كتابات خاصة

التوحش صفة بشرية

فكرية شحرة

نزعة الوحشية جزء خفي في الإنسان ترعرعت خفية منذ قتل هابيل قابيل لسبب تافه..

نزعة الوحشية جزء خفي في الإنسان ترعرعت خفية منذ قتل هابيل قابيل لسبب تافه..
خفية لكنها موجودة تقريبا عند الجميع بنسب متفاوتة؛ تطفو للسطح تحت مبررات مختلفة قد تكون أحيانا دواعي إنسانية كالدفاع عن النفس أو حتى إحقاق حق..
لكنها تثبت أن بين الإنسان والحيوان وجوه تشابه أقوى من كوننا أكلة لحوم أو أعشاب..
أحيانا تضطرنا الصدف لمشاهدة فلم أو مقطع فيديو يتم تداوله في مواقع التواصل أو الإعلام يوضح وحشية الإنسان ضد الإنسان؛ وحشية تجعلك تفغر فاهك رعباً وصدمة من كمية القسوة التي يمكن أن يصدرها المرء في حال اندماجه مع وضع وحالة معينة..
أذكر أني شاهدت فلماً على صفحة في الفيس لقتل ثلاثة من السود على أيدي أناس من بني جلدتهم؛ يومها شعرت بوجع حقيقي في صدري لوحشية الطريقة التي قتل بها أولئك الثلاثة..
ولا يعني هذا أني لن أكون متوحشة كنمرة لو اضطررت لذلك..
لم أعرف لماذا قتلوا بهذه الطريقة لكنني فكرت لو أنهم ارتكبوا أقبح الجرائم المخالفة فلا يجوز قتلهم بتلك الطريقة.
في حين أننا يمكن أن نقتل قناص الأطفال في تعز بكل رحابة صدر وبأبشع الطرق وهذا حق مشروع لكل أم ترى رأس طفلها يتطاير شظايا أمامها.
ربما ونحن نناقش مسألة التوحش هذه ونحن هادئين لا يمكننا أن نفهمها أبداً..
لكنها موجودة؛ الفرق أن هناك من يطلقها ظلما وتعدياً وهناك من يطلقها حقاً مشروعا حين لا يجد وقتا للتفكير بطرق أنبل للقصاص.
إبادات الحروب والتصفيات البشرية بالقتل كثيرة وهناك مجازر مروعة خلدها التاريخ تؤكد أن التوحش صفة بشرية وليست حيوانية..
لكن الحوادث الفردية تكون صادمة بوضوح أكبر بعيدا عن زحام الموت بوحشية وتعْلق في الذهن بقوة كمشاهد إعدامات الأبرياء من العمال التي تقوم بها داعش.
أذكر وأنا طالبة في الصف السادس حين كانت الأستاذة “سوزان الدغيدي” حفظها الله تشرح لنا حديث الغامدية المعروف..
حاولت أن تصرف أذهاننا عن تخيل مشهد الإعدام إلى حقيقة رحمة النبي عليه الصلاة والسلام في مراعاته تلك المرأة؛ وإلى عظمة الاسلام  كدين يحافظ على العفة والأخلاق..
لكن كل ما علق في ذهني هي تلك الصورة الوحشية لرجم امرأة مدفونة حتى نصف جسدها في حفرة والكل يتقرب إلى الله بتطهيرها من جرم الزنا؛ الذي ذكر القرآن أن عقوبته الجلد.
هذا قبل أن أكبر وأقرأ الكثير من الأدلة التي تثبت أن القصة مختلقة على النبي صلوات الله وسلامه عليه؛ كالمئات من القصص التي دست في تاريخنا الأسلامي والحديث النبوي.
هناك من يظن أن أبشع طرق العقاب هي التي تردع الإنسان عن جرم محرم لذا ربما اخترعت قصة كهذه تنافي رحمة النبي عليه الصلاة والسلام وتنافي القرآن.
لكنني أظن أن التوحش يقود إلى توحش أقوى وأكبر فيكفي أن تعتاد عيوننا وحواسنا مظاهر الوحشية فيأتي يوم لا نستنكرها فالسكوت عن مشاهد التوحش هي وحشية من نوع ما.
إن التوحش كفكرة موجود في دواخل الكثير؛ لكن لم يحدث ما يفجره ربما أو أن نسب وجوده تكاد تضمحل عند الأكثرية.
فلا تيقظوا شيطان التوحش في مجتمعات تعاني من تصرفات وحشية من قبل جماعات تظهر هنا وهناك.
أن هذه المشاهد والسكوت عنها أجراس إنذار تقول لنا أننا نتحول إلى غابة لا يحكمها قانون الرحمة.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى