كتابات خاصة

رسالة خاطئة

سلمان الحميدي

في الليل أذرع العالم، أشاغبه، أتلمس أخبار الجمهورية، وأدس لعنة صغيرة ضمن تعليقات على إعلان ممول، أعلق رأيي على الحائط، يكرهني أصدقاء وأجلب أصدقاء جدد.

في الليل أذرع العالم، أشاغبه، أتلمس أخبار الجمهورية، وأدس لعنة صغيرة ضمن تعليقات على إعلان ممول، أعلق رأيي على الحائط، يكرهني أصدقاء وأجلب أصدقاء جدد.

كل ذلك وأكثر، وأنا على رؤوس أصابعي فوق سقف المنزل أبحث عن الشبكة.
أخشي أن يسمع أحد خطواتي في الأسفل ولا أكترث لوميض الشاشة.
ثم أنزل وقد نسيت كل شيء، لا أحمل على أحد، أمشي وئيدًا إلى المطبخ لآكل قبل النوم، أريد للنوم أن يمتد ولا ينغصه خواء المعدة، أكره القطط في المطبخ، بمجرد أن أفتح زر الجلب يتقافزن من أرفف المواعين، تتساقط الصحون وأفتضح، يفز الراقدون فأكز على أسناني كي لا يأتي أحد.
في الظهيرة قال لي صديق يعمل في بيع القات:
لا تجلس في السقف ليلًا وهاتفك مضيء.
شعرت بالأهمية، وضح لي:
الأمر سهل للرماية نحوك لمن يريد أذيتك، شعرت بالخوف ورغبة في الضحك معًا،  لم يقل ذلك بالفصحى، لقد كتبتها منساقًا مع الإيقاع، ذلك أن المقوت يعرف كيف يتحدث على قدر من يقف أمامه، اعتبرت حديث الصديق ليس إلا خطرة خطرت على باله حينما وجدني آخذ القات من بائع آخر.
 
في الليل استندت على الجدار، ومرت أفعى من فوق كتفي. لم تؤذني الأفعى. فكرت بنا: رغم الموصول الذي وصلنا إليه، إلا أنه مازالت في قلوبنا سعة لتحمل البعض نحن الآدميين.
هرعت إلى المطبخ، لم يستيقظ أحد لأجلي، ولم تثر القطط أية ضجة، كن مشغولات بالتهام الوزف، وفي المطبخ أكلت فصًا من الثوم من باب الوقاية، لعل الجلد مخدرًا لم يحس بوخز اللدغة.
بدأت أحس بأن السم يسري في دمي، نظرت في المرآة للكتف، لا أثر حتى لوخزة بعوض، كان علي أن أنظر للعضلات مستشعرًا قول نيتشه:
«السم الذي لا يقتلك يزدك قوة».
في الصباح، رسالة على الهاتف:
«اعمل حل لطاقة المطبخ».
صاحب الرقم غير مدون في سجل الأسماء، بدأت بالتحليل المدموغ بالهواجس القلقة، إذن سيأتي الأذى من نافذة المطبخ، قد تكون الرسالة من فاعل خير سمعهم يأتمرون عليّ. فكرت بالرد بعزة نفس وتحد للمؤتمرين عن طريق صاحب الرسالة نفسه، وفجأة اتصل بي المرسل.
كانت لهجته صنعانية ويتحدث سريعًا، قال بأنه الشخص الذي جاء يستأجر مني شقة في شارع الزراعة وأن نافذة المطبخ لم تعجبه وقد تُسبب لها مشاكل في المستقبل.
وقت الغروب أخبرته بأنه أخطأ في الرقم.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
 
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى