اشتعلت الحربُ في اليمن منذ حوالي ثلاثة أعوام، وزاد هاجس الموت يزورنا، إضافة إلى اليأس والقنوط والملل من الحياة من قبل العديد من المواطنين التعساء جراء الواقع الحالي.
اشتعلت الحربُ في اليمن منذ حوالي ثلاثة أعوام، وزاد هاجس الموت يزورنا، إضافة إلى اليأس والقنوط والملل من الحياة من قبل العديد من المواطنين التعساء جراء الواقع الحالي.
جوعٌ وعطشٌ وتعبٌ وموتٌ في نهاية المطاف.. عديد من اليمنيين اليوم يذهبون إلى القبور وبشكلٍ يومي ،دون تمييزٍ لصغير سنٍ أو كبير.
الأمر ليس عجيباً، وإنما العجب في هو بعض البناء والتشييد للمباني داخل المحافظات اليمنية.. هناك شيئ ملحوظ من البناء والتشيد في ظل هذه الحرب القاتلة وبشكلٍ غير معهودٍ من قبل، سواء في الريف أو في المدن.
فالناظر حينما يرى هذه الحارة يجد مبنىً جديداً بني بأيامٍ قلائل وعندما يذهب إلى تلك الحارة يجد مبنى قديماً يهدُ ويتم بناء ماهو أفضل منه وأجمل .
عجيبٌ أمرك أيها الوطن الحبيب، هذا يموت ويُحفرُ له قبرٌ، وذلك يتكئ ويُبنى له قصر!
يقول بعضُ القارئين لهذه الظاهرة المنتشرة : إن هذا حباً من الإنسان اليمني للحياة ونزوعا ًللخلود، فتشييد المباني عبارةٌ ودليل على أن الإنسان اليمني نزاعٌ للخلود وأنه يكره الموت ويتوق إلى البقاء، مهما كانت الظروف.
أنا أوافق هذا الرأي من هذه الناحية؛ لكن على اليمن واليمنيين هذا أمرٌ مغايرٌ تماماً، صحيح أن الإنسان اليمني يقوم بالبناء والتشييد لأنه يحب الحياة ؛ لكن ينبغي أن ننظر إلى أن هناك من مات وهو يعشق الحياة عشقاً كبيراً..هناك من مات بعد أن داسه إنسانٌ أقوى منه وصعد عن طريق جراحه إلى مايريد ..وثمة من يموتون لكي يبقى الأقوياء، فتحفر ُ قبورهم دون رضى من القبر ذاته أن يدفن فيه أبراياء كأولئك
حبُ الحياة ليس مقصوراً على الذين يقومون بالبناء والتشييد.
اليمنيون جميعهم يتوقون إلى الحياة ويحلمون أن يكون لهم بيوت يأوون إليها، والحقيقة أنهم وجدوا البيوت التي يأوون إليها ،وهي تلك القبور التي تفتح لهم أبوابها بكل حين.
تلك هي فلسفة الحياة لدينا معشر اليمنيين ، في أن نجد لنا سكناً ومأكل فهذا يكفي.
فترى اليمنيين منقسمين إلى فريقين لاثالث لهما فريقٌ يُبنى له سكنا ومأوى من ظهر الآخرين، وفريقٌ يُحفرُ له قبراً لأنه كان ضحية أولئك.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.