في الذكرى الـ55 لثورة 26 سبتمبر في اليمن.. الإمامة تُطلّ براسها
تدخل الثورة اليمنية الأم، 26 سبتمبر 1962، عامها الـ55، والجمهورية الفقيرة التي صنعتها هذه الثورة، تعيش أسوأ أيامها.
يمن مونيتور/ خاص/ من يونس أحمد
تدخل الثورة اليمنية الأم، 26 سبتمبر 1962، عامها الـ55، والجمهورية الفقيرة التي صنعتها هذه الثورة، تعيش أسوأ أيامها.
يعيش المؤمنون بهذه الثورة أياما عصيبة، لا سيما وهم يرون أن جمهوريتهم وحلمهم الذي طالما تغنّوا به ينهار على أيدي جماعة الحوثي المسلحة، الامتداد الطبيعي لحكم الأئمة الذين أطاحت بهم ثورة سبتمبر 1962م.
وعلى الرغم من أن الحوثيين لم يعلنوا صراحةً عداءهم لثورة 26 سبتمبر 1962، إلا أنهم يمجدون ما يسمونه ثورة “21 سبتمبر 2014″، تاريخ اجتياح الجماعة المسلحة للعاصمة صنعاء وبعض مدن البلاد.
يتحاشى الحوثيون معاداة ثورة “26 سبتمبر” حفاظاً على الإبقاء على الشراكة التي تجمعهم بحزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، لكن بعض ناشطي الجماعة لا يخفي العداء الدفين لهذه الثورة التي أسقطت حكم الأئمة وجاءت بالنظام الجمهوري.
مأرب وتعز ..احتفاءات رغم الحرب
رغم الحرب والحصار، تستعد مدينة تعز، المدينة التي تنطلق منها شرارة الثورات، للاحتفاء بالعيد الـ55 للثورة، غير آبهة بقذائف الحوثي و”صالح”، معلنةً أن الثورة ما تزال حية، وأن محاولة وأدها هو مجرد وهم.
وفي مأرب، شرقي البلاد، وهي إحدى حواضن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، تزينت محلات المدينة وشوارعها بالأعلام الوطنية احتفالاً بالعيد الوطني الـ55 لثورة سبتمبر 1962م، فيما يعتبر المناهضون لفكرة الحوثي و”صالح” أن حربهم ضد هذين الطرفين الذين انقلبا على السلطة الشرعية أواخر سبتمبر 2014، يأتي في سياق نضال اليمنيين ضد نظام الفرد والجماعة الواحدة، ودفاعاً عن مشروع الدولة الاتحادية التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني.
تقول “آية خالد”، المسؤولة الإعلامية في اللجنة التحضيرية للحفل، “للأسبوع الثاني على التوالي تستمر التجهيزات للاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين لثورة سبتمبر، والتي ابتدأت بكشك توعوي في شارع جمال للتوعية بأهداف ثورة سبتمبر المجيدة والتعريف بأبزر شهدائها، إضافة إلى تعليق اللوحات في شوارع المدينة ورفع العلم الوطني وتسيير السيارات الصادحة بالأناشيد الوطنية السبتمبرية.
وتضيف في حديث لـ”يمن مونيتور”، كانت البداية هي تحدٍ لإقامة هذا الحفل، فقدمنا كل ما باستطاعتنا لإتمام المهمة، الزميل محمد مارش عرض سيارته للبيع، الكثير من الأشخاص تساعدوا معنا ايضا، إضافة الى دعم السلطة المحلية وبتعاون مع مؤسسة رصد”.
وتتابع، “مدينة تعز أيقونة سبتمبرية ورغم كل الجراح ها هي تكفكف دموعها لتوقد الشعلة الـ55 للثورة، وستواصل طريقها الخاص بها للانتصار لسبتمبر، مهما كان الثمن ومهما واجهت من خذلان”.
حضور لافت على شبكات التواصل الاجتماعي
منذ مطلع سبتمبر الحالي، بدأت شبكات التواصل الاجتماعي تكتظ بما يشبه المظاهرات اليومية بداية بتحديث بروفايلات الصفحات الشخصية باطارات 26 سبتمبر، للتعبير عن الإنتماء لروح هذا اليوم، مروراً بالمنشورات الساخرة حيناً، والجادة أحياناً اخرى والدائرة كلها حول 26 سبتمبر ماذا حققت والمؤامرات التي تحاك ضدها.
يرى الكاتب الساخر “مروان كامل”، في حديث لـ”يمن مونيتور”، عندما يتعلق الأمر بثورة 26 سبتمبر، لم يعد هناك شيء مهما كبر يمكن أن نقوله يفيها حقها، لكن الجديد هذا العام هو احتفاء اليمنيين الكبير بالذكرى الـ 55 للثورة المجيدة من بداية الشهر، هذا يجعلك تقول إن هذه الثورة نسبنا، جدنا الذي يرجع إليه تاريخ اليمن الحديث، منها ملكنا أنفسنا وأصبحنا أوادم نساء ورجال ومنها جاء كل شيء.
ويؤكد: “لولا ثورة 26 سبتمبر 1962، لكنا مثل أي إمارة خليجية، جاءت ثورة سبتمبر وثورة اكتوبر لتجعلنا نفاخر ببلادنا، ثم جاءت بعدهن بعقود ثورة 11 فبراير 2011، لتجدد العهد ولتحرس بلادنا من الارتداد عن مسار سبتمبر، بعد أن كانت في طريقها إلى التوريث بفضل نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح”.
صنعاء.. في غير مكانها
تبدو صنعاء، عاصمة الجمهورية اليمنية، وكأن الأمر لا يعنيها، إلا من تصريحات تأتي على استحياء من هنا او من هناك، فقدت معها العاصمة دورها المحوري الذي لعبته إبان ثورة سبتمبر 1962، وقبل أيام أحيا تحالف الحوثي-صالح، فعالية احتفال في الذكرى الثالثة لما اسموها “ثورة 21 سبتمبر”، (تاريخ اجتياحهم للعاصمة صنعاء)، وعلقت اللافتات في الشوارع وجابت السيارات الطرقات تصدح بأصوات الزوامل التي تمجد حرب الحوثيين وصالح.
وتعتقد “أمل السعيدي”، وهي ناشطة شبابية وكاتبة صحفية، أن تمكن الحوثيين بدعم من الرئيس السابق علي صالح من اسقاط صنعاء جعل الجماعة المسلحة تمارس تقويض الجمهورية اليمنية وتستهدف مشروعها الحديث.
وفقاً لـ”السعيدي”، فإن جماعة الحوثي “نهبت كافة المعسكرات، ومزفت النسيج الاجتماعي اليمني، وعملت على تغيير ثقافي وديني بما يتناسب وفكرها السلالي المذهبي، ومارست الجماعة شتى صنوف التنكيل بحق معارضيها ومثقفي ومفكري المجتمع، كل هذا يؤكد حقيقة أن هذه الجماعة تسعى للعودة الى ما قبل سبتمبر 1962”.
وتتابع: “مع كل هذا، ما تزال روح 26 سبتمبر تدب فينا، ولا مجال لصناعة كهنوت جديد أو عودة إلى الإمامة؛ كل ما علينا مواصلة الطريق حتى استعادة الجمهورية والدولة بشكل كامل وانقاذ المناطق الخاضعة لسيطرة الإنقلاب من مشروع الإمامة والتخلف”.
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، “فتحي ابو النصر”، أن الحوثيين يريدون جمهورية شكلية مفروغة من الداخل على أن تكون الولاية لهم.
واضاف في تصريح لـ”يمن مونيتور”، أن الحوثيين استغلوا فشل الثورة في عدم إنجاز أهم مهامها الوطنية وهي إزالة الطبقات، وبناء جيش وطني، فنخروا جهاز الدولة العسكري والأمني والإداري على نحو متربص حتى واتتهم الفرصة”. حد قوله