من مستعمرة متخلفة ونائية بلا مياه أو موارد طبيعية كافية، إلى دولة حديثة حققت أعلى مستويات المعيشية في العالم واذهلت بمعجزتها الجميع حيث صارت واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم.
من مستعمرة متخلفة ونائية بلا مياه أو موارد طبيعية كافية، إلى دولة حديثة حققت أعلى مستويات المعيشية في العالم واذهلت بمعجزتها الجميع حيث صارت واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم.
سنغافورة التي قاومت الإحباط واستطاعت أن تمتلك الثقة بذاتها على مدى ثلاثة عقود ونصف تحولت فيها تحولاً جذرياً.. سنغافورة التي عصابات مراكز القوى.. سنغافورة التي نجت ولا تتجاوز مساحتها 700 كلم مربع لكنها بمجتمع متعدد الأعراق، ودولة تساوي بين كل المواطنين وتعمل من أجل تطورهم وابداعهم ورفاهيتهم.
سنغافورة التي حين استقلت عن الاستعمار وانفصلت عن ماليزيا كانت بلا جيش، وعرضة للهجمات من الجيران الكبار، لأنها مجرد ميناء استراتيجي مهمل وبائس، بل وينقصه الكثير في حين أصبح الجيش السنغافوري الأكثر تقدما من الناحية التكنلوجية في شرق وجنوب آسيا.
وبما انها تصل الشرق بالغرب وتملك العزيمة، كان أن استطاعت الوقوف على قدميها في زمن قياسي مدهش خلال الفترة ما بين الستينيات والتسعينيات.. كانت سنغافورة غارقة بمشكلة البطالة والفقر وشحة الثروات، كما كان لزاماً عليها النجاة من فخ الصراعات العصبية وتوفير الإستقرار و فرص العمل بالاعتماد الممنهج على السياحة والتصنيع وجلب الشركات متعددة الجنسية من كافة ارجاء العالم ومنحها الثقة بأمان استثماراتها.
شيئا فشيئا نالت التقدير العالمي وحازت الثقة المطلوبة، ثم غامرت في استجلاب أكثر من صناعة من المعدات الكهربائية والإلكترونية والكيميائيات والملابس والنسيج والحديد والفولاذ والأدوات المنزلية، والأجهزة العلمية والبصرية ومنتجات المطاط والبلاستيك إلى بناء وإصلاح السفن.
كما أبدعت في الصناعة النفطية حتى أصبحت ثالث أكبر مركز تكرير للبترول في العالم.. كل ذلك من خلال تحويل الصراع السياسي والاجتماعي إلى صراع إنتاج وتحديث عبر دحر ثقافة ووعي سوء الإدارة والفساد و الكسل والعمل على كفاءة البنية التحتية ورقي مستوى العمال وتحسين قدراتهم المهارية من خلال مراكز متخصصة تقدم دورات مخططة جعلتهم يصلون لمعايير العمل المتبعة في الدول المتقدمة، فضلاً عن ترسيخ معايير العالم الأول في الأمن والصحة والتعليم والاتصالات والمواصلات والخدمات، وبالتالي تغيير عادات الشعب الفجة والبدائية ليكون شعبا منضبطا ومتحضرا وصاحب جدارة بالحياة.
ومع إزدهار المنطقة الحرة والعمليات المصرفية الكبرى وطلب بنوك عالمية مرموقة بممارسة الأعمال المالية في سنغافورة التي أطلقت سوق الدولار الاسيوي مبكراً، تطورت كمركز مالي مزدهر وتمكنت بورصتها من ترسيخ سمعتها حتى حق لها أن تنجو من الأزمة المالية التي عصفت بدول شرق آسيا نهاية التسعينيات وتصبح رابع مركز مالي في العالم.
على أن الضمان الاجتماعي الممول ذاتياً عبر مشروع تمليك المساكن من قبل الدولة للمواطنين العاملين عبر أقساط مريحة واقتطاع نسبة من رواتب كل شهر لتسديد فواتير العلاج في المشافي إضافة إلى بيع أسهم شركة الإتصالات للمواطنين بإعتبارها الشركة الأولى المحلية الانجح في البلد هو ما جعلهم يشعرون بحقهم في العدالة والشراكة واحساسهم بان مدخراتهم الإجبارية لا تتبخر .. لكنها سنغافورة الطامحة التي أخذت كل الأمور بعين الأعتبار من أجل مصلحتها إلى أن اصبح نصيب دخل الفرد فيها من أعلى المعدلات الدولية.. سنغافورة المصنفة ضمن أفضل عشر دول في الشأن القضائي وفرض القانون والنظام.. سنغافورة التي بلا ميليشيات وسادة ومشايخ!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.