(انفراد) تقرير أمريكي يُفكك الدور المشبوه لـ “إسبرطة الصغيرة” في اليمن وعلى السعودية تلقي اللوم
ركز تقرير استراتيجي لمركز السياسة الدّولية الأمريكي، على دور دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن ضمن عمليات التحالف الذي تقوده السعودية، وتأثير ذلك على العلاقات الأمريكيَّة- الإماراتية.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ ترجمة خاصة:
ركز تقرير استراتيجي لمركز السياسة الدّولية الأمريكي، على دور دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن ضمن عمليات التحالف الذي تقوده السعودية، وتأثير ذلك على العلاقات الأمريكيَّة- الإماراتية.
وكتب التقرير الاستراتيجي الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية ويليام هارتنج، حيث يقارن اللوم الذي تتلقاه السعودية مقابل حالة المديح الذي تتلقاه الإمارات التي تُقدِّم نفسها بصفة مكافحة الإرهاب ويصفها القادة الأمريكان بكونها “إسبرطة الصغيرة”، مع أنَّ دورها في اليمن يؤجج بقاء الجماعات المسلحة ومنها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقال التقرير: “على الرغم من أنها تنطوي على أسلحة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، فإن علاقة نقل الأسلحة بين الولايات المتحدة والإمارات لا تحظى باهتمام كبير نسبيا بين الجمهور أو في وسائل الإعلام أو في الكونغرس. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للأسلحة في المملكة العربية السعودية، كما أن استخدام المملكة العربية السعودية للأسلحة الأمريكية في حملتها في اليمن قد طغت على دور دولة الإمارات العربية المتحدة. لكن الدور العسكري المتنامي والكبير لدولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن والشرق الأوسط يستحق التدقيق”.
دور الإمارات في اليمن
وقال التقرير، الذي ترجمه “يمن مونيتور” من 20 صفحة نشرت على الموقع الالكتروني لمركز الدراسات الأمريكي، لعبت الإمارات دورا محوريا في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وتحتفظ دولة الإمارات العربية المتحدة بما يقدر ب 1500 من قواتها الخاصة في اليمن، وهي القوات التي كانت مركزية في الحرب اليمنية من خلال دورها في القتال المباشر ودورها في تدريب وتوجيه الميليشيات المحلية. وتقود الإمارات بشكل مباشر خمسة ألوية على الأقل من قوات الأمن اليمنية خارج سلسلة القيادة والإشراف من قِبل الحكومة اليمنية. وقد سعت تكتيكات دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تأمين مصالحها الخاصة في اليمن، والتي تركز أساسا على إرساء السيطرة كـ”حق إماراتي” على خليج عدن والبحر الأحمر.
ويأتي دور دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن بعد عقدين من الزمن من بدء الدولة صقل قدراتها العسكرية حتى تتمكن من القيام بدور عسكري كبير في الخليج وما وراءه. وكجزء من هذه الاستراتيجية، شاركت القوات الإماراتية في سلسلة من التدخلات العسكرية، بما فيها الصومال وحرب الخليج عام 1991 وكوسوفو وأفغانستان وسوريا وليبيا واليمن. كما قدمت الإمارات قوات إلى قوات “درع الجزيرة” بقيادة السعودية التي تدخلت في البحرين عام 2011م.
وكانت هناك تقارير موثوقة تفيد بأن ميليشيات الإمارات العربية المتحدة في اليمن قد شاركت في انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب. على سبيل المثال، أشارت ندوى الدوسري، زميلة غير مقيمة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، إلى الانتهاكات التالية: “أعتقد أن حالات الاختفاء القسري والمعاملة السيئة من قبل قوات النخبة الحضرمية [المدربة من الإمارات] مشكلة أكبر بكثير. . . يبدو أن هناك نمطا من الانتهاكات، حيث أنها ليست مشكلة ناجمة عن نقص التدريب والإشراف. وقد أقامت الإمارات مركز احتجاز في مطار المكلا. . . حيث يتم احتجاز المحتجزين، في وقت يتعرضون لمعاملة لا إنسانية، بما في ذلك التعذيب “.
السجون السرية
وتابع التقرير: وقد أثار دور الإمارات في اليمن انتقادات إضافية في الآونة الأخيرة بعد تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس في يونيو / حزيران 2017، يشير إلى أن القوات الإماراتية والميليشيات المدربة من الإمارات تدير شبكة من السجون السرية في جنوب اليمن حيث يشتبه في وجود صلة بينهم وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة ويتعرضون إلى التعذيب الشديد. وقد اشتملت أساليب التعذيب هذه على استخدام “الشواء”، الذي وصفه تقرير أسوشيتد برس بأنه أسلوب “يربط الضحية على عمود ويُقلب بشكل دائري على النار”.
كما يشير تقرير وكالة أنباء اسوشييتد برس إلى أن أفراداً أميركيين متورطين في التحقيق مع المشتبه بهم في اليمن كما دعت لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ التي يرأسها السيناتور جون ماكين ورئيس مجلس الشيوخ الديموقراطي جاك ريد وزير الدفاع جيمس ماتيس الى التحقيق عن الدور المحتمل للأفراد الأمريكيين، وعما إذا كانوا يدركون أن التعذيب يجري. وأكد ماكين وريد في رسالتهما إلى ماتيس أن “حتى القول بأن الولايات المتحدة تتسامح مع التعذيب من قبل شركائنا الأجانب يضر بمهمتنا الأمنية الوطنية من خلال تقويض المبدأ الأخلاقي الذي يميزنا عن أعدائنا – إيماننا بأن جميع الناس يمتلكون حقوق الإنسان الأساسية”.
وذهب التقرير إلى أنَّ تحالفاً من عدة منظمات حقوقية تشمل والاتحاد الأميركي للحريات المدنية، و«هيومان رايتس فرست»، و»هيومان رايتس ووتش»، واللجنة الدينية الوطنية ضد التعذيب، ومركز ضحايا التعذيب، دعا إدارة ترمب إلى الشروع في فتح تحقيق في مزاعم التعذيب التي ارتكبتها الإمارات وحلفاؤها في اليمن، وإتاحة نتائج هذا التحقيق للعلن. وتشير المنظمات إلى أن “الولايات المتحدة بلا شك تدرك أن التعاون المستمر مع القوات المتورطة في انتهاكات جسيمة يضع الموظفين الأمريكيين في خطر التواطؤ في انتهاكات دولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني”.
تدريب ميليشيات خارج إطار الحكومة الشرعية
ويقول التقرير: “ولعل أهم دور تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن هو تدريبها وتنسيقها للميليشيات المحلية. وقد وصف بيتر ساليسبري، باحث أول في تشاتام هاوس، دور الإمارات في اليمن على النحو التالي: “أخذت وحدة القوات الخاصة في الحرس الرئاسي الإماراتي زمام المبادرة في اليمن في تنسيق الميليشيات اليمنية لدولة الإمارات … ولها علاقات وثيقة جدا مع القوات الخاصة للولايات المتحدة الموجودة في اليمن “. وقال ضباط الجيش الإماراتي إن الإمارات قامت بتدريب وتمويل وتجهيز أكثر من 25،000 جندي يمني يعملون في المحافظات الجنوبية وتحديداً في حضرموت والمحافظات قرب عدن. وتعمل قوات الأمن اليمنية التي تدربها الإمارات العربية المتحدة خارج سلسلة القيادة العسكرية اليمنية.
وقد ساهمت سُفن دولة الإمارات العربية المتحدة في الحصار البحري لليمن. وقد أعاق الحصار تسليم المساعدات المدنية إلى البلد. ونتيجة لذلك، كان الحصار البحري مساهما رئيسيا في الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث أسهم نقص الأغذية والإمدادات الطبية والمياه النظيفة في انتشار سوء التغذية والوفيات التي يمكن تفاديها. كما أشار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 12 كانون الثاني / يناير 2016، فإن “الحصار المنهجي والواسع النطاق للسلع التجارية قد أسهم بشكل مباشر في عرقلة تسليم المعونة الإنسانية”.
مواجهة إيران
وقال التقرير إنَّ الإمارات لا تستعرض قوتها في اليمن وحسب بل في مناطق أخرى عن طريق إقامة منشأة عسكرية في إريتريا استخدمت لنشر القوات السودانية في اليمن، كما وقعت أبوظبي اتفاقاً مع إقليم “أرض الصومال” غير المعترف به، لفتح قاعدة إماراتية هناك.
وذكر التقرير عن مزاعم الإمارات بأنها تبني هذه القوة العسكرية لعمل توازن ضد إيران، إلا أن أفعال الإمارات لا تتسق مع هذا الهدف، بل تعمل على تقويض مواجهة إيران، فعلى سبيل المثال، وفيما ينظر إلى التدخل العسكري في اليمن على أنه رد فعل ضد التدخل الإيراني، فإن معظم الخبراء يشيرون إلى أن الحوثيين ليس لهم علاقة بإيران، بل له مظالم طويلة الأمد، وهو ما يؤكده توماس جونيوا خبير الشأن الإيراني، الذي أشار إلى أن دعم طهران للحوثيين محدود، كما أن نفوذها في اليمن هامشي، ولن يكون هناك دقة إذا ما زعمنا أن الحوثيين هم وكلاء لإيران في اليمن.
الدعم الأمريكي للإمارات
وقدمت الولايات المتحدة عروضا بقيمة تزيد عن 27 مليار دولار من الأسلحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في إطار المبيعات العسكرية الأجنبية للبنتاجون منذ عام 2009، في 31 صفقة منفصلة. وشملت العروض 97 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز اباتشى واكثر من 30 الف قنبلة و 4569 سيارة مضادة للدروع و 16 مروحية نقل من طراز تشينوك ونظام الدفاع الجوي الصاروخى.
وكانت الولايات المتحدة أيضا المورد الرئيسي للتدريب العسكري الذي يحظى به الجيش الإماراتي، وتم تدريب أكثر من 5000 جندي من 2009 إلى 2016. وقد تم توفير التدريب الأمريكي للعاملين من البحرية الإماراتية والجيش والقوات الجوية والقوات الخاصة. وقبل تعيينه في منصب وزير الدفاع، عمل الجنرال جيمس ماتيس مستشارا بدون أجر للجيش الإماراتي، وبدأ هذا الترتيب بينما كان التدخل السعودي/الإماراتي في اليمن جاريا بالفعل في أغسطس/آب2015م. وبالإضافة إلى ذلك، قَدِم 125 من الضباط السابقين في الجيش الأمريكي إلى الإمارات بعقود خاصة للمساعدة في تدريب القوات البرية لأبوظبي.
وخلّص التقرير إلى أنَّ الدور الإماراتي في حرب اليمن حيث تفشي الجوع والكوليرا هو دور مزعج، خاصة أن الحصار البحري الإماراتي هو المسبب الرئيسي للموقف الإنساني المتاقم، وبسبب القصف المستمر للبنية التحتية المدنية.
وقد أدت الحرب في اليمن بالفعل إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج ما لا يقل عن 19 مليون شخص إلى مساعدات وأكثر من 7 ملايين شخص معرضون لخطر المجاعة الفورية. وهناك حاجة ماسة إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى محادثات السلام الشاملة التي تركز على حلول نهائية للحرب الأهلية.
وقد اتخذت الولايات المتحدة زمام المبادرة في اتفاقيات بيع الأسلحة الجديدة مع دولة الإمارات العربية المتحدة. ووفقا لتقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونغرس في ديسمبر / كانون الأول 2016، كانت الولايات المتحدة مسؤولة عن أكثر من 70٪ من اتفاقيات نقل الأسلحة التي أبرمتها دولة الإمارات العربية المتحدة بين عامي 2008 و 2015.
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة العسكريين في الشرق الأوسط، وقد شاركت في سلسلة طويلة من التدخلات الأمريكية، بما فيها تلك التي جرت في الصومال والعراق (1991) وكوسوفو وليبيا وسوريا. وقد استخدمت القوات الأمريكية قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات لإطلاق حملات عسكرية أمريكية في أفغانستان والعراق وسوريا.
المصدر الرئيس
U.S. Arms Transfers to the UAE and the War In Yemen