الخلاف يدور بين دول على صلة وثيقة باليمن وتقوم بتدخل عسكري واسع في بلدي وقامت مؤخراً بمبادرات خطيرة لتقرير مصيره على نحو يتجاوز كل التوقعات، ويخالف المقدمات المنطقية لتدخل هذه الدول.
لا أستطيع أن اقنع نفسي بأن الخلاف الذي تصاعد بين ثلاث دول خليجية، هي السعودية والإمارات وقطر أمر لا يعنيني.
فهذا الخلاف يدور بين دول على صلة وثيقة باليمن وتقوم بتدخل عسكري واسع في بلدي وقامت مؤخراً بمبادرات خطيرة لتقرير مصيره على نحو يتجاوز كل التوقعات، ويخالف المقدمات المنطقية لتدخل هذه الدول.
قطر هي المستهدفة بالهجوم الإعلامي والسياسي الذي تنفذه الرياض وأبوظبي على نحو يخلو من الحصافة والسياسة، ويحاول أن ينجز عاصفة جديدة لكن دون أية دوافع أخلاقية.
هناك ثلاث ساحات صراع عربية على علاقة وثيقة بتصعيد الهجوم السعودي الإماراتي ضد قطر هي سورية وليبيا واليمن. لم يعد للأطراف الثلاثة تأثير على ما يجري في سورية بعد التدخل الروسي وبعد أن وضعت الإمارات كل ثقلها المالي والاستخباري لإفشال الثورة السورية ودعم نظام بشار الأسد.
لكن الأمور في كل ليبيا واليمن لم تحسم بعد، لهذا يجري الزج باسم قطر مع كل فشل يواجهه المخطط الإماراتي المصري في ليبيا، مع أن الأمور واضحة في هذا البلد هناك اتفاق الصخيرات التي أنجز برعاية الأمم المتحدة والعالم، وأنتج حكومة التوافق الوطني الحالية.
ومع ذلك يسعى محمد بن زايد والسيسي حثيثا لفرض لواء عسكري متقاعد حاكماً لليبيا، والعمليات العسكرية الجوية لا تتوقف من جانب هذين البلدين لتمكين هذا الضابط الانقلابي الذي نصب قائداً للجيش الليبي.
في اليمن الأمر خطير للغاية، فجزء من أهداف الهجوم على قطر يتعلق بتحييدها عن القيام بأي دور من شأنه أن يفسد المخططات السيئة التي رسمتها أبو ظبي لبلدنا، وهي مخططات بدأت تجلياتها تتكشف وتسفر عن توجه واضح لتكريس الانقسام وفرض الانفصال والتصرف بجغرافية اليمن وسيادته كما كانت تفعل دول الاستعمار القديم.
الأولوية بالنسبة لأبو ظبي تتجه نحو جرف التعددية السياسية في البلاد عبر استهداف أحزاب أساسية وتمثل جزء من الشرعية الدستورية للنظام الانتقالي، وتنصيب نظام شمولي يجري حالياً إعادة ترتيب أوراق النظام القديم وأجهزته وسلاحه لتحقيق هذه الغاية.
لم يعد الترتيبات الخطيرة التي تجري في أرخبيل سقطرى وتكاد تحولها إلى مستعمرة إماراتية خالصة، شرعت أبو ظبي في تدارس مستقبل مضيق باب المندب، وقد أوعزت إلى مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعقد ندوة بعنوان: مضيق باب المندب.. آفاق تعاون إقليمي أوسع.
خرجت الندوة بـ: 12 توصية تنص التوصية الأولى على” ضرورة تبنِّي رؤية أكثر شمولية واتساعاً في التعامل مع قضايا الأمن والاستقرار بمنطقة باب المندب، تتجاوز الإطار الجغرافي الضيِّق لتشمل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، وغيرها من الأطراف الإقليمية والدولية المعنيَّة بأمن وسلامة الملاحة في هذا الممر البحري المهم”.
لا تكترث الإمارات كما هو واضح باليمن بدليل غياب أي تمثيل للحكومة اليمنية في هذه الندوة، خصوصاً وأن بعض المشاركين حملوا صفات رسمية وتنفيذية في المنظمات والدول التي يمثلونها.
هو إذا توجه يهدف إلى إقصاء اليمن من دوره الأساس في الإشراف على مضيق يدخل في نطاقه الجغرافي والسيادي، وهو سلوك لم يعد بالإمكان احتماله.
لذلك يجب أن تكون الأمور واضحة، قطر ليست مستهدفة لذاتها بل لمواقفها النبيلة المساندة لحقوق الشعوب المظلومة ولإرادتها في التغيير والانعتاق، ما يجري ليس خلافاً بين دول في وجهات النظر إنه خلاف يرتكز في الأساس على مصالحنا ومستقبلنا كبلد وكشعب.
إن الذين يضمرون كل هذا الشر لبلد مثل اليمن فقط لأنه يريد أن يمضي قدماً في خط الانتقال السياسي، لا يمكن أن يكون موقفهم أخلاقياً أو قوياً وهم يحاججون بلد مثل قطر لأنها تمول قناة تعبر عن ضمير الشعب العربي، وتعطي الإعلام بعده الحقيقي وتمنح العرب نقطة تفوق مهمة في التأثير عبر الإعلام.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.