اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

“صالح” الراقص على رؤوس الثعابين.. هل لا يزال قادراً؟

يتصاعد الخلاف بين شريكي الانقلاب في صنعاء، ويبدو أن “صالح” لم يعد قادراً على “الرقص على رؤوس الثعابين”. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من يونس عبدالسلام
أدار علي عبدالله صالح البلاد على مدى ثلاثة عقود منتصرا في كل جولة صراع يواجهها على كل خصومه، وبدهاء منقطع النظير استطاع التغلب والالتفاف على كل العراقيل التي واجهتها سلطته والتي كان آخرها ثورة فبراير/ شباط 2011.
وصف صالح حكمه لليمن بأنه “رقص على رؤوس الثعابين”، فقد اعتمد في إدارة صراعه مع خصومه السياسين بمنطق دبلوماسي ممارساً إجادته مراقصة الثعابين التي شارك هو في تربيتها تارة وفي استخدامها ضد خصوم معينين تارة أخرى، غير آبه بأن ثمة ثعابين من بين تلك التي أنشأها قد تكبر أكثر مما يريد لتصبح قادرةً على لسعه في أية لحظة.
في سبتمبر/ أيلول 2014 سيطر المسلحون الحوثيون على صنعاء بدعم من علي صالح الرئيس الذي اقتلعته ثورة شعبية التف عليها مبدئيا بتحويلها إلى نصف ثورة، ثم محاولة سحقها بثعابين جدد هذه المرّة، مقدماً لهم البلاد على طبق من ذهب، مستخدماً دولته العميقة وألويته العسكرية التي تدين له بالولاء والطاعة في كل أنحاء البلاد، ولو لم يعد رئيسا لها.
في خضم تلك الأحداث، وبينما اكتفى صالح بمشاهدة الحوثيين ينكّلون بخصومه ويسقطون المدينة تلو الأخرى ظناً منه باستخدامهم جسر عبور للعودة إلى الحكم مرة أخرى ثم الإطاحة بهم إن لزم الأمر، إلا أن أنظار الحوثيين اتجهت في وقت مبكر نحوه، لتعمل لاحقاً على التفكير في اجتثاثه كعقبة أخيرة ستحول بينهم وبين تحقيق ما جاءوا من أجله لا ما جاء بهم هو من أجله.
سيطر مسلحو الجماعة على مؤسسات الدولة في صنعاء وأجزاء كبيرة من البلاد، كذلك سيطروا على أغلب المعسكرات وأسلحة الجيش في ظرف قياسي أهّل الجماعة لتكون في الواجهة متجاوزةً “صالح” وحزبه، لتمكنهم من الظهور والاستحواذ على حسابه.
تصدر الحوثيين للمشهد..
في مارس/ آذار 2015، أعلنت السعودية بدء عملية عسكرية في اليمن هدفها إعادة الشرعية ومواجهة المد الإيراني الذي يهدد أمن الخليج، ليعلن الحوثيون مواجهة التحالف وقوات الرئيس هادي في مختلف الجبهات، وتعمد إعلامهم تقديم أنفسم للرأي العام كما لو كانوا، وحدهم، من يقاتل في الجبهات، ليعلنوا لاحقاً أن حليفهم في صنعاء لم يتفاعل مع الدور المسؤول والمطلوب لمواجهة العدوان (يقصدون التحالف العربي)، كما جاء في احدى الخطابات الأخيرة لزعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي.
وكتأكيد لقوتهم ووجودهم على الأرض، قامت جماعة الحوثي بالذهاب منفردة تحاور حيناً، وتقاتل آحياناً اخرى رافعةً شعار الجماعة مع كل عملية عسكرية وفي كل الجبهات، كدلالة صريحة كما يرى الكثير من المتابعين على أنها هي دون حليفها في الانقلاب على هادي، مَن يقاتل ومن له الحق في أي تفاوض قادم أو قطف ثمرة أي انتصار يتوهمونه.
من أشعل عود الثقاب الأول؟
في ابريل /نيسان 2016، أعلن الناطق الرسمي لجماعة الحوثي محمد عبدالسلام عن اتفاقيات ومفاوضات مع السعودية معتبراً “تلك الاتفاقيات خطوة مهمة في سبيل وقف شامل للحرب وتمهيد أساسي لحوار قادم”.
وفي السياق ذاته، وكرد فعل، شنّ المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) على لسان أمينه المساعد “عارف الزوكا”، هجوماً شرساً على الحوثيين معتبرا ذهابهم إلى السعودية “محاولة لشق الصف وضحكا على الذقون”.
ذهب الحوثيون إلى ظهران الجنوب السعودية للحوار دون الرجوع إلى المؤتمر، وهذا ما أثار حفيظة الأخير، ونتيجة لذلك شن حملة إعلامية شرسة ضد الحوثيين متهما إياهم بـ”الخيانة والاستفراد بالقرار”، ليأت متأخراً رد الناطق الرسمي للحوثيين أن حوار ظهران الجنوب “كان بتنسيق مع المؤتمر لكن الأخير تعمد طعنهم من الخلف وتشويههم وتصوير ذهابهم للحوار بأنه خيانة للبلد”.
وما لبث الخلاف الأول أن ينطفئ، حتى عمل الحوثيون كما يرى نشطاء المؤتمر على تأجيج الصراع أكثر وإقصاء المحسوبين على الحزب في كل الوزرات وتضييق الخناق على صالح، مذكرين الحوثيين بأن المؤتمر هو من أوصلكم إلى صنعاء، ولولاه لما استطعتم الخروج من صعدة.
تضييق الخناق على صالح في صنعاء
أخذت الحرب الكلامية حيزاً كبيراً بين الطرفين ونفوذاً صامتا للحوثيين في الوزارات، وعلى الأرض أيضا على حساب صالح وحزبه، الأمر الذي عقد المشهد أكثر، وأصبح تحالف الضرورة بين صالح والحوثي آيلاً للانهيار أكثر من أي وقت مضى.
في وقت لاحق، أعلن الحوثيون ملاحقتهم لمن أسموهم “الطابور الخامس”، الأمر الذي جعل المؤتمريين يشعرون أن تصفيتهم من الوزارات وملاحقتهم هي الهدف من وراء هذه الحملة.
سيطر الحوثيون عن طريق مشرفيهم على الوزارات وأقسام الشرطة وكل المرافق الحكومية في صنعاء كما يقول كثير من قادة المؤتمر، وكذلك ما قاله زعيمهم في خطاب أخير له رد به على خطاب الحوثي عبدالملك، اتهم فيه ضمنياً حزب صالح بالفساد وبأن أنصاره لا يسيطرون على 1% من مناصب الدولة.
في المقابل، لم يكن بيد صالح غير عقد اجتماعات مع اللجنة الدائمة للمؤتمر، والاكتفاء بتصريحات هنا وهناك لا تشكل خطراً على الحوثيين، بقدر ما تمنحهم المبررات لاتخاذ خطوات تحدُّ من قوة صالح أكثر وتجعله تحت رحمة الحوثيين.
صالح يمتلك خيارات
ويرى نجيب غلاب، رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات أن صالح رهينة لمسألتين للحوثية التي تحتاجه أكثر من حاجته لها ولدوره المستقبلي الذي أصبح أكثر غموضاً وربما صار لديه قناعة أنَّ رحيله من العمل السياسي أصبح خياراً محسوماً مستقبلا ولا يمكن إعادة إنتاجه كشخص وربما هذه القناعة لديه أكثر من قناعة خصومه بذلك.
وأضاف في تصريح خاص لـ”يمن مونيتور”، “من ناحية واقعية ما يزال المؤتمر الذي يتزعمه صالح يمتلك أدوات كثيرة وفاعلة بإمكانها أن تضرب المشروع الحوثي في مقتل، لكنه لا يفعلها لأنه محاصر كلياً من الخارج والداخل، والحوثية تقدم له ضمانات حماية بعض مصالحهم ولو بالحد الأدنى طالما هو ملتزم بالتبعية لمشروع ما يسمونه ثورة ٢١ سبتمبر، بمعنى أن أرباح مؤتمر صالح عملياً اليوم ما زالت مع الحوثية، ويدير المؤتمر صراع استمرار التوازن داخل الانقلاب الذي أصبح مختلاً لصالح الحوثيين.
لن يستمر تحالف الطرفين
من جهته يرى الصحفي والمحلل السياسي ياسين التميمي أن عجلة الصراع الوجودي بين شريكي الانقلاب قد تحركت ولن تتوقف إلا بنتائج تسفر عن إزاحة احد الشريكين من الساحة.
وأكد في تصريح لـ”يمن مونيتور” أن صالح أصبح ضعيفاً من الناحية العسكرية، لكن ما زال بوسعه استثمار شعبيته التي باتت مجردة من السلاح.
وتابع: الحوثيون لم يقرروا بعد تصفية صالح لحاجتهم إلى استمرار الشراكة الهشة في مواجهة ما يعتبرونه عدواناً، لأنهم يحسبون إمكانية تصدع الجبهة الانقلابية وانقسامها ما قد يشجع الحكومة والتحالف على التحرك. واستثمار هذه التصدعات. اللقاء الذي عقد الْيَوْمَ يأتي في هذا.
وفيما يتعلق بالاتفاق الأخير بين طرفي الانقلاب قال التميمي: اللقاء الذي عقد الْيَوْمَ يأتي فِي إطار الاستعداد لمواجهة الترتيبات العسكرية الجديدة للحكومة والتحالف، لكنه لا يشكل ضمانا لمصالحة طويلة الأمد بين الشريكين.
تأجيل جديد للصراع.. هل ينتهي إلى حيث انتهى سابقيه؟
وهذا الأسبوع كُشف عن اتصال جمع بين صالح وزعيم انصار الله عبدالملك الحوثي في سعي من الطرفين لازالة أسباب التوتر المتصاعد بينهما، نتج عن ذاك الإتصال خروج الطرفين باتفاق مؤكدين فيه على وحدة الجبهة الداخلية وتماسكها.
على الصعيد ذاته، وفي أول رد فعل لاتفاق طرفي الانقلاب نشر “علي البخيتي” القيادي المنشق عن جماعة الحوثي في تغريدة على تويتر قال فيها مخاطبا صالح: مهما وعدك عبدالملك الحوثي في حديثكما لا تثق في كلامه؛ فسرعان ما يجد ذريعة للتنصل من وعوده بتقرير واحد من احد المشرفين.
بالمقابل عقد صالح الصماد رئيس ما يسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى” اجتماعاً له بالقصر الجمهوري بصنعاء حضره قادة من حزب المؤتمر، أعلن فيه بأنه سيتم التعامل تنظيميا وقانونيا مع كل الوسائل الإعلامية التي تستهدف الجبهة الداخلية.
الجدير بالذكر دعوة عبد الملك الحوثي أنصاره، في خطاب ألقاه الخميس، للتفاعل والحشد للاحتفال بالذكرى الثالثة لما أسماها ثورة 21 سبتمبر/ أيلول (تاريخ اجتياح الحوثيين صنعاء عام 2014) الأمر الذي قد يعيد التوتر بين طرفي الانقلاب إلى الواجهة كما يرى مراقبون، خصوصا أن تم ما أعلن عنه سابقاً أحد قيادات الجماعة بأن احياء فعالية 21 سبتمبر ستكون في السبعين، المكان القريب من صالح الخاص بفعاليات حزبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى