ظروف استثنائية في تعز اليمنية تهدد بدأ العام الدراسي الجديد
يبدأ العام الدراسي في تعز في ظل أجواء مشحونة بالتوتر، نتيجة للإضراب الذي أعلن عنه المعلمون، فضلا عن الأجواء الأمنية التي تشهدها المدينة نتيجة استمرار الحرب منذ مارس/آذار 2015.
يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص
يبدأ العام الدراسي في تعز في ظل أجواء مشحونة بالتوتر، نتيجة للإضراب الذي أعلن عنه المعلمون، فضلا عن الأجواء الأمنية التي تشهدها المدينة نتيجة استمرار الحرب منذ مارس/آذار 2015.
وكان المعلمون في أغلب المحافظات اليمنية التي تم تحريرها من الحوثيين–وتحديدا تعز- هددوا بالإضراب إذا لم تقم الحكومة المعترف بها دولياً- بتسليم رواتبهم المتوقفة منذ عام. كما أعلنت نقابات التعليم في مناطق سيطرة الحوثيين ذات الإضراب.
وفي تعز رفَع المعلمون إضرابهم بعد تسليم راتبهم لشهر أغسطس/آب، لكن عدم الانتظام بدفع مستحقاتهم المالية يُهدد بتوقف العملية التعليمية لهذا العام.
مخاوف
وتشهد تعز أوضاعا أمنية غير مستقرة، زادت من مخاوف الأهالي على أبنائهم الطلاب الذين يذهب بعضهم ضحايا لرصاص قناصة حوثي أو لقذيفة طائشة.
وفي هذا الإطار تقول أم الطالب عُدي صادق الذي يدرس في الصف الثالث الابتدائي، إنها تشعر بالقلق على ابنها خاصة أن بعض الطلاب العام الدراسي الماضي قتلوا وأصيبوا في تعز.
وذكرت لـ”يمن مونيتور” أن الاضراب ضاعف من مخاوفها على مستقبل “عُدي”، وكانت تفكر بتسجيله في مدرسة خاصة، لكن الرسوم التي تتجاوز في أغلب المدارس الخمسين ألفا أعاقتها، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها معظم الأسر.
بعيدا عن الاحتفال
وفي الخامس من الشهر الجاري احتفلت دول العالم باليوم العالمي للمعلمين، وغابت الاحتفالات عن مدارس تعز التي لم يكن بعد قد بدأ فيها العام الدراسي الجديد في المدارس الحكومية كباقي المحافظات.
وتهدف اليونسكو من خلال هذه المناسبة إلى لفت الانتباه إلى أوضاع المعلمين، والظروف التي يعملون فيها، وزيادة الوعى بقضاياهم والحرص على أن يكون احترام المعلّمين جزءاً من النظام الطبيعي للأمور، نظرا للدور الكبير الذي يقوم به المدرسين كونهم يشكلوا الركيزة الأساسية في أي مجتمع يسعى إلى التطوير.
وعمل ما لا يقل عن 225 ألف معلما في اليمن، طوال فترة الحرب في ظروف قاسية، وشحة توفر أدنى إمكانيات التعلم الفعَّال.
وكان عبدالباسط مهيوب وهو مُعلم نزح إلى مدينة التربة جنوبي غرب تعز، وتوقف عن التدريس بعد أن أغلقت أبوب المدرسة التي كان يُعلم فيها الطلبة.
ولكن ما إن سمع عن بدء العام الدراسي الجديد، يُبيِّن لـ”يمن مونيتور” أنه عاد إلى منزله برغم ظروفه الاقتصادية الصعبة فضلا عن الأوضاع الأمنية المتردية في تعز.
وتابع: نرغب أن نحافظ على مستقبل الجيل الذي لن ينفعه إلا العلم، خاصة أن البلد تعاني من الحرب، وما إن تنتهي سنكون بحاجة لبناء ما تدمر فيها والعمل على تطويرها، وهو الدور الذي سيقوم به الطلاب.
وفي معرض حديثه لفت إلى معاناتهم جراء عدم تقدير بعض الطلاب للمدرسين، وكذلك بعض الأهالي، الذين أصبحوا يلجأون إلى العنف إذا ما اعترضوا على تصرف المعلم.
وأضاف: في ظل هذه الأوضاع تعرض كثير من زملائي للتهديد من قِبل بعض أولياء الأمور، وهذا يؤلمنا كثيرا، لأن ذلك يقلل من هيبة المعلم الذي ينبغي أن يكون مقدسا لدى التلاميذ لننشئ جيلا ناجحا.
صعوبات
ويبدو أن هذا العام سيكون حافلا بالمعوقات كما سلفه، فالباحث ومدير الإعلام بمركز الدراسات والإعلام التربوي طاهر الشلفي، تحدث عن انعدام الكتاب المدرسي، وغياب النفقات التشغيلية لقطاع التعليم من أعلى حتى أسفل الهرم، وكذا عدم تمكن أولياء الأمور من توفير مستلزمات المدرسة لأبنائهم، بالإضافة إلى انعدام الحماية اللازمة للتعليم، وضعف كفاءات القدرات الإدارية على مستوى السلطات المحلية على العمل في حالة الطوارئ.
وحذر في تصريحه لـ”يمن مونيتور” من إغلاق المدارس في وجه خمسة مليون طالبا، إن يكن هناك حلول عاجلة للوضع الراهن، إضافة إلى تقليص ساعات الدراسة، حيث تلقى قرابة 4.5ملايين طالب وطالبة 60% فقط من الساعات الدراسية، وهو ما يؤثر سلبا على تحصيلهم المدرسي.
وضع التعليم في اليمن في ظل الوضع الراهن -بحسب الشلفي- سوف يعمل على تراجع الالتحاق بالتعليم بنسب كبيرة، وسيتلاشى كذلك مفهوم “تمهين التعليم”، حيث والمئات من”المعلمين والأكاديمين” تركوا مهنة التدريس، ولجأوا للعمل بمهن أخرى، أو مغادرة البلد للحصول على لقمة عيش لهم ولأسرهم.
وأفاد الباحث اليمني أن الحرب استبعدت (3000) مدرسة تقريبا، ما بين مدمرة أو مغلقة، وحرمان 1.3مليون وثلاثمائة طفل في سن التعليم العام الماضي من الدراسة، (أي أن هناك طالب من بين خمسة طلاب في سن التعليم العام الملتحقين بالتعليم، لم يتمكنوا من مواصلة تعليمهم ما نسبته 22%.
وانتقد صمت الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، عن الانتهاكات التي يتعرض لها المدرسون والطلاب، فكثير من المدارس طالها القصف والدمار وقتل بعض الطلاب أثناء وجودهم في الفصول، مؤكدا أنها لم تحترم المواثيق والاتفاقيات الصادرة عنها المرتبطة بالتعليم.
تردي التعليم
وكشفت دراسة حديثة أن جودة التعليم الحالي في اليمن لا تساهم في نهوض المجتمع وأيد 92% من المشاركين في الاستبيان هذه الفرضية، وأشار 86 % من المشاركين في الدراسة بأصابع الاتهام إلى الحكومة اليمنية، ويتهمونها بالإهمال لضعف العملية التعليمية في اليمن.
وذكرت الدراسة التي حصل “يمن مونيتور” على نسخة منها إلى أن المعوقات المالية احتلت المرتبة الثانية بعد إهمال الحكومة لمرحلة التعليم بنسبة (67%)، ثم بدرجة ثالثة إلى انخفاض كفاءة المعلمين ( %58).
في غياهب السجون
وقبل أيام اتهمت “رابطة أمهات المختطفين” جماعة الحوثي باختطاف 613 معلماً وأكاديميا من بيوتهم ومدارسهم بينما كانوا يؤدون عملهم الوطني، منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014.
وأشارت أنهم “يتعرضون للتعذيب النفسي والجسدي، مما أدّى إلى وفاة عشرات منهم داخل السجون دون أدنى رحمة، وسط صمت غير متوقع من زملائهم في هذا العالم”.
وناشدت الرابطة في البيان اتحاد المعلمين العرب، واتحاد المعلمين العالمي، ومنظمتي الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، والمنظمة اﻹسلامية للتربية والعلوم والثقافة “الإيسيسكو”، التدخل لإنقاذ زملائهم المعلمين، والمطالبة بسرعة إطلاق سراحهم.
يُذكر أن عدد الطلاب في المدراس باليمن يبلغ أكثر من ستة مليون طالبا وطالبة، يدرسون في مختلف المراحل التعليمية.