مارسيل خليفة: الموسيقى حمتني من الانكسار
مسيرة فنية بدأت باحتجازه في منزل صغير على أطراف مدينة “بعلبك” اللبنانية إثر الحرب الأهلية (1975 – 1990)، أوجدت موهبة أصبحت فيما بعد واحدة من أساطير الغناء في العالم العربي.
يمن مونيتور/الأناضول
مسيرة فنية بدأت باحتجازه في منزل صغير على أطراف مدينة “بعلبك” اللبنانية إثر الحرب الأهلية (1975 – 1990)، أوجدت موهبة أصبحت فيما بعد واحدة من أساطير الغناء في العالم العربي.
بدأ في تجريب الألحان على كلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، فأخرج مزيجًا عربيًا خالصًا يجمع الكلمة والغناء، ولا يستهدف في جوهره إلا الإنسان، فكان الشاعر والملحن اللبناني “مارسيل خليفة”.
في حوار خاص مع الأناضول، قال خليفة الذي يزور مدينة إسطنبول للمشاركة في مؤتمر “الشرق” الشبابي، إن الغناء للحب والسلام في وقت تشتد فيه الحرب ما هو إلا إثبات لذات الإنسان وإعلاء لمعنى الإنسانية في مواجهه الكراهية.
وكما كان للحرب الأهلية دورًا بارزًا في تشكيل شخصيته الفنية فإن “التهجير الذي تعرض له لعب الدور الأكبر في اللمحة التي أضفاها على اختياراته الغنائية”.
ويروي خليفة تجربته الأولى، فيقول: “هُجّرت من منطقتي عندما كنت صغيرا بسبب انتمائي للقضية الفلسطينية، أخذوا كل شيء واستولوا على أول عود (آلة موسيقية) تعلمت عليه التلحين والغناء، وكان قد اشتراه والدي”.”تعرفت على القضية الفلسطينية عندما كنت صغيرا أذهب إلى المعهد الموسيقي، وكنت أمر على المخيمات (الفلسطينية في لبنان) و لا أعرف من هؤلاء الذين يعيشون في هنا”، يضيف خليفة.كانت هذه كلمة السر في العلاقة بين فلسطين ومارسيل خليفة الذي يقول إنه تعرّف -من خلال المخيمات- على القضية الفلسطينية، وأن هناك ناس يطلق عليهم لاجئين.
ويتابع: “هذا هو موضوع عملي المقبل الذي يحمل اسم الهجرة، ويحكي عن كل المهجرين في المنطقة العربية وليس في فلسطين فحسب، عن أولئك الذين تركوا بيوتهم وكل شيء خلفهم”.ويعلّق على العمل المزمع بالقول إن “هذه القصيدة حميمية جدًا ومهمة، كونها تعبر عن اللاجئين بشفافية عالية”.
ويوضح مرسيل الذي عاش تجربة الهجرة نتيجة الحرب الأهلية اللبنانية، أن العمل الذي سيصدر مطلع العام المقبل، سيحمل اسم “الهجرة”؛ من كلمات الشاعر اللبناني “وديع السعدي”.**”أُغني للإنسان” وعن طبيعة أعماله الفنية، يقول إنه لا يُغنّي أغانٍ حماسية، “أعمالي إنسانية عميقة تمسّ الإنسان فقط؛ كجواز السفر، وتهاليل الشرق وأحن إلى خبز أمي”.وزاد القول “أنا اقدم أعمال تعطي راحة للإنسان؛ أعمال تبدد الألم وتساعده على التمرد والمطالبة بالحق إنسانيا وسياسيا واجتماعيا”، معتبرًا أن الناس يحبّون هذا النوع من الأغاني.”منذ سنة أصدرتُ أغنية كبيرة لمحمود درويش حملت اسم أندلس الحب، اعتقَد الناس أنها للحب، لكنها كانت تحمل معنىً إنسانيا عميقا، وعلى الرغم من أن ظاهرها فُهم بطريقة مختلفة، فإن الإنسان المعنى المجرد الذي أغني له”، يضيف الفنان العربي البارز.
ويرى أن “كل شخص يستطيع أن يحقق الأنا (الذات) بعمل أدبي وشعري وموسيقي في هذا الوقت الصعب والدقيق والمليء بالجثث والحروب الصغيرة و الكبيرة، فهذا هو الجنون و الحياة والصخب، وهو المستحيل الذي نبحث عنه”.**تسييس الفنويعلّق على تسييس الفن بما يتناسب مع توجهات السلطات كما يجري في بعض مناطق العالم العربي بالقول إن “الموسيقى حرة، فوق كل السلطات والحواجز “.
ويستطرد خليفة: “هُجّرت من منطقة عيشي بسبب ميولي السياسية، وكان هناك صراع بين قوى سياسية لبنانية طائفية مع القضية الفلسطينية، تركت هذا المكان لأنني كنت أؤمن بقضية إنسانية”.الفنان اللبناني يضيف: “أنا أكتب الكلمة وأقدّم نموذجا شفافا لفكرة شعبية بسيطة. الفنان دائما ضد أي سلطة؛ فإن وجدت وجد معها القمع والديكتاتورية. الفن سلطة في ذاته، ولا يمكن لأحد أن يفرض أي عليه أي شيء”.ويتابع: “الواقع العربي مؤلم لكن الموسيقى هي التي حمتني من الانكسار”.**سيمفونية الشرقوعن مشاركته في الحفل الختامي لمنتدى الشرق الشبابي، أمس الأحد، عبّر خليفة إنه سعادته بدعوة الحضور إلى مدينة إسطنبول تحديدا، لأنه يرى أن الشعب التركي ينتمي بالأساس إلى الموسيقى العربية وغني جدًا بالتراث الموسيقي.وعن العمل مع موسيقيين أتراك، قال “العبء (في إشارة إلى اللغة) سيكون أخف بكثير مما كان عليه ففي أي بلد آخر، لأن الأتراك سيعزفون موسيقى يحسونها و يشعرون بها “.
واعتبر خليفة أن “سيمفونية الشرق” التي قدمها خلال الحفل الغنائي، عملا مميزا من حيث مضمونه الموسيقي والإنشادي، لافتا إلى أنه سيمثل حلقة وصل بين الشباب والجيل الذي سبقه.وأشار إلى أن “العمل (سيمفونية الشرق) كتبه قبل ثورات الربيع العربي (أواخر 2010)، لكنه يتضمن صرخة لكل من يريد الحرية في كافة البلدان العربية. والثورة لم تبدأ منذ خمس سنوات بل منذ زمن بعيد”.وشارك خليفة في الحفل الختامي لمؤتمر منتدى الشرق الشبابي السنوي الرابع 2017، بمقطوعته السيمفونية “تهاليل الشرق”، بالتعاون مع أوركسترا إسطنبول الوطنية، وكورال مدينة إسطنبول، بقيادة المايسترو “لبنان بعلبكي”.واقيم الحفل في قاعة لطفي كردار في مدينة إسطنبول. –