اخترنا لكمتراجم وتحليلاتتقاريرغير مصنف

(انفراد) تحقيق.. يمنيون يبيعون أعضاءهم في مصر للبقاء على قيد الحياة

نشرت شبكة الجزيرة الإنجليزية تحقيقاً، يكشف جانباً مخيفاً عن اضطرار اليمنيين لبيع أعضاءهم للبقاء على قيد الحياة، بعد حرب طاحنة تفاقمت على مدار ثلاث سنوات.

يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
نشرت شبكة الجزيرة الإنجليزية تحقيقاً، يكشف جانباً مخيفاً عن اضطرار اليمنيين لبيع أعضاءهم للبقاء على قيد الحياة، بعد حرب طاحنة تفاقمت على مدار ثلاث سنوات.
وحسب التحقيق الذي نشرته الشبكة في نسختها الإنجليزية، وترجمه “يمن مونيتور”، فإن 90% من الحالات أجريت لها جراحات في مصر؛ بعد إقناع السماسرة المصريين في اليمن المواطنين بالسفر إلى القاهرة لبيع أعضائهم وإيهامهم بمبالغ مالية ضخمة؛ لكنّ المبالغ التي يتقاضاها الضحايا لا تقارن بما يحصل عليه المنفذون في القاهرة.
وبدأت الشبكة تحقيقها بذكر قصة “عدنان علي” التي قالت إنَّ ندوبه الأخيرة بسبب جراحة في الكلى بدأت تتلاشى؛ لكن آلامه باقية.
وعدنان علي عاطل عن العمل ومطلق، في أوائل الثلاثينيات من عمره، وجد نفسه في الآونة الأخيرة أمام اختيارات صعبة؛ إما الاشتراك في القتال مع مليشيا الحوثيين على الخطوط الأمامية في حرب اليمن، أو السعي إلى العمل في المملكة العربية السعودية المجاورة، أو بيع أعضائه.
وقال علي: ” “لا توجد فرص عمل، وزوجتي تركتني لرجل آخر”، متحدثاً لشبكة الجزيرة بهدوء من على سريره بعد الجراحة التي أجراها في منطقة بني مطر اليمنية، جنوب غرب صنعاء.
بعد أكثر من عامين من الحرب، تحوّل يمنيون من الطبقة العاملة إلى بيع سلع البقالة والقات (مخدر خفيف يتم مضغه) لتحقيق أدنى متطلبات الحياة، وأختار آخرون بيع أعضائهم للبقاء على قيد الحياة.
 
سماسرة في اليمن
وفي قضية “عدنان”، فإن سائق أجرة (مصري يمني) يعمل سمسار أعضاء كان ينتظره خارج مكتب جوازات السفر، وطارده ثم استفسر منه عن حالته المالية وأقنعه ببيع كليته. ذهب «عدنان» إلى مكتب جوازات السفر للمضي في خطته بالسفر إلى المملكة السعودية، لكنه عندما أوشك على ذلك جعله السمسار يشاهد ندوب جراحة بعد بيع كليته، وأخبره أنه بعد فعله ذلك حصل على ما يكفي من المال وتمكّن من الزواج وشراء سيارة.
وقام الوسيط بتنظيم جواز سفر “علي”، واتصل بتاجر مصري، وأصدر تقريرا طبيا مزيفا يشهد على أن علي يعاني من مرض يحتاج إلى السفر إلى القاهرة لتلقي العلاج الطبي. ووافق السمسار وعلي على دفع مبلغ 10 آلاف دولار لكلية علي التي كانت مخصصة لرجل مسن من الكويت.
وفي القاهرة، أُجبر «عدنان» على البقاء في شقة صغيرة متهالكة بالجيزة لمدة 25 يومًا، وتولت الشبكة المتورطة في الاتجار في الأعضاء نفقات إقامته؛ لكنه مُنع من الخروج.
حالة “علي” ليست فريدة من نوعها. وعلى الرغم من أن نطاق تجارة الأعضاء بين اليمنيين اليائسين غير واضح، إلا أن ضحايا الاتجار الآخرين قالوا ل “الجزيرة” إن الشبكات تعمل بشكل مجهول في حانات ومقاهي الشيشة غير واضحة في اليمن ومصر.
وقال “علي” إن الطبيب الذي قام بعمله لم يحذره من العواقب المحتملة ولم تكن هناك رعاية بعد العملية الجراحية. ويضطر المرضى إلى توقيع عقد ينص على أنه “ليس من مسؤوليتنا إذا نشأت أي مضاعفات بعد الجراحة”.  
وقال علي: “بعد أن أجريت الجراحة، حصلت على المال”.
يحتاج أكثر من 20 مليون يمني حاليا إلى مساعدات إنسانية، وفقا للأمم المتحدة، في حين تشير التقديرات إلى أن احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي اليمني قد انخفض من 4.7 مليار دولار في أواخر عام 2014 إلى أقل من 1 مليار دولار في سبتمبر 2016. كما أنَّ رواتب العاملين المرافق الصحية، والمعلمين، وغيرهم من العاملين في القطاع العام، ليست منتظمة منذ أيلول / سبتمبر 2016، مما ترك أكثر من مليون من موظفي الدولة وأسرهم دون دخل منتظم.
وفي الشهر الماضي، قام ناشطون في فيسبوك بتعميم صورة لمعلمة يمنية يزعم أنها تعرض إحدى كليتها للبيع، مع شرح: ” هذا ما دفعتنا حكومتنا إلى أن نكون عليه، أنا أعرض كليتي للبيع لإنقاذ أولادي من الجوع، الراتب هو الحياة”.
 
الغالبية من الرجال
وقال “وهاج المقطري”، مؤسس مستشفى “سبل الحياة للرعاية الحرجة”، لـ”الجزيرة” إنَّ غالبية ضحايا الاتجار بالأعضاء في اليمن من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 28 عامًا و40. وفي حين أنه لا يستطيع تحديد كيفية بيعها إلا أنَّ العديد من اليمنيين لجأوا إلى بيع أعضائهم، وأشار إلى أنه من خلال مقارنته بالسابق، فإنه يبدو حالياً “يجري وفق نطاق لم يسبق له مثيل”.
ووثقت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر “غير حكومية ومقرها في صنعاء”300 حالة من مبيعات الأعضاء في «مصر» منذ بدء الحرب في مارس 2015. وهذا لا يعكس تغييرًا عن السنوات الخمس السابقة، ويمكن أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير؛ لأنّ ثمة حالات لم يُبلغ عنها؛ بسبب تجريم هذه الممارسة قانونًا، إضافة إلى الموانع الدينية.
90 بالمائة باعوها في مصر
وقال نبيل فاضل، مؤسس المنظمة ل “الجزيرة”: “تسعين في المئة من اليمنيين الذين باعوا أعضائهم قد سافروا إلى مصر”. واشار الى ان الأعضاء الاكثر تداولا تشمل الكلى وفصوص الكبد والقرنيات وان الثمن الذى يدفع للأشخاص المانحين يختلف.
وقال فاضل انه من المحتمل ان يكون هناك المزيد من العمليات الجراحية خارج اليمن لو لم تعرقل عمليات اغلاق المطار التي نفذت العام الماضي ولكن “بعض العائلات اليائسة ما زالت تقوم بهذه الرحلة”.
وقال المقطري إنه حتى لو تم ذلك داخل اليمن، فإن العمليات الجراحية تتم بشكل خفي. وقال “ان المرضى لا يقتربون منا مباشرة”. واضاف “انهم يفعلون ذلك بمساعدة شبكات الوساطة، “.
وهناك عدد قليل من العمليات تتم في المستشفيات الكبيرة مع الرعاية الطبية المناسبة. فإن الأغلبية تتم في مسارح عمليات غير مرخصة أو مؤقتة مع معدات أو موظفين غير كافيين، كما أضاف المقطري. 45٪ فقط   من مرافق الرعاية الصحية في اليمن تعمل بكامل طاقتها
وبموجب قانون زرع الأعضاء والأنسجة البشرية، الذي أقره البرلمان المصري في عام 2010، يجب معاقبة الأفراد الذين يبيعون الأعضاء، ولكن دراسة أجرتها المجلة البريطانية لعلم الجريمة في عام 2016 وجدت أنه بدلا من معالجة تجارة الأعضاء في السوق السوداء، دفع القانون الممارسة غير القانونية للعمل أكثر تحت الأرض.
 
يشتري أثرياء الخليج بمائة ألف دولار
وقالت إلهام الدليمي، وهي طبيبة في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء، ل “الجزيرة” إن منشآتها تؤيد سياسة صارمة يجب على الجهات المانحة المحتملة الحصول على إذن من السلطات القضائية قبل الشروع فيها.
وقال فاضل إنه قام بتوثيق الحالات التي اشترت فيها المستشفيات المصرية أعضاء من اليمنيين بمبلغ 5000 دولار ثم باعتها إلى عملاء أثرياء من دول الخليج أو الدول الغربية لما يقرب من 100 ألف دولار.
باع مزارع يدعى “حسين فاري مزغيب”كليته في أكتوبر 2014 بمبلغ 5000 دولار، وهو مبلغ غير كافٍ لدعم أسرته المكونة من ثمانية أفراد لمدة ستة أشهر تقريبًا، ولم تدم فرحته طويلًا؛ إذ بدأت صحته في التدهور.
وقال مزغيب، وهو بائع للقات، لـ”الجزيرة”: “لا أستطيع حمل أغراض تزن أكثر من 20 كيلوجرامًا، وفي الشتاء الضرر يكون أكبر”.
وعندما نفد المال بدأ العمل مع سماسرة الأعضاء، ويتقاضى ألف دولار عن كل حالة يستطيع إرسالها إلى القاهرة؛ لكنه توقف بعد أن اعتقلته السلطات اليمنية.
مع استمرار الحرب في اليمن فالمستقبل قاتم لأبنائه. لكن، بالنسبة إلى عدنان علي، الذي أوشك على الزواج من امرأة ثانية وبدأ تنفيذ خططه بالعمل على سيارة أجرة، يرى أنّ هناك دلائل على مستقبل أكثر إشراقًا؛ إذ يقول “الترتيبات جارية لحفل الزفاف، وأعتزم شراء سيارة أجرة”.
 
المصدر الرئيس
Desperate Yemenis sell organs to survive
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى