غير مصنفمجتمع

“وايتات” تنقذ اليمنيين من العطش

منذ ما قبل الحرب الأخيرة، لم تزر مياه الحكومة منزل السعدي، فباتت عملية توفير المياه شغله الشاغل، كما أّن شراء المياه شهرياً يشكّل عبئاً يثقل كاهله. يقول: “تتكون أسرتي من 16 فرداً هم أبنائي وأحفادي، ولهذا تنفد مياه الوايتات (صهاريج المياه المتنقلة) التي نشتريها أسبوعياً خلال فترة قصيرة جداً”. يشير إلى أنّ بعض الأيام لا يتمكن فيها من شراء المياه بسبب أزمة الرواتب.

يمن موينتور/العربي الجديد 

يبذل الحاج حسن السعدي جهداً مضنياً في توفير المياه الصالحة للشرب والاستخدام المنزلي لأسرته التي تسكن في حي السنينة في العاصمة اليمنية صنعاء. الحي الذي يعاني من شح مياه منظومة الإمداد الحكومي كغيره من أحياء العاصمة.
منذ ما قبل الحرب الأخيرة، لم تزر مياه الحكومة منزل السعدي، فباتت عملية توفير المياه شغله الشاغل، كما أّن شراء المياه شهرياً يشكّل عبئاً يثقل كاهله. يقول: “تتكون أسرتي من 16 فرداً هم أبنائي وأحفادي، ولهذا تنفد مياه الوايتات (صهاريج المياه المتنقلة) التي نشتريها أسبوعياً خلال فترة قصيرة جداً”. يشير إلى أنّ بعض الأيام لا يتمكن فيها من شراء المياه بسبب أزمة الرواتب.
يضيف: “لجأنا في السابق إلى تعبئة المياه في أوان وقوارير من خزان مياه في الحي تبرع به فاعلو خير، لكنّها عملية شاقة جداً، ناهيك عن احتمال تلوث المياه بالكوليرا”. وهو ما اضطره إلى شراء مياه الوايتات باستمرار بدلاً من جلبها من الخزان.
إلى ذلك، اضطر حميد البرعي إلى شراء براميل حديدية لتخزين المياه بالاضافة إلى الخزانين الصغير والرئيسي على سطح منزله الكائن في شارع مأرب بصنعاء. انقطعت المياه تماماً منذ بداية الحرب وهذا الأمر جعلهم يعتمدون على توفير المياه بواسطة الصهاريج المتنقلة. يقول البرعي لـ”العربي الجديد”: “كان لا بد من توفير خزانات لتخزين ما نشتريه”. وعلى الرغم من تحذير البعض له من أنّ تخزين المياه في هذه الخزانات الحديدية يؤدي إلى صدأ وتآكل الحديد، إلاّ أنّه لا يجد خياراً أمامه، بسبب رخص هذا النوع من الخزانات مقارنة بالبراميل البلاستيكية: “تكلفة خزان البلاستيك سعة 200 لتر تعادل تكلفة أربعه براميل حديدية قوية تدوم طويلاً وبسعة تخزين ثلاثة أضعاف خزان البلاستيك”. يشير إلى أنّ محاولاته لتخزين كمية مياه كافية، دائماً ما تبوء بالفشل، فيضطر إلى شراء “وايت مياه” مرة تلو أخرى لقضاء حاجات منزله. يواصل: “يمكن أن نتحمل انقطاع الكهرباء أو الصبر على عدم توفر أي احتياجات أخرى، إلا البقاء من دون مياه”.
في هذا الإطار، ازداد عدد زبائن صاحب أحد الوايتات منصور الحاشدي، في حي سعوان، بسبب الطلب الكبير على المياه منذ انقطاعها عن سكان صنعاء. وكان هؤلاء يعتمدون على مياه الوايتات كبديل في حالة عدم توفر المياه عبر المؤسسات المحلية للمياه والصرف الصحي، لكنّ الطلب بات يومياً في الوقت الراهن إذ تنقطع المياه تماماً عن الاحياء بحسب الحاشدي. يقول: “مياه الوايتات صالحة للشرب، ولهذا فإنّ الطلب عليها كبير وأسعارها مرتفعة”. يشير إلى أنّ ارتفاع سعر المياه نتيجة طبيعية لارتفاع أسعار المشتقات النفطية أو زيادة الطلب على الوايتات خلال أيام الأعياد أو الازدحام أمام مضخات رفع المياه من الآبار.
يباع الوايت سعة (6 آلاف لتر) بثلاثة آلاف ريال يمني (12 دولاراً أميركياً) في ظل ثبات سعر مادة الديزل بعدما كان في السابق بـ 1500 ريال. وقد يرتفع أو ينقص بحسب زيادة أو نقصان سعر المحروقات وكذلك الطلب. يواصل: “نحن لا نستغل حاجة الناس الماسة للمياه، لكن إذا ارتفعت أسعار المشتقات النفطية فسترتفع الأسعار لدينا، لا سيما أنّ أصحاب الآبار يرفعون سعر المياه المعبأة من آبارهم”.
من جهته، يؤكد حاتم الحبابي وهو مالك مستودع لمواد البناء، أنّ انقطاع المياه الدائم دفع بالمواطنين إلى شراء خزانات المياه البلاستيكية الثابتة بكثرة، ولهذا يحرصون كتجار على إبقاء مستودعاتهم مليئة بكميات وفيرة لتلبية الطلب عليها. يقول الحبابي لـ”العربي الجديد” إنّ المواطنين يشترون المياه من أصحاب الوايتات، ولهذا يحرصون على أن يكون لديهم صهاريج ثابتة كبيرة وصحيّة للاحتفاظ بالمياه: “لذلك فإنّ الخيار الأفضل أمامهم هو شراء الخزانات البلاستيكية عوضاً عن شراء الخزانات الحديدية التي تتآكل بسبب الصدأ”.
يعاني نحو ثلاثة ملايين نسمة في صنعاء من عدم قدرتهم على توفير المياه من إمدادات الشبكة الحكومية. ويعزو علي الحسني، الموظف في أمانة العاصمة، ذلك إلى انقطاع الكهرباء وعدم توفر المحروقات التي تشغل مضخات التوزيع الخاصة بالآبار.
يضيف الحسني لـ”العربي الجديد” أنّ عدم تسديد المواطنين فواتير المياه أفضى إلى تخفيض الإيرادات وعجز في موازنة المؤسسة المحليه للمياه والصرف الصحي في صنعاء. يتابع: “أكثر من ثلثي المستفيدين لا يسددون ما عليهم من مستحقات في الوقت الحالي بالرغم من خصم 30 في المائة من إجمالي مبلغ الاستهلاك كخطوة تشجيعية من أجل التسديد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى