منوعات

القصة الكاملة لموسم الفوانيس: لماذا تنتشر في شهر رمضان؟

في البدء كانت الشمعة؛ ثم جاء الفانوس وانتشر. هكذا يتوقع معظم الناس. ومع اختلاف الروايات حول نشأة فانوس رمضان وشيوعه حول العالم بوصفه رمزاً رمضانياً؛ فإن الجميع يتفق على أن الشرارة انطلقت من القاهرة الفاطمية.   يمن مونيتور/ العربي الجديد
في البدء كانت الشمعة؛ ثم جاء الفانوس وانتشر. هكذا يتوقع معظم الناس. ومع اختلاف الروايات حول نشأة فانوس رمضان وشيوعه حول العالم بوصفه رمزاً رمضانياً؛ فإن الجميع يتفق على أن الشرارة انطلقت من القاهرة الفاطمية.

بدأت القصة من أكثر من عشرة قرون في عام 969 ميلادي، عندما كان القاهريون ينتظرون وصول المعز لدين الله الفاطمي خلال الليل. وحتى يكون درب الحاكم مضاء ولا يغضب من السكان، أمر جوهر الصقلي نائب الحاكم وقائد الجند (الجيش) أن يضع سكان العاصمة الشموع المضاءة على طول الطريق أمام منازلهم.

ولتجنب انطفاء الشموع، وضع القاهريون قاعدة خشبية صغيرة أسفل الشموع، وأحاطوها بأوراق النخيل لحمايتها من الريح. وعندما مر الحاكم الفاطمي في المدينة أعجبته أضواء الشموع داخل هياكل حمايتها، وأصدر أمره بتعميم الفكرة وصناعتها بشكل حرفي. ثم أطلق الحاكم فرماناً، بأن يعلق كل منزل وحانوت بالعاصمة فانوساً أمامه، وكانت هناك غرامة وعقاب لمن يخالف ذلك؛ فازدهرت صناعة الفوانيس وانتشرت.

وفي نفس الفترة حرم الحاكم على النساء مغادرة منازلهن طوال العام إلا في شهر رمضان، بشرط أن يتقدمهن أبناؤهن أو أطفال ذووهن يحملون الفوانيس لإنارة الطريق وإبلاغ الرجال والمارة أن هناك سيدة تمر. ومع الوقت ارتبط الفانوس برمضان، ولأن الأطفال يعشقون الغناء والصياح، أصبحت عادة مصرية أن يحمل الأطفال الفوانيس في رمضان وهم يغنون ويصيحون في الشوارع. وبالرغم من سقوط الفاطميين، وزوال الدول بقيت العادات الشعبية كما هي.

اليوم، يوجد في مصر بضع عشرات من الورش التي تصنع الفانوس القديم من الصفيح والزجاج الملون المعشق، وبعد أن كانت منتجات تلك الورش تغطي البلاد كلها؛ أصبحت الآن لا تكفي حتى العاصمة، فصارت الفوانيس المستوردة تملأ كل مكان، خاصة الفوانيس الصينية التي نافست الفانوس التقليدي بالبلاستيك والخشب، وحتى بالزجاج الملون على الطرازات القديمة.

 

 

يستعد صناع الفوانيس التقليدية قبل رمضان بعشرة أشهر تقريباً، وأحياناً يظل العمل طوال العام، فالورشة الواحدة تنتج سنوياً حوالي خمسة آلاف فانوس فقط نظراً لصناعتها يدوياً واحداً تلو الآخر. وتشتهر مناطق شارع الأزهر بوجود معظم الورش القديمة في أحياء الغورية وشارع المعز والجمالية وباب الشعرية والعتبة وغيرها من الأماكن العتيقة التي يعود تاريخها لعصر الفاطميين ثم المماليك والعثمانيين.

تتنوع أحجام الفوانيس من الصغير الذي في حجم الكف إلى ذلك الذي يرتفع عدة أمتار، ويصل ثمنه إلى آلاف الجنيهات، والفوانيس عادة تصنع بالطلب وتوضع في مداخل الفنادق والمحال الكبيرة والمولات في شهر رمضان. أما الحجم المتوسط وفوانيس زينة المنازل والتي تعلق في الشرفات، فقد سيطر المنتج الصيني عليها لأنها الأجمل ألواناً والأفضل صناعة والأرخص ثمناً.

أما عن الفانوس التقليدي المصنوع من الصفيح ذي الشمعة المضاءة بداخله، فقد اختفى منذ عدة سنوات لصالح الفانوس الصيني الكهربي الناطق بأغاني رمضان؛ لكنه عاد مرة أخرى مؤخراً، إذ عادت الورش لتصنيعه مرة أخرى.

تجمّع قطع الفانوس وتلصق بلحام القصدير، ويصل عدد القطع في المتوسط إلى 55 قطعة، وقد تزيد حسب الشكل المرغوب وتفاصيله. ثم تُلصَق قطع الزجاج أيضاً داخل الفانوس، وبعضها يكون مرسوماً عليه بالألوان الخاصة التي تتحمل الحرارة. ويستطيع العامل الماهر أن يصنع حوالى مئة فانوس في الأسبوع الواحد حسب الحجم والشكل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى