لا توجد أيديولوجيا تقبل التعايش مع الآخر ..تقبل في حالة واحدة فقط وهي أن تكون هي المسيطرة ، وأن تكون أدواتها هي المتنفذة في كل الأمور .
لا توجد أيديولوجيا تقبل التعايش مع الآخر ..تقبل في حالة واحدة فقط وهي أن تكون هي المسيطرة ، وأن تكون أدواتها هي المتنفذة في كل الأمور .
والأيديولوجيا ليست فقط نظرية فلسفية بالمفهوم الذي استقر في الفكر السياسي ، ولكنها أيضاً نظام اجتماعي يتكون من مفاهيم وتطبيقات متنوعة لسيطرة جماعة أو مجموعة أو عائلة أو نخبة للحكم . ومثل هذا المكون الذي يسيطر على الحكم ينشئ مفاهيمه وأدواته وقوانينه في السيطرة منفتحاً في ذلك على كل المرجعيات التي تؤسس للإستبداد لتمده بعوامل نموه واستمراره ، بِمَا في ذلك كيفية إدارة الفساد واستخدامه كوسيلة لتطبيع الاستبداد والطغيان . الفساد هو أداة الاستبداد الاولى في الاستمرار والتمدد .
الذي يجمع الانقلابيين اليوم هو مزيج من أيديولوجيا الحكم التي عرفها اليمن والمعتمدة في الاساس على هذه العوامل مجتمعة .. الفرق بينهما هو أن الفترة الزمنية الطويلة التي قضاها صالح في الحكم علمته أن يمرر هذه الايديولوجية ببطء وهدوء .. وعلمته كيف يمتص دم فريسته وهو يبتسم ، وقد أضاف اليها الكثير من المفاهيم والتطبيقات جعلته يعتبر بحق المؤسس المجدد لهذه الأيديولوجيا ، بينما يسعى عبد الملك الحوثي إلى حرق المراحل مستعيناً بخطاب تعبوي وتطبيقات نارية مكشوفة لم يتردد خلالها من الافصاح عن طبيعة هذه الأيديولوجية ، وهو ما فضح المسألة كلها مبكراً .
هذا الذي أزعج صالح فقط .. ولا شيء غير ذلك . أراد أن يقول لهم لنطبق الايديولوجية “بنظام ” ليبقى الحكم في أيدينا ، وأقدم على هذه الزوبعة كلها ليبعث بهذه الرسالة . ربما استوعبت الرؤوس الحامية رسالة حليفهم مؤسس هذه الأيديولوجيا .. ولكن هل سيستوعب “السبعين ” هذه الحقيقة المؤلمة ويستعيد تضحياته الخالدة من أجل الجمهورية .