في يوم الجمعة.. كانت امي تحرمنا من اللعب صباحا وتحرمنا من التصفير.. كانت تردد جملة هزلية على الدوام: كل هذه الأشياء تجلب الشياطين.
في يوم الجمعة.. كانت امي تحرمنا من اللعب صباحا وتحرمنا من التصفير.. كانت تردد جملة هزلية على الدوام: كل هذه الأشياء تجلب الشياطين.
كان يوم الجمعة اجازة من المدرسة، كنا نقضية بإنتظار الماء ليسخن على الحطب لنستحم، وكان المحظوظ فينا الذي يستحم أولنا ويخرج منطلقا فرحا إلى خارج البيت لللعب.
في يوم الجمعة كانت امي تتعب من غسيلنا وتنظيفنا وتلبسينا وتدهن شعرنا بالكريم الأبيض ماكسام، وتحذرنا من عدم الحفاظ على نظافة ملابسنا.
كنا نضطر يوم الجمعة البقاء في البيت بانتظار الحمام، ثم تجبرنا للذهاب للجامع بوقت مبكر لأجل قراءة سورة الكهف فكنت أنحرم من مشاهدة افلام كارتون (قراندايزر) عند جيراننا والذي كان يعرض قبيل الخطبة.
كان أبي يمنعنا من انتظار السيارات والتعلق بها كما يفعل ابناء القرية، وكانت جدتي تعطيني الشُقُر _مشاقر_ بعد ان تقطفه وترتبه لآخذه معي للجامع واقوم بتوزيعه على المصلين والذي كان اغلبهم كبار السن وكانوا يرددون غفر الله له ولوالديه.
من في الجامع كانوا يقرأون سورة الكهف، وانا كنت اقرأ سورة يوسف، ولطالما كانت تعجبني قصة يوسف وظلت عالقة بذهني خصوصا
“لقد شغفها حبا”
يقول صديقي محمود الحافظي: أشهر قصص الأنثى مرتبط بالشغف، “قد شغفها حبا”، وهذه القصة هي الأكثر إدهاشا وسحرا حتى اللحظة، ذلك أنها ترافقت بمجموعة مدهشة من مظاهر الحب الإنساني الفريد، الذي وصل حد قطع الأيدي، ولو استسلمنا لغواية الحكايات فمنذ تلك اللحظة تشكلت الخطوط التي في باطن الكف، حين تقبض وتبسط، وتصافح وتمسح، وتحيي وتتحدى، تذكر قصة كفك الأولى، الشغف.
لذلك بقيت احب يوم الجمعة، وكلما اتت الجمعة يتردد بذهني لقد شغفها حبا، واقول في نفسي يارب متى سأشغفها حبا بس بدون القى في بئر.
مرة واحد يخطب في صنعاء ويلقي قصة يوسف ويسردها إلى أن وصل قوله تعالى: “فقالت هيت لك”؛
واحد من الحاضرين تنهد وقال هنيت له!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.