“مقابر الشهداء” تنافس الملاهي في العيد باليمن
تحولت المقابر، التي تزايدت بشكل لافت في اليمن خلال العامين الماضيين، إلى مزارات خلال أيام عيد الفطر المبارك، ونافست الملاهي والحدائق العامة في استقطاب الناس. يمن مونيتور/صنعاء/الأناضول
تحولت المقابر، التي تزايدت بشكل لافت في اليمن خلال العامين الماضيين، إلى مزارات خلال أيام عيد الفطر المبارك، ونافست الملاهي والحدائق العامة في استقطاب الناس.
ومنذ أكثر من عامين على النزاع المتصاعد، كانت المقابر تلتهم مساحات واسعة من الأراضي اليمنية؛ حيث تم تشييد العشرات منها لاستيعاب ضحايا الحرب الذين يتساقطون يوما بعد آخر،
بالإضافة إلى ضحايا الجوع وسوء التغذية والأوبئة المتفشية وآخرها الكوليرا.
وشيدّ أطراف الصراع، مقابر خاصة لضحايا الحرب أطلقوا عليها جميعا مسمى واحد هو “مقبرة الشهداء”، رغم أن الاسم كان موجودا في العاصمة اليمنية صنعاء لمقبرة شهيرة تقع في منطقة “باب اليمن”،
ويدفن فيها مناضلي الثورة اليمنية وكبار السياسيين والقادة العسكريين كتكريم لهم، لكن المسمى بات حاليا متواجد في أكثر من منطقة يمنية.
وخلال اليومين الماضيين، كانت المقابر في غالبية المدن اليمنية، تشهد تدفقاً لافتاً من ذوي ضحايا الحرب، الذين حرصوا على زيارة الراحلين عن دنياهم، وقراءة القرآن فوق قبورهم.
ولا يكشف الحوثيون عن عدد قتلاهم، لكن مقابرهم الجديدة التي شيدوها في حي “الجراف” شمالي العاصمة صنعاء، كانت تغص بالأحياء خلال اليومين الماضيين من العيد، وكذلك المقابر
التي شيدوها مؤخرا بالقرب من الطريق العام في مدينة ذمار، جنوبي صنعاء، وكذلك في مدينة عمران، شمال صنعاء.
وقال سعيد عبدالقوي، وهو أحد السكان المجاورين لمقابر الحوثيين شمالي صنعاء، للأناضول، إن المقبرة تحولت إلى ما يشبه الحديقة العامة؛ حيث شهدت في اليوم الأول من العيد (الأحد)
حضورا مكثفا للرجال، ثم تواصلت الزيارات في اليوم التالي (الإثنين) لنساء وأطفال.
ويحرص الزوار على تلاوة القرآن على أرواح ذويهم، كما يقومون برش الضريح بالمياه ونثر باقات من الزهور والنباتات العطرية التي يجهزونها لهذا اليوم، وفقا للمصدر.
وينصب الحوثيون فوق القبور صورا تحمل اسم وصورة الشخص المتوفي بالإضافة إلى ملابسات مقتله، فيما تغيب الصور عن قبور ضحايا القوات الحكومية التي تتواجد في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
وفي مدينة تعز، وسط البلاد، التي تأتي في صدارة المناطق اليمنية نزيفاً للدماء بسبب الحرب؛ حيث سجلت – وفق منظمة الصحة العالمية – مقتل ألف و560 شخصا حتى أواخر العام 2016،
كانت “مقبرة الشهداء” التي تم تشييدها في مزرعة عصيفرة، شمالي المدينة، لضحايا الحرب من مدنيين وعسكريين، تشهد حضورا كثيفا للزوار خلال أيام العيد.
وقال أحمد المخلافي، وهو شقيق احدى الفتيات اللاتي سقطن بقصف مدفعي حوثي على حي عصيفرة السكني، للأناضول: “هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها هذه المقبرة خلال عيد منذ استشهاد
أختى مطلع العام الجاري، لكني أشعر كما لو كنت في مناسبة عامة”.
وأضاف: “مكثت لنصف ساعة وأنا أتلو القرآن، وأرش الماء فوق القبر، لكني صادفت العشرات من أبناء الحي الذي أقطن فيه والأحياء المجاورة وأصدقاء أعرفهم،
جميعهم حضروا لزيارة ذويهم الراحلين (..) المقبرة تحولت إلى ملتقى اجتماعي في العيد”.
وذكر المخلافي أنه حرص، ومثله الكثيرون، على زيارة الأموات في العيد قبل زيارة أقاربهم الأحياء، وأنه شعر بغصة عندما شاهد أطفال يبكون فوق قبور آبائهم وأماتهم ممن سقطوا خلال هذه الحرب.
ووفقا لسكان في تعز، فإن “مقبرة الشهداء” تتوسع وتلتهم المزيد من الأراضي الزراعية في ظل القصف الذي يشنه الحوثيون على مدينتهم، وأن الحصار المفروض على المدينة،
يحول دون زيارة كثيرين ممن يقطنون الأرياف، لذويهم في هذه المقبرة.
ولا يُعرف الرقم الدقيق لضحايا الحرب في اليمن.
إذ تقول منظمة الصحة العالمية إن الأرقام المسجلة في المرافق الصحية منذ 26 مارس/آذار 2015، تاريخ تدخل التحالف العربي في الحرب لمساندة قوات الحكومة الشرعية،
تشير إلى أكثر من 8 آلاف قتيل، دون تحديد نسبة المدنيين والعسكريين من هذا الرقم، في ظل تكتم أطراف الصراع عن إيراد الرقم الحقيقي لعدد مقاتليهم الذين سقطوا في المعارك.
بينما أعلنت المفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة، مؤخراً، أن 5 آلاف مدني هم ضحايا الحرب في اليمن منذ 26 مارس/آذار 2015، لكن الحكومة الشرعية تؤرخ النزاع
منذ اجيتاح الحوثيين لصنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وتقول إنه منذ ذلك اليوم، وحتى مطلع يونيو الجاري، قتل 11 ألفاً و251 شخصا، بينهم 1080 طفلاً و684 امرأة .