الخارجية الأمريكية تضع اليمن ضمن الحالات المقلقة للاتجار بالبشر للعام الثاني
سلطت وزارة الخارجية الأمريكيَّة في تقريرها السنوي حول الاتجار بالبشر، الضوء على الانتهاكات التي يتم ارتكابها بحق أطفال اليمن، متحدثة عن تجنيد الأطفال في الحرب الدائرة واستغلالهم في “التجارة الجنسية” والعمالة القسرية. يمن مونيتور/ صنعاء/ متابعة خاصة:
سلطت وزارة الخارجية الأمريكيَّة في تقريرها السنوي حول الاتجار بالبشر، الضوء على الانتهاكات التي يتم ارتكابها بحق أطفال اليمن، متحدثة عن تجنيد الأطفال في الحرب الدائرة واستغلالهم في “التجارة الجنسية” والعمالة القسرية.
وصنّفت وزارة الخارجية الأميركية اليمن ضمن فئة “الحالات الخاصة”، المقلقة للغاية، للسنة الثانية على التوالي. فرأى التقرير أن الحكومة لم تبذل أي جهود ملموسة لمكافحة الاتجار بالبشر، ولا سيما فيما يتعلق بتجنيد الأطفال، و”السياحة الجنسية”، التي باتت مقصدًا لـ”سيّاح” قادمين من دول مجاورة، على رأسها السعوديّة والإمارات، وضحاياها هنّ طفلات يمنيّات، وأخريات قدمن لاجئات من منطقة القرن الأفريقي، بعضهنّ لم يبلغن الـ18.
تجنيد الأطفال
ومنذ تصاعد وتيرة الحرب في اليمن، أفادت منظمات حقوق الإنسان بأن جميع أطراف النزاع زادت من تجنيد الأطفال. وعلى ضوء ذلك، ينوّه التقرير إلى أن الحكومة اليمنيّة لم تنفّذ خطة الأمم المتحدة المقرّة عام 2014 لإنهاء تجنيد واستخدام الجنود الأطفال. وخلال هذا العام تحديدًا، زادت الجماعات المسلّحة في اليمن من وتيرة تجنيد الأطفال وتدريبهم ونشرهم في ساحات القتال، وقد رصدت إحدى المنظمات الدولية أن الحوثيين كانوا يستخدمون الأطفال كجنود يرتدون الزي العسكري، وينتشرون على نقاط التفتيش، خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
وتنقل الخارجيّة عن تقارير موثّقة أن الأطفال المسلّحين، وبعضهم لا يتجاوز سن العاشرة، عملوا في مليشيات الحوثيين والقوات الحكومية، كما أن ثمة عائلات داعمة للانقلابيين الحوثيين، بمن فيها تلك المقيمة خارج مناطق سيطرتهم، قد أرسلت بالفعل أطفالها إلى معقل جماعة الحوثي في صعدة، شمال اليمن، بغرض التدريب العسكري والخدمة في صفوف المليشيات الانقلابية.
ووفقًا لإحدى المنظمات الحكومية، يوضح التقرير أن الجماعات المسلّحة جنّدت واستخدمت 168 طفلًا، على الأقل، بين شهري أبريل/نيسان ويونيو/حزيران من العام الماضي، مقارنة بـ140 طفلًا خلال الفترة المشمولة في التقرير السابق، وسُجّلت غالبيّة عمليات التجنيد تلك لدى المليشيات الحوثيّة تحديدًا، تليها القوات المسلحة اليمنية، واللجان الشعبية، و”القاعدة في جزيرة العرب”.
حكومة عاجزة
وأكد التقرير على عجز الحكومة اليمنية عن معالجة تلك الجريمة، مبيّنًا أن الأخيرة لم تقم ببذل أي جهد يذكر في سبيل تطبيق قانون مناهض للاتجار بالبشر، وفق نصّ التقرير.
واعتبر المكتب الخاص بالخارجية عن مكافحة الإتجار بالبشر، الذي أصدر التقرير، أن غياب أي قانون يجرم كافة أشكال الاتجار بالبشر، وخلط الحكومة بين قضيتي الاتجار بالبشر والتهريب، كانا السبب في إعاقة جهود الحكومة للتحقيق مع المتهمين بالاتجار بالبشر ومحاكمتهم.
ونوّهت الخارجيّة الأميركية، في هذا السياق، إلى أن اللجنة الفنية المشتركة بين الوزارات المحلية اليمنية لمحاربة الاتجار بالبشر صاغت تشريعات لمكافحة تلك الجريمة، بمساعدة من مؤسسة دولية، قبيل مغادرة الحكومة اليمنية العاصمة صنعاء، لكنها قوبلت بفض جماعة “الحوثي” للبرلمان بشكل غير قانوني عام 2015، ما نتج عنه عدم صدور التشريع.
ولفت التقرير إلى أن الحكومة لم تتمكن من الوصول للمحاكم أو السيطرة عليها، وبالتالي لم تبذل جهدًا لمحاكمة وتجريم ومعاقبة جرائم الاتجار بالبشر خلال العام. كما أنها لم تبذل جهودًا للتحقيق في جرائم الاستعباد، أو معاقبة مرتكبيه، بالإضافة إلى عدم تمكن الحكومة من متابعة أي تحقيقات أو محاكمات لأي مسؤولين حكوميين أُثبت تواطؤهم في جرائم الاتجار بالبشر، وهو ما يناقض التقارير التي صدرت مؤخرًا، والتي كشفت عن مشاركة مسؤولين حكوميين يمنيين في الاتجار بالبشر، كما أظهرت أيضًا استعبادهم للنساء والأطفال واغتصاب النساء وتجنيد الأطفال وإجبار العمال المهاجرين على العمل.
وبحسب تقرير الموقع، فإن مشروع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، والذي بدأته وزارة حقوق الإنسان، بالتعاون مع إحدى المنظمات الدولية، لا يزال معلّقًا، ويتضمّن المشروع خططًا لزيادة الوعي، وزيادة التعاون بين اليمن والدول المجاورة، وتدريب المسؤولين على تحديد هوية الضحايا، ووضع إجراءات لحمايتهم.
تجارة الأطفال
ويفصّل التقرير أنّ اليمن يعدّ بلد منشأ، وممرًّا بدرجة أقل، للرجال والنساء والأطفال المعرّضين للعمالة القسرية، وللنساء والأطفال الذين يتعرّضون للتجارة الجنسية. وتظهر التقارير السابقة أن بعض الأطفال اليمنيين، وبالذات الذكور منهم، كانوا أهدافًا للعمالة القسرية في الخدمة المنزلية، والتسول، والبقالات الصغيرة، بعد هجرتهم إلى عدن أو صنعاء أو السعودية.
ويضيف التقرير أن التجار، والمسؤولين الأمنيين، وأرباب العمل، أيضًا دفعوا بعض أولئك الأطفال ليكونوا عرضة للاتجار بهم جنسيًّا في السعودية، بينما أجبر آخرون على تهريب المخدرات للمملكة.
ويتابع التقرير أنه قبل اندلاع الحرب في اليمن، كانت البلاد نقطة عبور ومقصدًا للنساء والأطفال الذين باتوا هدفًا للتجارة الجنسية والعمالة القسريّة، وخاصة أولئك القادمين من القرن الأفريقي. الإثيوبيون والصوماليّون، كما يستطرد التقرير، كانوا يتنقّلون بشكل اختياري إلى اليمن على أمل العمل في دول الخليج، غير أن بعض أولئك الأطفال والنساء، كما يرجّح التقرير، كانوا قد استغلّوا في التجارة الجنسية والعمل بالسخرة داخل المنازل في اليمن. البعض الآخر، بحسب التقرير، هاجر بسبب عروض احتياليّة للعمل في المنازل داخل اليمن، غير أنّ ثمة لاجئات منهم أجبرن، في السابق، على الدعارة في محافظتي عدن ولحج.
زيادة على ذلك، يوضح التقرير أنّه حتّى قبل أن ترتفع حدّة الصراع في اليمن، عقب مغادرة الحكومة في مارس/آذار 2015، رحّلت السعودية العمال المهاجرين إليها من اليمن، ومعظمهم عاد إلى منطقة تهامة الفقيرة، الواقعة على الساحل الغربي لليمن، وظلّ كثير منهم مشرّدًا ومعرّضًا للاستغلال بشدّة، بما يشمل عمليّات الاتجار المختلفة.
ويكشف تقرير الخارجيّة، أيضًا، أنه قبل مغادرة الحكومة اليمنية صنعاء، قدّرت المنظمات غير الحكومية الدولية (إن جي أوز) أن ثمّة 1.7 مليون طفل تحت سن 14 عامًا قد تمّ تشغيلهم في اليمن، وبعضهم تعرّض للعمل القسري. ويردف التقرير أن العصابات اليمنية والسعودية عملت على نقل الأطفال الأفارقة إلى السعودية بغرض استغلالهم. التجار كذلك اعتدوا على بعض اللاجئين والمهاجرين من القرن الأفريقي، وتخلّوا عنهم داخل اليمن، بعد أن هاجروا إلى هناك في طريقهم إلى السعودية ودول الخليج الأخرى بحثاً عن العمل.
وتنقل الخارجيّة الأميركية عن تقارير لمنظمات غير حكومية أن جماعات التهريب الإجرامية بنت عددًا كبيرًا من “المخيّمات” قرب مدينة حرض الحدوديّة بين السعودية واليمن، حيث كانت آمال المهاجرين بالوصول إلى السعودية تخضع لعمليات الابتزاز وطلب الفدية.
الأطفال تعرضوا للاتجار الجنسي
ويخلص التقرير، حسب صحيفة “العربي الجديد”، إلى أن الأطفال اليمنيين تعرّضوا للاتجار الجنسي داخل حدود اليمن وفي المملكة العربية السعودية كذلك، مبيّنًا أن ثمة فتيات بعمر 15 عامًا قد استغللن في عمليات التجارة الجنسية بين الفنادق والنوادي في محافظات صنعاء وعدن وتعز. ويمضي التقرير إلى القول إن معظم “السياح” القادمين بحثًا عن الأطفال بغرض الجنس كانوا يتوافدون من السعودية، وذلك قبل اندلاع الحرب، فضلًا عن نسبة أقل كانت تتوافد من الدول الخليجية الأخرى، بما في ذلك الإمارات العربية.
ويفصّل التقرير أن بعض السعوديين كان يستخدم، لهذا الغرض، تعاقدات “زواج مؤقت” قانونيّة، وهو زواج مصرّح به من قبل بعض المرجعيّات الإسلاميّة، ويعرف باسم زواج “المسيار”، والهدف من ذلك هو استغلال الفتيات اليمنيات جنسيًّا، وبعضهنّ لم يكنّ يتجاوزن الـ10 سنوات، وبعضهنّ الآخر تمّ التخلّص منهنّ لاحقًا في شوارع السعودية.
وذكر تقرير الخارجية الأميركية أن الحكومة اليمنية فرضت خلال الفترة التي شملها التقرير قانونًا يتطلّب موافقة وزارة الداخلية على زواج اليمنيّات من أفراد ذوي جنسيّات أخرى، في محاولة للحدّ مما أسماه التقرير “السياحة الجنسيّة بين الأجانب”، وخاصة السعوديين والإماراتيين، الذين يتزوّجون بشكل “مؤقت” من النساء اليمنيات الصغيرات في السن. لكن على الرغم من ذلك، استمرّ المسؤولون في تقديم استثناءات تتجاوز ذلك القانون مقابل رشى ماليّة، كما يبيّن التقرير، وعلاوة على ذلك، لم توفّر الحكومة تدريبًا لموظّفيها الدبلوماسيين على مكافحة الاتجار بالبشر، ويذكّر التقرير، في هذا السياق، بأن اليمن ليست طرفًا في بروتوكول الأمم المتّحدة لعام 2000 بشأن الاتجار بالبشر.