ماذا لو قبلّت السعودية إعادة “صالح” وعائلته إلى السلطة في اليمن؟!
عندما بدأت العمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن لمواجهة المسلحين الحوثيين في مارس/أذار 2015م، كان المبرر الوحيد أن التدخل جاء بناءً على طلبٍ من الحكومة الشرعية ممثله برئيسها عبدربه منصور هادي، وأن العملية العسكرية جاءت وفق هدف استعادة الشرعية من الحوثيين الذي اجتاحوا العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول2014م.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
عندما بدأت العمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن لمواجهة المسلحين الحوثيين في مارس/أذار 2015م، كان المبرر الوحيد أن التدخل جاء بناءً على طلبٍ من الحكومة الشرعية ممثله برئيسها عبدربه منصور هادي، وأن العملية العسكرية جاءت وفق هدف استعادة الشرعية من الحوثيين الذي اجتاحوا العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول2014م.
عند بدء العمليات العسكرية لم تكن المخيلة الشعبية تعمل بإمكانية عودة علي عبدالله صالح الرئيس السابق الذي انتهى بفعل ثورة شعبية بعد 33 عاماً في السلطة، بمبادرة خليجية سلمت السلطة لنائبه نهاية عام 2011م ليتم انتخاب هادي رئيساً في فبراير/شباط من العام التالي رئيساً شرعياً للبلاد. ولكن يبدو أن ما ليس متوقعاً بدأ يثير جدلاً واسعاً في اليمن منذ أن كشفت انتلجنس أونلاين (النشرة المخابراتية الفرنسية) في عددها الشهر الجاري (يوليو/تموز)، مع أن الآمال حول هذا الأمر ضعيفة.
تشير الدورية إلى أن أبوظبي ما تزال تحاول إقناع ولي العهد السعودي بالخطة، الذي -حسب الدورية- بدأت تستهويه هذه الرؤية لإغلاق ملف اليمن.
لكن ماذا لو رأت الرياض ما تراه أبوظبي بضرورة عودة الرئيس اليمني السابق أو أحد أفراد عائلته أو أحد أركان نظامه إلى السلطة في مرحلة انتقالية؟!
تأجيج المظالم التي أدت إلى الحرب
من زاوية مصلحة سعودية لا يمكن أن تراود المملكة نفسها بأفكار كعودة الرئيس اليمني السابق، وإن حدث ذلك بالفعل فهي تعني أن الرياض تفتقر إلى إمكانيات التفكير الاستراتيجي فيما يتعلق باليمن وأن قرار الحرب ضد الحوثيين كان مشوشاً وبقية ملفاتها في المنطقة ستتساقط اتباعاً، وفق تشويش متلاحق يلازم خلية التفكير في القرار السعودي، وإن كان صحيحاً أن الرياض تستعد لإعادة عائلة صالح إلى السلطة فإن الآثار ستكون كبيرة ليس فقط على مستقبل اليمن (أفقر دولة في الوطن العربي والمصنفة بدولة فاشلة وأسفل القوائم الدَّوْلِيَّة) بل أيضاً لتلك الدول والجهات التي تحاول توجيه مسارها وضمها إلى الحاضنة العربية بدلاً من التمدد الإيراني.
وقالت ندى الدوسري، الخبيرة في الشؤون اليمنية وزميلة كبيرة غير مقيمة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط: “إذا كانت هذه التقارير صحيحة، فإنّ مثل هذه التسوية لن تحل مشاكل اليمن ولن تعالج الأسباب الرئيسية وراء الحرب، والتي تكمن في حقيقة أنّ السلطة تتركز في يد النخبة الشمالية التي يمثلها صالح وعائلته وشبكات المحسوبية”.
وأشارت في تصريح لصحيفة ميدل ايست آي البريطانية، “إن جلب ابنه [أحمد صالح]، أو أي شخص آخر من معسكر صالح، لتكون الشخصية الرئيسية التالية لن يؤجج سوى المظالم التي أدت إلى الحرب”.
وأضافت “من غير المحتمل أن يقبل غالبية اليمنيين مثل هذه الخطوة”.
ليست المرة الأولى
لم تكن المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن عودة الرئيس السابق علي عبدالله صالح “وعائلته التي ينشط بعض أفرادها في أوروبا وأمريكا وروسيا وحتى في مصر والإمارات العربية المتحدة”، حسب مصدر في الخارجية اليمنية تحدث لـ”يمن مونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويته.
مركز ذا اتلانتك للدراسات تحدث في مايو/أيار عن اجتماعات في ابوظبي بين وفد سعودي ونجل الرئيس السابق “أحمد علي” السفير السابق المقيم في الإمارات إلى جانب بعض أعضاء العائلة، ونتيجة التقارب الإماراتي-الروسي الكبير الذي ظهر واضحاً في ابريل/نيسان أقنعت أبوظبي، موسكو بإقناع الرياض برؤيتها لإعادة عائلة صالح إلى السلطة وحتى ولو وضعت محمد سالم باسندوة بديلاً لـ”هادي” الذي تتأزم علاقته باستمرار مع السلطات في أبوظبي. ويبدو أن ذلك أدى إلى تطور لاحق كشفت عنه دورية “أنتلجنس” الفرنسية بلقاء جمع أحمد عسيري المتحدث باسم التحالف والمقرب من ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، بـ”أحمد علي صالح”. نفى مصدر بالتحالف العربي بعد مرور أسبوع على إصدار الدورية للتقرير في موقعها الالكتروني لقاءً جمع الرجلين في أبوظبي.
لكن يبدو أن سياقات مختلفة أعطت الضوء للتفكير على هذا النحو بعودة “صالح” أبرزها انصراف الخليجيين إلى الأزمة داخل مجلس التعاون، في وقت تتوجه الأنظار إلى الخلافات داخل الشرعية في المناطق المحررة.
خلق شمال معادٍ جداً تتلاعب به إيران
من ناحية سعودية يرى براء شيبان وهو خبير في الشأن اليمني وناشط حقوقي، إن هذه: “الخطة ستضر بالعلاقات السعودية في اليمن ومصالحها الأمنية الأوسع”.
وقال شيبان لـ”ميدل ايست آي”: “ان العلاقات بين السعودية والجماعات اليمنية هي علاقات قبلية تطورت على مدى فترة طويلة”.
وأشار “من غير المرجح أن تتحول الرياض فجأة إلى التحالف (مع صالح)، وأن ترفض علاقاتها مع القبائل اليمنية العديدة التي عارضت صالح”.
وأضاف أن “هذه الخطة قد تؤدي إلى انفصال اليمن، والذي قد يخلق شمال معاد جدًا يمكن أن تتلاعب به إيران بسهولة”.
لكن بالمقابل تبدو الإمارات تحمل خُطَّة انفصال اليمن، حسب سياقاتها المدروسة، ولن تتعرض للتأثير من اختلال التوزان في اليمن بل سيوفر بيئة خصبة للحصول على امتيازات في ظل التناقضات بعكس الرياض التي تحتاج إلى بلد أمن ومستقر.
فوضى الاستراتيجية السعودية
وتعتقد “الدوسري” أنّ هذه التقارير تشير إلى أنّ استراتيجية السعودية في اليمن تعاني حالة من الفوضى. وقد لقي نحو 10 آلاف شخص مصرعهم، وأصيب أكثر من 40 ألف آخرين جراء الحملة العسكرية السعودية.
ولكن بالنسبة لـ”صالح”، قد يكون مثل هذا الاحتمال فرصته الوحيدة لاستعادة نوع من السلطة في اليمن. وقالت الدوسري: “إن هذا الاتفاق، إن وجد، يجلب صالح إلى السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر مع بركات من الناس (الدول) الذين ضغطوا عليه للتنحي”. في إشارة إلى المبادرة الخليجية ويسقطها.
من ناحية أخرى فإن عودة أحمد علي عبدالله صالح إلى السلطة والواجهة السِّياسية يعني بكل أنماط الحرب والسلم أن وضعه في قائمة العقوبات الدَّولية مع الحوثيين كان خطأً جسيماً من “السعودية”.
الهدف السعودي من هكذا تقارير
تبذل المخابرات السعودية جهداً منذ عامين لتفكيك تحالف الحوثيين مع صالح ومحاولة جذب انتباههم إلى احتمال الغدر المحتمل من أي طرف، وقد تكون هذه خُطَّةٌ محتملة لنشر معلومات كهذه.
وتحالف الحوثيون مع “صالح” منذ عام 2014، وأعلنوا حكومة إنقاذ وطني، وأعادوا عمل البرلمان، وشكلوا سلطة باسم المجلس السياسي الأعلى، نهاية العام الماضي، لكن كل تلك الأعمال كانت سبباً في اندلاع صراعات لا تتوقف بين الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني السابق.
وكان من المتوقع حدوث نزاعات بسبب طبيعة تحالف الأحزاب التي يرى العديد من المراقبين أنها “زواج المنزعجين”، وفقا للدوسري، أو أعداء متحدّين من الحرب وتقاسموا السياسة، فجماعة الحوثي خاضت العديد من الحروب ضد صالح عندما كان في السلطة.
وعلى الرغم من أنه من غير الواضح من التقارير ما هي انعكاسات هذه الخطة المستقبلية على الحوثيين، يعتقد المحللون أنها قد تؤدي إلى نهاية التحالف الحوثي مع “صالح”.
وقالت الدوسري، التي تعتقد أن تحالفهم سينتهي في مرحلة ما، “فوحدتهم (الحوثي/ صالح) في عام 2014 كان انتقاما من أعدائهم المشتركين، بعد ذلك، هم أعداء لبعضهم البعض، والخُلّع بين الاثنين يتزايد يوما بعد يوم”.