كان مطرقاً رأسَه في إحدى زوايا المكان، بكل انسجامٍ يلعب الألعاب الإلكترونية، بهدوء قاتل، وكأن الأمر لا يعنيه ولا يهمه! كان مطرقاً رأسَه في إحدى زوايا المكان، بكل انسجامٍ يلعب الألعاب الإلكترونية، بهدوء قاتل، وكأن الأمر لا يعنيه ولا يهمه!
“محمدٌ” طالبٌ في الثانوية العامة، وفي هذه المرحلة- الامتحانات النهائية – التي يعاني منها كل الطلبة ، فبعضهم يصاب بالشحو، والبعض الآخر يتعرض لاضطراباتٍ نفسية عنيفة.. في هذه المرحلة تجد الطلاب منهم من يغلق على نفسه الباب، وينكب على الكتب والأوراق، هاجراً الأكل والشرب والمرح إلاّ من الشيء القليل.
وهذا مادفعني لتقديم الأسئلة لمحمد الذي وجدته يعيش لحظة متعة وترفيه.
أنزلتُ عليه الأسئلة بكل عجب، محمد لماذا لاتذاكر ؟ أولستَ من ضمن الطلاب الذين سيخوضون معركة الاختبار؟
قال: بلى ولكن لايهمني في الحقيقة.
ياإلهي !! ولمَ ؟ جميع الطلاب بهذه المرحلة ينكبون على كتبهم ولايخرجون من بيوتهم !
أجابني بابتسامةٍ ساخرة لقد أعددتُ العدة للاختبار؛ لذا لا قلق!
أتدرون مالتجهيزات التي أعدها محمد مستقبلاً ا ختبار الثانوية العامة، والتي يحقق بها مصيره العلمي ومصير كل الطلاب ويظهر من خلاله جهد ال12 عاما؟
يقول محمد لقد أعددتُ مبلغاً من المال للمراقب، وآخر لرئيس اللجنة، ومبلغاً لمن سيقوم بالإجابة، وأما الذي سيقوم بتوصيل الإجابات لي إلى داخل القاعة فهو صديقٌ لي ولن يأخذ مني شيئاً، وحتى بعض الأساتذة من سمح لنا بأخذ رقمه للتواصل به عند اختبار مادته، لذا لاداعي للقلق .
عجباً لأمرنا.. لقد تدهور كلُ شيء
حتى التعليم أصبح مهملاً به إلى هذه الدرجة ومستهزءاً به كثيراً.
الطلاب يشكون كثيراً من عدم تناول المواد الدراسية بالشكل المطلوب، والمعلمون يتملصون من المدارس بحثاً عن أعمال أخرى يجدون من خلالها مدخلاً للعيش الكريم، والطلاب هم الضحية .
ليس العجب هنا، وإنما العجبُ في أن لجان الاختبارات تقول:ُ إنها تتعاون مع الطلاب مراعاةً لوضعهم في ظل الحرب ؛ ولهذا تسمح بدخول الغش بهذا الشكل المغيض.
إذا كنتم يا أعزاءنا ممن يراعي أوضاع الطلاب فإلى أين تذهبون بهذه المبالغ التي تؤخذُ منهم ؟ أتتصدقون بها؟ ولمَ كل هذه الهمجية في قاعات الإختبار؟
لم نعد نعرف الذكي من الغبي وولا المجتهد من المهمل !
إحدى الطالبات في الصف التاسع تخبرني بكل أسف أنها لم تلقَ من يكتب لها الاختبار كغيرها من الزميلات اللائي حولها ، وتقول: اكتفيتُ بتفتيش الكتاب والنقل المباشر.
هذه حقيقة أنقلها من إحدى المدارس ليس فيها أي نوعٍ من المبالغة
ألهذه الدرجة وصلنا؟ ومالذنب الذي ارتكبناه حتى نعاقبَ بمثل هذا، ترى طلاب اليوم ماذا سيصبحون غداً؟
وأساتذة اليوم مالذي سيخترعونه يوم غد
نسأل الله العافية.