صيادو اليمن بين شباك الموت والجوع
يقف الصياد اليمني وهيب محجوب (29 عاما) أمام مركبه الصغير على شاطئ خليج عدن عاجزا عن توفير لقمة العيش لأسرته، في ظل معاناة جديدة لا تقل عن معاناة القصف والاستهداف الذي حصد أرواح عشرات الضحايا من الصيادين وأجبرهم على النزوح بحثا عن مصدر رزق.
يمن مونيتور/ عدن/ الجزيرة نت:
يقف الصياد اليمني وهيب محجوب (29 عاما) أمام مركبه الصغير على شاطئ خليج عدن عاجزا عن توفير لقمة العيش لأسرته، في ظل معاناة جديدة لا تقل عن معاناة القصف والاستهداف الذي حصد أرواح عشرات الضحايا من الصيادين وأجبرهم على النزوح بحثا عن مصدر رزق.
وعلى مسافة غير بعيده من خليج صيرة -الذي يعد من أهم مراسي الاصطياد في مدينة عدن- يوجد عشرات الصيادين الذين نزحوا هربا من جحيم الحرب التي حولت مناطق واسعة من الشواطئ والسواحل اليمنية إلى مسرح عمليّات عسكرية بين الحوثيين وقوات التحالف.
ومحجوب، أحد سكان مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة الساحلية التي يسميها أهلها “عروس البحر الأحمر”، وقد مضى أكثر من شهر على وصولهم إلى مدينة عدن.
يقول محجوب “أنا مثقل بالديون، هذا اليوم الخامس وأنا لا أستطيع ركوب البحر بسبب أزمة المشتقّات النفطية”، ويضيف أن توالي عمليات الاستهداف دفع أكثر من 75% من الصيادين في محافظة الحديدة إلى عدم المخاطرة بحياتهم والتوقف بشكل كامل عن مزاولة نشاطهم، لكن تراكم الديون أجبره على النزوح إلى عدن مع عائلته المكونة من زوجته وخمسة أبناء.
وأضاف أن “تحديد مساحة قصيرة للاصطياد في ظل ارتفاع تكاليف الصيد وانعدام المشتقّات النفطية المشغّلة للقوارب وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، جعل الإنتاج ضئيلا جدا لا يكفي لتلبية الاحتياجات الضرورية لأسرتي، فضلا عن نفقات تكاليف إيجار السكن الباهظ الثمن في النزوح”.
معاناة
ويعد محجوب من أكثر من ثلاثين ألف صيّاد فقدوا مصادر دخلهم على طول الساحل الغربي نتيجة الحرب التي جعلتهم فريسة للبطالة والظروف المعيشية القاسية، وقد حصدت أرواح 133 صيادا ودمرت 204 قوارب للصيادين، بحسب تقرير حكومي للهيئة العامة للمصائد السمكية.
وألحقت الحرب خسائر كبيرة بقطاع الصيد البحري في اليمن بلغت أكثر من ثلاثة مليارات دولار، كما تسببت في أضرار مباشرة بمصادر العيش لأكثر من 2.5 مليون شخص، في حين بلغ عدد المنشآت المتوقفة أكثر من خمسين منشأة، وفق التقرير الحكومي الصادر في أبريل/نيسان الماضي.
مناطق محظورة
ويقول محجوب إن تقليص مساحة الاصطياد بسبب الحظر الذي يفرضه الانتشار الكثيف للبوارج الحربية في خليج عدن وباب المندب، أدى إلى تراجع الكميات المصطادة.
ويشكو أيضا مئات الصيادين في مدينة المخا المحررة من منع القوات الإماراتية لهم من النزول إلى البحر، وتحول ميناء الاصطياد السمكي لثكنة عسكرية، في حين أعلن الصيادون بمدينة الشحر في محافظة حضرموت عن إضرابهم عدة مرات منذ مطلع العام الجاري بسبب إجراءات القوات الموالية للإمارات ضدهم.
ويقول رئيس الاتحاد السمكي في اليمن علي أحمد بن شباء: “لا تزال تصلنا بين الحين والآخر كشوف بأسماء قتلى من الصيادين تعرضوا للقصف بالخطأ من قبل قوات التحالف، أو بألغام بحرية أو برية كثيفة زرعها الانقلابيون في طرق الصيادين على الشواطئ، فضلا عن نهب قواربهم من قبل الحوثيين واستخدامها لمهاجمة سفن التحالف”.
وهناك إشكالية في بعض المواقع التي تعد محظورة على الصيادين، “ونحن نأمل أن يكون هناك توسع لإفساح المجال للصيادين بشكل أكبر في مياه البحر”.
بدوره أكد وكيل وزارة الثروة السمكية حميد الكربي أن عملية الإنتاج السمكي في منطقة البحر الأحمر توقفت بشكل كامل، بسبب استخدام الحوثيين السواحل لتهريب السلاح واستهداف السفن.
وقال للجزيرة نت إن الوزارة تسعى حاليا لإعادة نشاط القطاع السمكي الذي يعمل فيه عشرات الآلاف من اليمنيين، خاصة بعد استرداد معظم الشريط الساحلي لليمن من المليشيات الانقلابية، وقد شرعت خلال الأسبوعين الماضيين باتخاذ عدد من الإجراءات في هذا الجانب.