكومة الشرعية، هل سيبقى مصير المواطنين الذين بنوا فوق أراضي الشوارع والمرافق العامة مجهول، وهل سيتم تطبيق مخطط 2010 واعتماد الشوارع والمرافق العامة وتعويض المواطنين أم سيستمر فساد الأراضي ويتمدد لباقي المناطق؟ حسب تساؤل للمسؤول في مصلحة الأراضي.