كتابات خاصة

العشر من ذي الحجة

عبدالرحمن الظفري

هنا في البيضاء نسميها عشر الأموات، وذلك لأنه في أيام العشر الأواخر من ذي الحجة يقوم الناس والذين قد توفي عليهم والدهم او اخوهم بالذبح في أحد أيام العشر لفعل عزومة غداء لأهل القرية، حتى وإن كان قد توفى قريبهم من سنوات، يكون ذلك في أيام العشر سنويا.

هنا في البيضاء نسميها عشر الأموات، وذلك لأنه في أيام العشر الأواخر من ذي الحجة يقوم الناس والذين قد توفي عليهم والدهم او اخوهم بالذبح في أحد أيام العشر لفعل عزومة غداء لأهل القرية، حتى وإن كان قد توفى قريبهم من سنوات، يكون ذلك في أيام العشر سنويا.

يتم ذلك بداعي فعل الخير لروح الميت تزامنا مع فضيلة أيام العشر الحرم، فيتم الغداء وقراءة الفاتحة لروح الميت الذي تمت العزومة لروحه.
يتم ذلك خلال كل أيام العشر، كل يوم يقوم أحد البيوت بذلك، فتمر كل أيام العشر كل يوم عزومة غداء.
نحن الأحياء يهمنا أكل اللحم ولسنا خاسرين شيء نتغدى ونقرأ الفاتحة والدعوة للميت بالغفران، وفي اليوم الثاني نتسائل أين الغداء اليوم؟
خاصة الموالعة مننا لأن الكيف للتخزينة هنا مرتبط بالمرق واللحم.
ولا يعني أن من لم يقم بذلك عيب أو نقص، فالبعض لا يذبح والبعض يعطي الكبش الذي ينوي ذبحه لأحد المساكين..
لكن وكما هو معروف عندنا في البيضاء نحب اللحم وبشراهه.
ذات مرة اثنين وقت الغداء دخلوا مطعم في المدينة وطلبوا كبش صغير نوعا ما وظن صاحب المطعم انهم منتظرين لآخرين بحكم انهم طلبوا كبش ولما تأخر عليهم في تقديمه كانوا ينادوه أن يعجل في تقديمه فأستغرب أن يكون كبش لشخصين فقدم الطلب لهم وهو مستغرب، فألتهموه وعند الحساب سأل صاحب المطعم
اكلتوا الكبش كله؟
قال نعم الحمد لله
قال: والحساب مسامح واعتبره معونة مني مع أهلك، قاصدا في ذلك ان الله يعين اهلك عليك..
فرد عليه صاحبنا:
الله يكرمك
ولم ياخذ يأخذ صاحب المطعم الحساب.
واليوم الثاني قام الرجل بأخذ اثنين كباش من بيته وأعطاهم لولده ليأخذهم لصاحب المطعم الذي اكرمهم بالأمس على حسابه، وقام الإبن بذلك وأوصلهم لصاحب المطعم وأخبره انهم من والده مقابل عزومته وكرمه لوالده بالأمس.
تمر كل أيام العشر ونحن نأكل لحم إلى يوم عرفة، ويوم عرفة يصوم الجميع ويكون الفطور غالبا لحم، يتم ذبح ما يسمى -المدخل- بمعنى مدخل العيد.
ثقافة توارثناها كما هي، وكأنه كان أجدادنا يخلقوا أسباب ومبررات معينه لأجل أكل اللحم لكنها في كل الأحوال نعتبرها موروث مفيد.
وغير عشر الأموات ومدخل العيد الكثير من الموروث..
إذا توفي شخص يوم وفاته يقوم أهله بذبح عدة كباش لما يسمى -معشاة-، إذا ولد مولود يتم ذبح ما يسمى -الختان-، إذا أتى ضيف يتم الذبح للضيف، إذا سيسافر للغربة شخص يتم الذبح لأجله قبل سفره أو إذا أتى من الغربة يتم كذلك الذبح له -عزومة المسافر- من قبل أهله، إذا مرض شخص ثم شفي بعد ذلك يتم الذبح ما يسمى – فدى للمريض-، واذا لم يشفى ايضا يتم الذبح لاجله -فدى عليه-، اذا تم بناء بيت وقبل أن يتم سقفه يقوم صاحب البيت بالذبح ويكون الذبح على زاوية البيت ليسيل الدم على أساس البيت المبني حديثا حماية، وعندما تزوره اخته او ابنته المتزوجة يقوم الشخص بضيافتها وزوجها بالذبح لهم خاصة إذا كانت متزوجة إلى مكان بعيد، وغيرها الكثير من المناسبات المعروفة عندنا في البيضاء يتم الذبح فيها بعضها قد تكون غريبة للبعض لكنها في البيضاء بديهية ولايخلو بيت في البيضاء من وجود الاغنام والكباش.
هذا ليس مدحا كوني من البيضاء إلا أن الحقيقة أن أصحاب البيضاء كرماء ويحبون انفسهم ويكرمونها كثيرا ليست أنانية سلبية ولكن كما يقولوا يهنوا انفسهم، يأكلوا من عرقهم فيغتربوا ويعملوا ويكدوا.
الغالبية مغتربين وتشعر كما لو انهم مجرد ضيوف في بلادهم، يغترب سنة أو أكثر ليعود بلاده يقضي فيها عدة أشهر ويعود للغربة.
مرة واحد كبير بالسن ولأنه مريض كان قد منعه الطبيب من أكل اللحم وأن ذلك ضررا عليه، ذات يوم وبمناسبة معينة قام ابنه بذبح عجل، وأشتهى الرجل قطعة لحم من العجل وأخبرته زوجته انه ممنوع عليه وقد يشكل ضرر على صحته ورفض تلك النصيحة وأصر عليهم إلا أن يعطوه من العجل، ورجل تعود على اللحم في حياته لا يمكن أن يمر ذبح العجل أمامه دون أن يأكل لحم متناسيا التحذيرات الطبية أمام اغراء العجل، وأكل ثم تنهد بعد ذلك وبعد اسبوع نظر انه لم يحصل لصحته شيء فطلب وتوسل من ابنه أن يذبح له ولو ماعز صغير واستسلم الولد أمام طلب ابوه وذبح الماعز الذي أكل منه الوالد هذه المرة أكثر من العجل واليوم الثاني توفي.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى