حرب اليمن وأزمات المنطقة تتحدى “الحياد” العُماني
ينتقل التحليل، الذي ترجمه “يمن مونيتور”، إلى ما يخشاه المسؤولون في مسقط حيث يحشون من أن يؤدي عدم الاستقرار المتزايد في اليمن إلى تأثرها بقوى متطرفة مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة اللذان تمكنا من توسيع وجودها في اليمن وسط انهيار الدولة. إن تهديد هؤلاء الفاعلين العابرين بالتسلل إلى محافظة ظفار في أقصى جنوب السلطنة يثير القلق. وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من التهديد الكبير الذي تشكله التداعيات المحتملة للحرب الأهلية اليمنية، يرى القادة العُمانيون الصراع في البلد المجاور بكونه فرصة لتأمين تحالف مسقط الوثيق مع واشنطن، وتعزيز رؤية السلطنة للسياسة الخارجية عبر منطقة.”
يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
نشر معهد الشرق الأوسط الأمريكي، تحليلاً، يقرأ السياسة الخارجية لسلطنة عُمان، متوقعاً تغير في نهج الدولة الخليجية الذي التزم الحياد بشكل تام أمام أزمات المنطقة.
وقال المعهد في التحليل المنشور على الموقع الإلكتروني إن العمانيين وبالرغم من أنهم يعيشون على هامش الشرق الأوسط المضطرب، إلا أنهم لا يأخذون أمنهم على أنه أمر مسلم به. فقد كانت السلطنة خالية من الاضطرابات العنيفة منذ أن خرجت السلطنة من ثورة ظفار في عام 1976.
ومع ذلك، تقع عمان في منطقة خطرة، فالبلد الخليجي العربي ليس بمنأى عن التهديدات العابرة للإقليم. فاحتمال انتشار الحرب في اليمن، التي تشترك في حدودها ب187 ميلا مع عمان، يمثل أخطر خطر على أمن السلطنة، في حين أن أزمة قطر تهدد بتغيير مجلس التعاون الخليجي بشكل جوهري بطرق من شأنها أن تترك عمان في حال أسوأ.
ينتقل التحليل، الذي ترجمه “يمن مونيتور”، إلى ما يخشاه المسؤولون في مسقط حيث يحشون من أن يؤدي عدم الاستقرار المتزايد في اليمن إلى تأثرها بقوى متطرفة مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة اللذان تمكنا من توسيع وجودها في اليمن وسط انهيار الدولة. إن تهديد هؤلاء الفاعلين العابرين بالتسلل إلى محافظة ظفار في أقصى جنوب السلطنة يثير القلق. وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من التهديد الكبير الذي تشكله التداعيات المحتملة للحرب الأهلية اليمنية، يرى القادة العُمانيون الصراع في البلد المجاور بكونه فرصة لتأمين تحالف مسقط الوثيق مع واشنطن، وتعزيز رؤية السلطنة للسياسة الخارجية عبر منطقة.”
عُمان محايدة باليمن وأزمة الخليج
يعيد المعهد النظر بالسياسة الخارجية للسلطنة، التي وصفها بالمحايدة وغير المتداخلة، مشيراً إلى قرارات مسقط بإبقاء القوات العمانية خارج التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن وعدم الانضمام إلى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، ولذلك لا يستغرب من موقفها في أزمة قطع العلاقات مع قطر وقال إنه “لا يثير الدهشة”.
وأوضح يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني موقف مسقط من اليمن بعد فترة وجيزة من التدخل عسكريا في آذار / مارس 2015 أن: “سلطنة عمان دولة سلام. لا يمكن أن نعمل على جهود السلام وفي الوقت نفسه نكون جزءا من حملة عسكرية “. وقال عضو كبير في مجلس الشورى العماني أكثر من ذلك: “لم يكن من الممكن أن نشارك في هذا التحالف، وهذا منصوص في دستورنا، ونحن لا نرسل قوات أو مدفعية إلى أي مكان، ما لم تطلب الأمم المتحدة ذلك”.
بعد وقت قصير من اندلاع أزمة قطر، عرضت عمان على الدوحة مياهها البحرية، لتجاوز مياه إماراتية من أجل تصدير الغاز القطري، والإمدادات الغذائية، لموازنة تأثير إغلاق الرياض للحدود البرية الوحيدة للإمارة. كما حافظت عمان على مجالها الجوي مفتوحا أمام الخطوط الجوية القطرية، مما ساعد الشركة في رحلاتها من الدوحة إلى أفريقيا.
تعزيز صورة صانع السلام
وعلى الرغم من أن الفوضى المتفاقمة في اليمن التي شكلت تهديدا خطيرا لمصالح عمان، فقد عُرضت على مسقط فرصة لمتابعة مصالحها الجيوسياسية فبعد سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014، سعت عمان إلى استخدام علاقاتها الإيجابية مع جميع الأحزاب الرئيسية في اليمن لوضع نفسها كوسيط للسلام والدفع بدبلوماسية بين الأطراف المتحاربة. وفي الصورة الأسمى، سعت عمان إلى تعزيز تحالفاتها الرئيسية من خلال لعب دورها المحايد في اليمن. وبالنسبة للولايات المتحدة، ساعدت مسقط بطرق مختلفة، بقبول السجناء اليمنيين من مرفق احتجاز خليج غوانتانامو، والتفاوض لضمان الإفراج عن الرعايا الغربيين المحتجزين في اليمن، كما ساهمت السلطنة في ضمان الإجلاء الآمن للموظفين الدبلوماسيين الأمريكيين من السفارة الأمريكية في صنعاء في شباط / فبراير 2015.
يعتقد المعهد في التحليل، الذي ترجمه “يمن مونيتور”، أن أولويات السلطة العليا هي مساعدة اليمنيين على حل أزماتهم دبلوماسيا بالرغم مما عكسه اتجاه تفكك أجهزة الدولة في البلاد. وسعيا لتحقيق هذه الأهداف، استضاف المسؤولون في مسقط معظم اجتماعات المائدة المستديرة للمختلفين ضمن الجهود الرامية إلى إيجاد أرضية مشتركة ونقاط توّصل إلى حل توفيقي بين حكومات دول الخليج وإيران والولايات المتحدة، والجهات الفاعلة الداخلية في اليمن. وقد أيدت عمان ودعمت بالكامل جهود الأمم المتحدة لتعزيز محادثات السلام بالكويت بين الجهات المتحاربة في اليمن.
ويقول المعهد إنه وبحسب محاورين عرب خليجيين، فقد عملت عمان والكويت جنبا إلى جنب لتعزيز الحلول الدبلوماسية للأزمة اليمنية، والخلاف المستمر الذي تشهده دول الخليج بخصوص قطر، حيث يقود أمير الكويت جهود الوساطة. وفى فبراير/شباط الماضى سافر الرئيس الإيراني حسن روحانى إلى دول الخليج، لمناقشة القضايا الإقليمية وسبل نزع فتيل التوترات مع ايران، مؤكدين كيف أن مسقط والكويت تعملان كقنوات دبلوماسية بين الرياض وطهران. مع تزايد التوترات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. من جانب واحد، وإيران من جهة أخرى، من المرجح أن تشعر عمان بحرارة المضي قدما.
احتكاك عمان مع المملكة العربية السعودية
يقول المعهد الأمريكي: “ليس كلهم متعاطفين مع موقف عمان من الأزمة اليمنية. وقال أحد المسؤولين في الخليج العربي إن الكثيرين في دول الخليج العربي يعتبرون موقف عمان من اليمن “حياد سلبي”. وزعمت التقارير الأخيرة في الصحافة، مستشهدة بأرقام من دول مجلس التعاون الخليجي واليمن والمسؤولين العسكريين الأميركيين ومجاهدي خلق، أن عمان ساعدت إيران والحوثيين، فقد زودت مسقط، الحرس الثوري ببنية تحتية من الأراضي والموانئ العمانية للمساعدة في إيصال السلاح إلى الحوثيين”.
بغض النظر عن دور مسقط الفعلي في اليمن، كما تراه الرياض، إلا أن سلطنة عمان حلقة وصل رئيسية مع إحدى تكوينات سلسلة موالية لإيران من حلفائها الشيعة / الزيديين على حدود المملكة. في الوقت الذي تؤكد فيه طهران بشكل أكثر حزما على أهمية نفوذها الإقليمي. وعقب إقرار خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) التي عقدت مفاوضات مبكرة في عمان، دون علم السعودية، فإن المسؤولين السعوديين يشعرون بالقلق من أن نمو العلاقات بين مسقط وطهران سيؤدي إلى تقويض الأمن الجماعي بالشراكة مع نفوذ إيران المتصاعد.
وجاءت علامات الاستياء السعودي مع مسقط في ديسمبر/ كانون الأول، عندما قام الملك سلمان بجولة في جميع دول الخليج مع استثناء ملحوظ للسلطنة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، أصبحت عمان العضو ال 41 في التحالف العسكري الإسلامي السعودي لمكافحة الإرهاب. وبالنظر إلى أن سلطنة عمان هي الدولة الوحيدة التي لم تنضم إلى التحالف في بدايته قبل عام واحد، فإن قرار السلطنة بالانضمام أدى إلى زيادة التكهنات بأن المسؤولين العمانيين عازمون على إرضاء مجلس التعاون الخليجي بشأن مخاوفهم من علاقة مسقط المتنامية مع طهران.
إدارة ترامب حذرة من دبلوماسية عمان المحايدة
وأخذت إدارة ترامب أيضاً بالقيام بتوجيه اتهامات خطيرة بان عمان تعمل مع ايران لتسليح متمردي الحوثيين في اليمن. في 11 يونيو/ حزيران قام والمدير العام لـ”سي أي ايه” مايك بومبيو ونائب مستشار الامن القومي الجنرال ريكي وادل بزيارة سرية إلى “السلطان قابوس” من أجل حث العاهل العماني على إغلاق طرق تهريب الأسلحة المزعومة إلى اليمن عبر السلطنة. ومع ذلك، وفقا لبلومبرغ، “بومبيو” و “وادل” تجنبا بحذر تقديم أي طلبات بأن يقوم قابوس بقطع علاقات مسقط مع إيران.
ومع ذلك، هناك علامات على أن إدارة ترامب قد لا تبدو إيجابية على العلاقة الودية بين مسقط وطهران. وبعد خطاب الرئيس ترامب في القمة العربية الإسلامية الأمريكية في المملكة العربية السعودية في مايو / أيار، أجرى الرئيس الأمريكي محادثات ثنائية مع زعماء كل دول الخليج إلى جانب عضو إلى جانب سلطنة عمان. وألغي اجتماع نائب رئيس الوزراء السيد فهد السعيد مع ترامب دون أي سبب علني. وفى خطاب ترامب التاريخي أشاد بدول الخليج، معظم الدول ذكرها عدا عمان لمساهمتهم في الجهود التي تقودها واشنطن لمكافحة التطرف والإرهاب في العالم الإسلامي. كما ألغى وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون اجتماعا في العاصمة السعودية مع نظيره العماني. في حين كانت إدارة أوباما تقدر كثيرا وتعتمد على السياسة الخارجية “المحايدة” لمسقط، يبدو أن إدارة ترامب لديها نظرة مختلفة تجاه مسقط.
واختتم المعهد تحليله بالقول إن “إدارة ترامب- مع السعودية- تدفع لموقف أكثر صرامة ضد إيران، ما يعني مواجهة سلطنة عمان ضغوطا متزايدة للتخلي عن حيادها الذي طالما كان لا يقدر بثمن لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة”.
المصدر الرئيس
Yemen War and Qatar Crisis Challenge Oman’s Neutrality