نحو محراب الفرصة الرمضانية كقبلة تجارية.. ييم الانتاج التلفزيوني وجهه ويريد لجمهوره هو الآخر أن يطوف حول إنتاجه غثه وسمينه، دون أن يلوي على شيء؛ طالما أنه يسد ثغرة يحسب أنه يملأها فضلا في هذا الشهر الكريم.
نحو محراب الفرصة الرمضانية كقبلة تجارية.. ييم الانتاج التلفزيوني وجهه ويريد لجمهوره هو الآخر أن يطوف حول إنتاجه غثه وسمينه، دون أن يلوي على شيء؛ طالما أنه يسد ثغرة يحسب أنه يملأها فضلا في هذا الشهر الكريم، إن لم يكن يمتن على مشاهده ومتلقيه بهذا الانتاج؛ ففي حمأة الهوس التجاري، وحمى التنافس الهابط يستوي لديه الجمهور الرافض له والقابل، ويبدون كلهم في نظره ممن يتلهف لحشود المسلسلات بغض النظر عما تحمله أو تسوق له.
سباق محموم يدوس في طريقه كل ما يمكن أن تخيله مما ينسلخ من كل قيم المجتمع وعاداته وتقاليده مما لا تفتأ الدراما في غير رمضان على تقديمه للمشاهد وهي تتجاوز ذائقته وعقله دون خجل، وهو في رمضان لا يراعي حرمة الوقت ولا قداسة الشعيرة التي ينتظرها المسلمون كل عام، ذاك هو حال مؤسسات الانتاج ووسائل الاعلام وقنوات الدراما العربية، وعلى راسها المصرية والسورية، وليس ذاك فحسب؛ فإلى جانب الحشد الكبير لهذه الشعيرة بما يصرف الناس عنها ويربطهم بنجوم الأرض صارفا لهم عن نجوم السماء، وعن بغية التقوى المرجوة من صوم هذا الشهر إلى بغية الهوى إنما يتعدى الأمر إلى القصد الأيديولوجي والسياسي الذي يجد ضالته في هذا الشهر الكريم، وهو ضال في اختياره وفي تصوره حينما يكسر كل حواجز الممنوع الأخلاقي والديني دون أدنى مراعاة لمن هم على قارعة الدين يبتئسون لما يخدش دينهم مجرد الخدش، أو يحاول النيل منه تحت أي غطاء.
فما بالنا بتللك الهالة من اجتراح الذائقة فيما تقدمه هذه المصنفات الفنية تحت غاية التسلية الرمضانية، والتي تسحب معها الممنوع والمسموح على أرضية خصبة من تحريك الغرائز وتأجيجها ابتداء من اختيار الكوادر الفنية وأبطال وبطلات المسلسلات ومرورا بالحشو المختلق لوصلات الرقص والتفسخ والحوارات الملتهبة و التي لا يحلو لكتاب الدراما سردها إلا في رمضان، و ليس انتهاء بالانتقام السياسي من الآخر الذي يترك ميسمه في مسطحي التفكير لتقول لهم أن هذا شيطان وهذا ملاك دون قيد او شرط سوى الرضا ولا شيء سوى الرضا، وتحت قبة السخط السياسي يستن الكاتب والمنتج والمخرج كل على حدة مباضعهم لتشريح الآخر وسلخه وتقديم البديل الذي يظهر بثوب ملاك للتغطية على فشل ذريع في إدارة الحياة يطل بقرونه من تحت ستار الطرح الدرامي مثلما يطل بسوءته في الواقع ليضع المشاهد على خيار هو أنا أو أنا أما سواي فكما ترى.
لا تقدح الدراما في القيم والحقائق الدينية ولا تتجاوز المقدس فحسب؛ بل إنها تقدم المدنس على طبق ملئ بالمقبلات والمحسنات الدرامية ليصبح ودون مواربة الحق باطلا والباطل حقا أو لنقل دون أصبح الحسن قبيحا والقبيح حسنا كما تبتغيه الدراما.
إن الدراما وهي تتكئ على رصيد بعض كوادرها لدى المشاهد في بعض نوادر الانتاج وحالة الرضا عن بعض وجوهها في أداء درامي متزن نسبيا تنسج على منواله خلق حالة من الرضا حول ما هو محل خلاف أصلا، سواء أسكت عنه المشاهد أم أبدى امتعاضه في وقت لا يقدم امتعاضه شيئا وهو يواجه سيلا جرارا من الانتاج لا يطرق عليه الباب أو يستأذنه في ذوقه أو في الدخول عليه في أدق حالات خصوصيته.
ليست الغاية هنا تقييم الأداء الدرامي ولكنه الوقوف عند مرحلة زمنية المرجو لمن يمتلك شروى نقير من إيمان ان يراعيها أو يحسب لها حسابا، وألا يقدم ما ينقص في دينه أو يؤثر في دين غيره والا يصبح السباق على حساب منظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، ومنظومة العادات والتقاليد أقله في هذا الشهر الكريم الذي يعد محطة لأوبة العاصي والمفسد بما يمثل له محطة مراجعة أو استرخاء من الهتك المستمر للممنوع او الدعوة إليه والمجاهرة في خوضه وانتهاكه.
ولا يعنينا –كذلك- ونحن نقف على هذا الحج المشوب بالريبة فيمن يقف وراءه وهو ينال من الدين والأخلاق ما آلت إليه حال الدراما من إعادة إنتاج الذات واستهلاكها لنفسها وترهل الأداء الدرامي ودورانه في حلقة التكرار حتى ليكاد المشاهد ودون جهد كبير منه أن يكمل كثيرا من العبارات الحوارية أو يفك العقدة الدرامية التي من المفترض أن تمثل له عامل تشويق وإثارة، وربما لا يبدو ذلك مهما لدى نقاد الدراما فقد اوجد المخرج ومعه صك الرقيب الإثارة البديلة التي تجد رواجا في تصوره عن تلك الغائبة بسبب ضعف السيناريو وركاكة الإخراج.
ويهمنا فقط هو أن نذكر القائمين على الدراما أن الله يدعو عباده إلى صوم هذا الشهر رجاء التقوى وهم على الطرف الآخر يدعون الناس إلى مخالفتها أو البديل لهذه التقوى.