استحق الخط العربي أن يحتل مكانة عظيمة في سلم الفنون التشكيلية على الصعيدين العربي والعالمي، وأن يلفت أنظار عمالقة الفن والرسم في الغرب، وأن يحظى بمتابعة وحضور داخل أروقة المعارض الدولية، بالإضافة إلى كونه واحداً من أهم عناصر حفظ التراث والهوية العربية.
استحق الخط العربي أن يحتل مكانة عظيمة في سلم الفنون التشكيلية على الصعيدين العربي والعالمي، وأن يلفت أنظار عمالقة الفن والرسم في الغرب، وأن يحظى بمتابعة وحضور داخل أروقة المعارض الدولية، بالإضافة إلى كونه واحداً من أهم عناصر حفظ التراث والهوية العربية.
اختتمت مساء الإثنين، الموافق 14 أغسطس/ آب، بدار الأوبرا المصرية، فعاليات ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي في دورته الثالثة، دورة شيخ الخطاطين محمد عبدالقادر، والذي ينظمه قطاع صندوق التنمية الثقافية بالقاهرة.
يأتي احتفاء الملتقى بالفنان الكبير محمد عبد القادر، تكريماً له واعترافاً بعطائه الممتد لعشرات السنين من العمل المتواصل من أجل إعلاء قيمة فن الخط العربي، وإحياءً لذكراه من تلاميذه.
في الدورة الثالثة تجاوز الملتقى مرحلة التأسيس، وبدأ في مرحلة جني الثمار، بعد أن أقبل عدد كبير من الخطاطين الراسخين وجيل الوسط وشباب الخطاطين، على المشاركة بفعاليات الدورة الثالثة، ما ساهم في إعلاء القيمة الفنية للملتقى، وفي التأكيد على أن الارتقاء بالخط العربي هو من صميم أهداف الملتقى، الذي تقرر أن ينتقل بكل فعالياته إلى مدينة الأقصر، بعد انتهائه بالقاهرة، دعماً لدور الأقصر كعاصمة للثقافة العربية هذا العام.
تضمنت فعاليات الملتقى مجموعة من الورش العلمية التي أقيمت على هامشه، على مدار الأيام الثلاثة، ناقشت موضوعات تخص الخط العربي، وتقاطعه مع الفنون الأخرى، مثل فضل الحضارة الإسلامية في تطور ونشر الخط العربي، والمصاحف المملوكية وأصول المدرسة المصرية في الخط العربي، وجماليات الخط العربي على العمائر الأثرية الإسلامية في مدن طريق الحرير، وأثر فن الخط العربي على العمائر المسيحية: الكتابات في الكنيسة المعلقة نموذجاً. خلصت الورشة العلمية بالملتقى إلى مجموعة من التوصيات، التي سوف تُفعّل لتوسيع دائرة الاهتمام بالخط العربي، وأهمها:
– التعاون مع مؤسسات وزارة الثقافة لعمل معارض وورش عمل في الصعيد والوجه البحري.
– اقتراح بعمل لجنة من الفنانين والخطاطين لتسعير وتسويق لوحات فناني الخط عن طريق معارض وزارة الثقافة الخارجية والداخلية.
– قيام مراكز الإبداع بإعداد لقاءات دورية بين الخطاطين والفنانين التشكيليين لتبادل الخبرات وخلق تقارب عملي بينهما.
– إقامة ورش بينية عن الخط العربي وكتاباته الفنية يقوم عليها فنانون أو أكاديميون.
– إنشاء موقع للتسويق على الإنترنت وبيع مستنسخات من اللوحات على موقع صندوق التنمية الثقافية.
– عقد مسابقة دورية للخط العربي.
– نشر الأبحاث المقدمة للملتقى في دوراته الثلاث إلكترونيا على موقع الملتقى.
استضاف الملتقى في دورته الثالثة مجموعة من الفنانين التشكيليين، المعنيين بالاحتفاء بتجلي الخط العربي في أعمالهم، لتتسع دوائر الاهتمام والإقبال على فن الخط العربي، على صعيد حركة الفن التشكيلي المصرية والعربية، عبر رؤى جديدة في التناول الفني، ما يفتح فضاءات جديدة من الإبداع، تساهم في كسر حالة الجمود والنمطية في مجالات وتطبيقات الخط العربي المتعارف عليها.
تحدث وزير الثقافة المصري الكاتب الصحافي حلمي النمنم، عن أهمية الخط العربي في ظل الظروف والصراعات السياسية التي يمر بها العالم العربي، خاصة بعد تعدد المشكلات الإقليمية، وتراجع القضية الفلسطينية كعامل موحد للأمة العربية.
يقول النمنم: لم يتبق لنا سوى التمسك بالثقافة والهوية العربية، في ظل شيوع العولمة والتقدم التكنولوجي الذي لا يعني طمس التراث العربي، والاستلاب أو الضياع في الآخر. ويأتي الحرف العربي كركيزة من ركائز اللغة والثقافة والحضارة والفنون التي تمثل صلب الهوية العربية.
عن أهمية الملتقى عربياً وعالمياً، يقول الفنان أنور الفوال، فنان الخط العربي وعضو لجنة التحكيم بالملتقى: إن الحفاظ على الهوية العربية من أهم دوافع التفكير لبدء جميع الملتقيات الفنية الخاصة بالفن العربي؛ اللغة العربية تعد من أهم عشر لغات مهددة بالأنقراض، والخط العربي هو الحارس الأمين للغة العربية وكلاهما وجهان لعملة واحدة. ولأن طمس الهوية العربية، أصبح هدفاً جلياً، يعتبر الملتقى وغيره من الأحداث الثقافية العربية، دعماً لترابط الأمة العربية وتواصلها مع غيرها من الأمم، ونشر الثقافة العربية من خلال الدول غير الناطقة بالعربية، وقياس مدى استعدادها لاستيعاب الحرف العربي.
يذكر الفوال أنه في بداية الألفية الثانية، كانت بداية الشروع في تنفيذ ملتقى القاهرة الدولي في بيت السناري، تبعه ملتقى الشارقة الدولي لفن الخط العربي، وملتقى الخط العربي المعاصر الدولي بالمدينة المنورة.
يقول الفوال إن مستوى الملتقى في ارتفاع مستمر، وفي هذه الدورة والتي أطلق عليها دورة “جني الثمار”، بمشاركة 21 دولة وأكثر من 130 فنانا، بالإضافة إلى تقدم ملحوظ في جميع النواحي التنظيمية الخاصة للملتقى.
أما عن أسباب استعادة الخط العربي لأهميته من جديد وإقبال الشباب على تعلمه بعد أن توارى لفترة طويلة، يقول الفوال إن الخط العربي إرث عظيم لمن يقدر هذا الفن العميق وروحانياته، التي تجذب إليه المحبين مهما كانت جنسياتهم أو ديانتهم، لما له من سحر وبريق، فهو فن “إينما ظهر بهر”.
يذكر الفوال قرار وزارة التربية والتعليم المصرية في عام 2012 بإلغاء مدارس تحسين الخطوط، والعمل جدياً على إغلاقها، ما دفع نقيب الخطاطين والعديد من الخطاطين للقيام بوقفة أمام الوزارة للعدول عن هذا القرار غير المدروس، ومن هنا أدرك الخطاطون المخاطر التي تتربص بفنهم، فاجتمعوا من جديد في محاولات لإنقاذ ذلك الفن، وبدأوا في محاولات ترسيخه ودعمه.
في ختام الحفل، أعلنت أسماء الفائزين بجوائز الملتقى، وتم تكريم كل من: الفنان المصري أحمد مصطفى، الفنان فكري سليمان، الفنان الدكتور مصطفى عبدالرحيم، الفنان السوري منير الشعراني، الفنان الكويتي فريد عبدالرحيم العلي.
ومن ضيوف الشرف الفنان التونسي عامر بن الهادي بن جدو، الفنان المغربي حميد الخربوشي، الفنانة السعودية غادة الحسن.
أما ضيوف الشرف من الباحثين، فهم: الدكتورة رشيدة بنت محمد بن سالم الديماسي من تونس، أحمد بن طاهر الخضري من السعودية.
يستمر المعرض الفني المقام عى هامش ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي، حتى 24 أغسطس/ آب بقصر الفنون بدار الأوبرا المصرية.
نقلا عن المنبر الثقافي العرب “ضقة ثالثة”