الدوريات الرياضية في رمضان طقوس لم تتأثر بالحرب والأزمة الاقتصادية
اعتاد الكثير من شباب اليمن في صنعاء ومحافظات أخرى، قبل قدوم شهر رمضان، على تجهيز فرق كرة قدم من مختلف الحارات والأحياء السكنية، للمشاركة في دوريات رمضانية ينظموها هم وأندية رسمية، إما برعاية شركات ومؤسسات خاصة أو بدعم ذاتي من المشاركين أنفسهم.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من عبدالله السامعي:
اعتاد الكثير من شباب اليمن في صنعاء ومحافظات أخرى، قبل قدوم شهر رمضان، على تجهيز فرق كرة قدم من مختلف الحارات والأحياء السكنية، للمشاركة في دوريات رمضانية ينظموها هم وأندية رسمية، إما برعاية شركات ومؤسسات خاصة أو بدعم ذاتي من المشاركين أنفسهم.
ولا تخلو هذه الدوريات من مشاركة لاعبين كبار، سواء من اللاعبين الحاليين في الأندية والمنتخبات الوطنية أو لاعبين قد اعتزلوا من قبل لكن حبهم لكرة القدم جعلهم ينظرون للمشاركة في هذه الدوريات وكأنها عادة رمضانية لا يمكن التخلي عنها.
حضور ملفت
يقول لاعب المنتخب الوطني للشباب ونادي اليرموك الكابتن أحمد ابراهيم، أن المشاركة في الدوريات الرمضانية لكرة القدم أصبحت جزء من الطقوس الرمضانية بالنسبة له، مشيراً إلى أن هذه الدوريات بقدر ماهي ممتعة للجمهور أظهرت أيضاً لاعبين لم يكن يعرفهم أحد من قبل.
ويضيف إبراهيم في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أن الدوريات الرمضانية السابقة، قبل اندلاع الحرب، كان لها زخم وحضور أكبر من هذا العام، إلا أنها لم تستلم للحرب والأزمة الاقتصادية، وما يزال حضورها ملفت رغم الظروف التي لم تستثني أحد من اليمنيين.
ويشير إلى أنه يشارك في خمسة دوريات، في صنعاء أحدها يقام على ملاعب رسمية وكل الفرق التي يلعب لها في الدوريات هذا العام فرق حارات، مؤكداً أن اثنين فقط من هذه الدوريات لديها دعم بينما الثلاثة الأخرى لم يجدوا لها دعم حتى الان لكنه يتوقع الحصول على الدعم مع اقتراب رمضان والدوريات من النهاية.
وتتميز الدوريات الرمضانية بحضور ملفت للجمهور الذي يحضر من الحارات والأحياء السكنية لتشجيع فرقهم، ما يدفع لاعبي الفرق لإظهار منافسة قوية للفوز بلقب الدوري وإرضاء هذا الجمهور، كما تشتد المنافسة مع اقتراب الدوري من النهاية قبل انتهاء شهر رمضان.
جهود ذاتية
وتقام أغلب الدوريات الرمضانية على ملاعب ترابية في الحارات أو المدارس أو في الشارع على الاسفلت، كما تقام بعضها على ملاعب الأندية الرسمية إذا كانت هذه الأندية مشاركة في الدوري أو لديها لاعبين مشاركين في الفرق أو إذا كان الدوري برعاية شركات ومؤسسات خاصة تدفع أجرة الملاعب.
يقول عبدالله حسين (40عاماً)، أنه يحضر كل مباريات فريقه لتشجيعه، حتى عندما تكون المباريات بعيدة عن الحارة، مشيراً إلى أن هذا التشجيع يعزز الروح المعنوية للفريق فتكون نتائج المباريات إيجابية، لكنه لا ينزعج إذا خسر فريقه أي لقاء، فالأهم برأيه هو الاستمتاع بأداء اللاعبين وتمضية الوقت.
ويضيف حسين في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أن الدوريات الرمضانية تساعده في تجاهل الوضع الذي تعيشه اليمن منذ ثلاثة أعوام، لكن فور وصوله المنزل يتذكر كيف كان يوفر كل مستلزمات رمضان قبل قدومه، بينما هذا العام لم يستطع توفير كل المستلزمات.
ويشير إلى أنه يذهب إلى الشركات ورجال الأعمال لإقناعهم بدعم الدوريات التي يشارك فيها فريقه حتى إذا لم يكن فريقه مؤهلاً للفوز بلقب الدوري، مؤكداً أن اللاعبين والفرق المشاركة يستحقون جميعهم جوائز لأنهم أقاموا هذا الدوري بجهودهم الذاتية وأمتعوا الجمهور بأدائهم.
ولاتكاء تخلو حارة أو حي سكني في صنعاء إلا ولديه فريق أو فريقين يشاركون بأكثر من دوري رمضاني، كما يختلف عدد اللاعبين المشاركين في الدوريات بحسب مساحة الملاعب التي يقام عليها الدوري، إذ يكون عدد لاعبي الفريق الواحد في الملاعب الرسمية 11لاعب، وفي الملاعب الصغيرة أو الشوارع يكون عدد اللاعبين اما ثمانية أو أربعة لاعبين.
وتنطلق بعض الدوريات دون حصولها على دعم أو رعاية من الشركات والمؤسسات التجارية، ومع اقتراب الدوري من النهاية واحتدام المنافسة على اللقب تسارع بعض المؤسسات والشركات أو رجال الأعمال إلى تقديم مبالغ مالية وجوائز عينية للفريق الفائز بلقب الدوري.
دوري مصغر
وليست كل الدوريات الرمضانية خاصة بكرة القدم، إذا نجد دوريات أخرى أبرزها كرة الطائرة وتنظم بذات الطريقة التي تم تنظيم دوريات كرة القدم بها، وتتميز دوريات الطائرة بسهولة إيجاد أماكن لإقامتها، حيث يتطلب ملعب كرة الطائرة مساحة لا يقل طولها عن ثمانية متر، ولذلك عادة ما تقام في الشوارع أو المدارس.
وبعكس دوريات كرة القدم، لا يشترط على الفرق المشاركة في الدوريات الرمضانية لكرة الطائرة أن تكون من حارات وأحياء سكنية مختلفة، إذ تقيم بعض الحارات دوريات خاصة بها وكل الفرق المشاركة فيها من أبناء الحارة أو الحي نفسه، لكنها غالباً لا تجد الدعم أو الرعاية.
ورغم انتشار لعبة كرة الطائرة في الحارات والأحياء السكنية بكثرة في رمضان، إلا أنها لا تنظم كلها بطريقة الدوريات المعهودة، حيث يشارك الكثيرون فيها بهدف القضاء على الوقت في نهار رمضان، وليس بهدف الفوز بلقب الدوري.
يقول فضل الحرازي، أنه يلعب كرة الطائرة كل يوم في رمضان، وأحياناً يتم تشكيل أكثر من فريق من أبناء الحارة وخوض دوري مصغر، مشيراً أن الفريق الفائز لا يحصل على أي جائزة لأن الهدف من اللعب المرح وتمضية الوقت، لكنهم أحياناً يقدمون للفريق الفائز وجبة عشاء.
ويضيف الحرازي في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أنهم يمارسون لعبة كرة الطائرة في الشارع وسط الحارة كل عام برمضان، لدرجة أنها أصبحت جزءاً من الطقوس الرمضانية لدى أبناء الحارة، يستعدون لها قبل قدوم رمضان بأيام بتجهيز الشباك والقضبان الحديدية التي تربط عليها الشباك.
ويوضح أنه شارك في أعوام سابقة بدوريات رمضانية في كرة الطائرة، لكنه هذا العام لم يشارك لأنه لا يستطيع توفير أجرة المواصلات إلى مكان إقامة الدوري، مشيراً إلى أن ممارسة لعبة كرة الطائرة في الحارات تمنع السكان من المشكلات التي تقع بينهم عادة في رمضان بسبب فقدانهم الصبر وخاصة قبل المغرب، ما يجعلهم ينشغلون بمشاهدة أبناء الحارة وهم يلعبون الطائرة.
وتعد هذه الدوريات الرياضية المنشرة في أغلب محافظات الجمهورية وألعاب أخرى كالشطرنج وكرة الطاولة، من الطقوس الرمضانية المقاومة للحرب والأزمة الاقتصادية ولم تتأثر بالظروف التي تمر بها اليمن، ما يجعلها نافذة أمل للمواطنين في وقت ملأته التغيرات السياسية باليأس.