اخترنا لكمتراجم وتحليلاتتقاريرغير مصنف

(انفراد) “صفقة دولية كبرى” كارثة حقيقية: اتفاق خاطئ يعني حرب لا نهاية لها في اليمن

ينشر يمن مونيتور ترجمة كاملة تفاصيل الصفقة وسُبل ردعها، لتقرير منتدى (Just Security) المختص بالتحليل الدقيق لقوانين وسياسات الأمن القومي الأمريكي، الصادم حول مفاوضات خلف الأبواب المغلقة في السعودية والإمارات لإعادة نظام علي عبدالله صالح إلى السلطة مجدداً وتسليم نجله أحمد علي منصب وزير الدفاع، لتأجيل الحرب مجدداً في البلاد، إلى ما لانهاية.

يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
نشر منتدى (Just Security) المختص بالتحليل الدقيق لقوانين وسياسات الأمن القومي الأمريكي، تحليلاً صادماً حول مفاوضات خلف الأبواب المغلقة في السعودية لإعادة نظام علي عبدالله صالح إلى السلطة مجدداً وتسليم نجله أحمد علي منصب وزير الدفاع، لتأجيل الحرب مجدداً في البلاد، إلى ما لانهاية.
وأشار المنتدى الأمريكي التابع لجامعة نيويورك، إلى أن الحل الأسلم والأشمل لليمن يكمن في العودة لتنفيذ مطالب ثورة 2011م، التي تم تجاهلها من قبل النخبة اليمنية ومجلس التعاون الخليجي خلال المبادرة الخليجية.
وكتب التحليل الذي ترجمه “يمن مونيتور” إلى العربية: “ويل بيكارد وهو المؤسس والمدير التنفيذي لمشروع السلام اليمني، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لدعم اليمنيين العاملين على إحداث تغيير إيجابي؛ والنهوض بسياسات أمريكية سلمية وبناءة تجاه اليمن”.
 
تهميش الأمم المتحدة
أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي بيانا رئاسيا يدعو جميع الأطراف في الحرب الأهلية (الدَّوْلِيَّة) في اليمن إلى “الانخراط في محادثات سلام بطريقة مرنة وبناءة دون شروط مسبقة وبحسن نية”. لكن الأطراف المتحاربة في اليمن لا يبدو أنها تستمع.
فبينما يسحبون موقفهم من مفاوضات وقف إطلاق النار، فإن مبادرة جديدة، تتشكل خلف أبواب مغلقة، تقودها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يطلق عليها بعض المراقبين “صفقة كبرى”، تهدد بتهميش عملية السلام التابعة للامم المتحدة.
وقال بيكارد إن مثل هذه الصفقة ستكون كارثية، وستكرر الأخطاء التي ارتكبت في أعقاب ثورة 2011 في اليمن من أجل إنهاء الانتفاضة الشعبية وتجنب نشوب حرب بين النخب المتنافسة، دفعت دول الخليج – بدعم من المجتمع الدولي الأوسع – الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح لتسليم السلطة لنائبه في نوفمبر / تشرين الثاني 2011 بعيداً عن مطالب  الشباب الثوري اليمني سمح ل”صالح” بالبقاء في اليمن مع حصانة من الملاحقة القضائية ومع استمرار تأثيره بشكل كبير على الجيش اليمني، وترك بقية نظامه الفاسد. بعد ثلاث سنوات من توقيع الاتفاق، تعلم العالم ما يعرفه اليمنيون بالفعل: لم يتم تجنب الحرب، بل تأخرت فقط.
وتابع بيكارد في التحليل الذي ترجمه “يمن مونيتور”، ولإنهاء العنف في اليمن، يجب على المجتمع الدولي أن يعمل بدلا من ذلك على وضع إطار سلام يفي بمطالب الثورة بإنهاء الفساد والاستبداد، والسماح بإقامة حكومة بناءً على إرادة الشعب.
منذ أن قامت الحركة الحوثية بانقلاب في اليمن في عام 2014، حاول المبعوث الخاص للأمم المتحدة التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتسوية سياسية. ولكن بعد ما يقرب من ثلاث سنوات، لا يزال اليمن منقسماً بين الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحكومة الرئيس عبده ربو منصور هادي المعترف بها دوليا ورواد دول الخليج وأصحاب المصلحة المحليين، بما في ذلك الميليشيات القبلية والقاعدة في شبه الجزيرة العربية. وقد اتفق المجتمع الدولى رسميا على ان اتفاقية السلام التى تتوسط فيها الامم المتحدة هى السبيل الوحيد للمضي قدما ولكن القوى الاجنبية حتى الان لم تدعم هذا الخطاب المؤيد للسلام مع الدعم الحاسم للعملية التى تقودها الامم المتحدة. وبغض النظر عن اللامبالاة الواضحة للعالم الأوسع، هاجم الحوثيون وحكومة هادي مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وكل منهما اتهمه بالتحيز لصالح الآخر.
 
الصفقة الكبرى
وفي الوقت نفسه، “صفقة كبيرة” تتطور سرا. وقد اجتمع مؤخرا مسؤولين إماراتيين وسعوديين، مع ممثلي كل من الجناحين المؤيدين لهادي والمؤيدين لصالح في مؤتمر الشعبي العام، الحزب الحاكم في اليمن الذي طال أمده. ووفقا لتقارير غير مؤكدة ولكنها موثوقة، فإن الاتفاق سيخلق تحالفا حكوميا مجددا بين المؤتمر الشعبي العام والإصلاح، وهو حزب يضم الفرع اليمني من جماعة الإخوان المسلمين، مع وضع رئيس الوزراء السابق في حكومة هادي، خالد بحاح، رئيسا، وابن الرئيس السابق ( أحمد علي صالح)، وزيرا للدفاع. في الأساس، سيكون هذا تكملة لمبادرة مجلس التعاون الخليجي التي أنهت رئاسة علي عبد الله صالح بعد الثورة السلمية المطولة عام 2011، لكنها بشروط أفضل للدكتاتور المخلوع. وبدلاً من الاضطرار إلى إدارة السلطة من وراء الكواليس فقط، فإن هذه الصفقة تضع ابنه ليصبح حاكم الأمر الواقع في اليمن، تماما كما يريد صالح دائما.
هناك فرصة حقيقية بأن المجتمع الدولي، على الرغم من الضريبة الكلامية التي يدفعها بأهمية قيادة الأمم المتحدة للمفاوضات، سيؤيد هذه الصفقة الكبرى النفعية. وهذا هو بالضبط ما حدث في عام 2011: وقعت الأحزاب اليمنية الحاكمة على اتفاق برعاية مجلس التعاون الخليجي متجاهلين الشباب الثوري وحركة استقلال الجنوب والحوثيين والمجتمع المدني. وقع العالم على قائمة من الإصلاحات السطحية لأنه كان من الأسهل السماح لدول مجلس التعاون الخليجي بالاتفاق مع اليمن من بذل الجهود لمساعدة الشعب اليمني على تحقيق تغيير ذي مغزى. وقد أدار العالم ظهرة لليمن في عام 2011، ومن المحتمل جدا أن يفعل ذلك مرة أخرى.
وهذه الصفقة التى يتم التفاوض عليها بدون مشاركة مبعوث الامم المتحدة ستكون كارثية لليمن. ففي جوهرها مجرد تعديل من نفس النخب الفاسدة والجنائية القديمة التي كانت تدير اليمن في الأرض على مدى السنوات ال 40 الماضية حيث قضى صالح ومن يحتضنهم وقتهم في تفكيك السلطة وإفلاس مؤسسات الدولة، وتعزيز القوة الشخصية والثروة، وإثارة الصراع الداخلي، وتجاهل الأزمات الاقتصادية والهيكلية المتعددة التي سهلت لتصبح اليمن أسوأ حالة إنسانية في العالم اليوم.
الصفقة هي أيضا وصفة لإستمرار العنف، لأنها تُفشل معالجة المظالم المحلية التي تسببت في الحرب الأهلية الحالية، والأخرى الجديدة التي انبثقت عنها. فحتى لو تخلى صالح عن الحوثيين في السعي للحصول على موافقة السعودية، فإن الحوثيين، وهم الآن أقوى حركة مسلحة في اليمن، لن يتخلوا عن رأس المال وغنائمهم الأخرى دون قتال آخر. إن الانفصاليين الجنوبيين، الذين يسيطرون حاليا على محافظات ومدن عديدة ويملكون ميليشيات قوية -مسلحة ومدربة- لن تخفف الوعود الغامضة بالحكم الذاتي في الصفقة الجديدة من سعيهم للحصول على الانفصال بالقوة. ولذلك فإن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والفرع المحلي للدولة الإسلامية، وكلاهما حقق مكاسب إقليمية ومادية كبيرة منذ بدء الحرب، سيستمران في الازدهار طالما ظل اليمن غير مستقر. وسيظل الملايين من اليمنيين الأبرياء المحاصرين بين الجماعات المسلحة والسياسيين الضالعين في المجازفة يعانون من الجوع والمعاناة، في حين يتحول اهتمام العالم المتقلب إلى حرب جديدة.
كان الشعب اليمني واضحاً تماما خلال الانتفاضة الشعبية في عام 2011: النخب التي استهدفت اليمن يجب أن تذهب، وتفسح المجال لجيل جديد من القادة للخدمة المدنية، التي تم تكبيلها لفترة طويلة جدا من قِبل “الفساد السياسي المستفحل” وغير لائق، ومجتمع مدني نابض بالحياة حريص على العمل من أجل التغيير الاجتماعي والسياسي الدائم والإيجابي.
كما أن التوصل إلى اتفاق سلام موثوق به وشامل هو أمر حاسم أيضا لضمان المصالح الأمنية الإقليمية والعالمية. لدى صناع السياسات في الولايات المتحدة هدفين رئيسيين في اليمن اليوم: ضمان أن الجماعات الإرهابية لا تشكل خطرا على أمريكا أو حلفائها المحليين، ومنع توسع النفوذ الإيراني. ويستفيد القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة بشكل مباشر من عدم الإستقرار، ومن المساعدات العسكرية والمالية من التحالف إلى الميليشيات المناهضة للحوثيين. إن تأثير إيران على فصيل الحوثي/ صالح أصبح أقوى كلما طال أمد هذه الحرب. وسيساعد اتفاق السلام الصحيح للانتهاء من كل الجبهات.
ويمكن للمجتمع الدولي إما أن يقوم بالعمل الشاق المطلوب للتوصل إلى حل سياسي شامل للحرب وخطة عادلة لإعادة الإعمار بعد الحرب، أو يمكنه أن يلقي أيديه ويسمح للأطراف المتحاربة بنقل البلد مرة أخرى لمشاهدة اليمن ينحدر إلى صراع آخر في غضون سنوات قليلة.
وعملية السلام التى تقودها الامم المتحدة معيبة للغاية. وهي ليست شاملة أو طموحة بما يكفي لتحقيق سلام دائم في اليمن. ولكن يمكن تحسينها وتنفيذها بنجاح إذا كان المجتمع الدولي على استعداد لدعمها. إن الصفقة الكبرى بين المملكة العربية السعودية والمؤتمر الشعبي العام سيئة بالنسبة لليمن. يمكن للعالم إما قبولها على أساس أن شيئا ما أفضل من لا شيء، أو أنه يمكن أن يقدم بديلا موثوقا يقدم أملا حقيقيا لليمن وتحقيقا لهذه الغاية، يتعين على المجتمع الدولى ان يشرع فى تدخل دبلوماسى لتنشيط عملية السلام بقيادة الامم المتحدة. ويجب أن تقودها الولايات المتحدة.
 
بديل الصفقة الكبرى
من أجل تهميش الصفقة الكبرى بشكل فعال، يجب على الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبقية المجتمع الدولي أن يقدم إطارا يلبي مطالب ثورة 2011 التي دعت إلى وضع حد للحكم الفاسد والحكم الاستبدادي، وتسمح لحكومة تقوم على الجدارة والإرادة للشعب أن تأخذ دورها.
أولا، يجب على جميع أطراف النزاع أن تتفق على أنه لن يسمح لأي فرد كان قد شغل منصب رئيس الدولة أو عمل في مناصب رئيسية في ظل الرئيس صالح أو إدارة الحوثيين – المؤتمر الشعبي العام بتولي المناصب العامة بعد كانون الأول / ديسمبر 2018. وستستبعد هذه القاعدة عدد صغيرا من الموظفين الحكوميين الانتهازيين، ولكن من الضروري إزالة الحوافز التي دفعت جميع الأطراف إلى إفساد عملية السلام حتى الآن. اليمن لديها أكثر مما يكفي من البيروقراطيين وقادة المجتمع المدني لإدارة الدولة دون مساعدة (أو عرقلة) من كبار السياسيين.
ثانيا، يجب أن تتضمن خطة السلام جدولا زمنيا صارما يحوي سلسلة من الاستفتاءات حول تقرير المصير للمحافظات الجنوبية. وطالب الجنوبيون باستمرار بالحكم الذاتي وتم تجاهلهم باستمرار. ولمنع انفصال الجنوب في فترة ما بعد الحرب مباشرة، يجب أن يكون هناك طريق واضح وديمقراطي نحو الاستقلال أو إعادة الاندماج من شأنه أن يجعل الجنوبيين أكثر استعدادا وقدرة على المشاركة في إعادة إعمار اليمن.
ثالثا، يجب أن تشمل التسوية السلمية المساءلة عن الانتهاكات التي ترتكبها جميع أطراف النزاع. قد يبدو اتفاقا لتدوين طلب من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان منذ عام 2011 غير قابل للتحقيق، ولكن من دون المساءلة، سيعود المفسدين القديمين لتدمير سلام اليمن. إذا رفضت الأطراف المتحاربة القيام بذلك كجزء من اتفاق سلام، يجب على مجلس الأمن الدولي إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية. ستضل القضايا سنوات – إن لم يكن عقود – قبل أن يتمكن القضاء اليمني من التعامل مع قضايا ضد شخصيات قوية، في وقت أن تقديم المخالفين من جميع الأطراف إلى العدالة لا يمكن أن ينتظر.
رابعا، ربما الأكثر إثارة للجدل، يجب ألا يتضمن اتفاق السلام أي وعود بالحصانة من الملاحقة القضائية، وينبغي أن تلغي اتفاقات الحصانة المدرجة في مبادرة مجلس التعاون الخليجي لعام 2011. وقد أتاحت الحصانة المقدمة للرئيس السابق صالح في عام 2011 إلى إعادة الظهور في عام 2014 لإفساد التحول الديمقراطي في اليمن وإطلاق الانقلاب الذي أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية الحالية. وبدون المساءلة عن الفاعلین مثل صالح، وغیرھم ممن یستمرون في الربح من حرب الیمن والفساد، سیستمر المخربون في العمل من جانبھم لتقویض الحکومة الانتقالیة المقبلة.
وأخيرا، ينبغي أن يوافق الطرفان على إنشاء فريق وطني للتأهيل وإعادة الإعمار، وأن يقدم المقاتلون الذين يوافقون على تسليم أسلحتهم وظائف داخل السلك. ليس لدى اليمن حاجة إلى جيش قوي للدفاع ضد التهديدات الخارجية. غير أن انتشار العنف وانعدام الأمن في جميع أنحاء البلاد منذ عام 2011 يجعل من غير المعقول أن يعمد اليمنيين الذين يحاربون أن تخلوا عن دخلهم الوحيد بإلقاء أسلحتهم دون أي بدائل اقتصادية أخرى للحفاظ على سبل عيشهم. ولا يمكن لعملية السلام أن تمنع عودة نشوب الصراعات الأهلية إلا من خلال إطلاق إصلاحات هامة في قطاع الأمن، وإخراج الجنود من ساحة المعركة، ووضعهم في العمل من أجل إعادة بناء البلد.
وليس اليمن غير قابل للإنقاذ حتى الآن، ولكن من أجل التعافي من هذه الحرب المدمرة، فإنه يحتاج إلى سلام شامل، وحكم كفؤ، ومساعدة كبيرة من المجتمع الدولي. ولا يمكن أن يتحقق السلام الدائم إلا من خلال إشراك اليمنيين الذين لديهم مصلحة طويلة الأجل في بقاء اليمن المتكامل، وليس فقط أولئك الذين يسعون للاستفادة من غنائم الحرب واستخدام الموت والدمار والفساد لتأمين القوة الشخصية والتأثير. ويجب على الدول الأعضاء في مجلس الأمن والقوى الأجنبية الأخرى أن تلتزم اليوم بدعم عملية سلام ذات مصداقية بقيادة الأمم المتحدة، أو أن تخاطر بعدم اتخاذ إجراء يدين اليمن بحرب لا نهاية لها.
 
المصدر الرئيس
The Danger of a Grand Bargain: The Wrong Peace Deal Could Mean Endless War in Yemen
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى